لندن: كشفت موسكو عن اجتماع قريب يضم الدول الضامنة لمفاوضات أستانة الشهر المقبل، وذلك بعد إعلان طهران عزمها استضافة قمة تجمع رؤساء كل من روسيا وإيران وتركيا، بالتزامن مع تصعيد عسكري لقوات النظام في الجنوب السوري.

وأعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان ناقشا في اتصال هاتفي الخطوات المشتركة لتسوية الأزمة في سوريا، فيما بدأت قوات النظام السوري حملة قصف مكثف منذ فجر الأحد في محافظة القنيطرة جنوب سوريا حيث سيطرت على أولى البلدات في الريف. 

وأجرى بوتين، أمس السبت، اتصالا هاتفيا مع نظيره التركي، أردوغان، تناولا فيه مساعي حل الأزمة السورية وتعزيز التعاون المشترك.

الكرملين

وقال بيان للكرملين "الجانبان ناقشا قضايا على الأجندة الدولية والمشاكل الإقليمية، مع إيلاء عناية خاصة للخطوات المشتركة لحل الأزمة السورية بناء على قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة والاتفاقيات التي تم التوصل إليها ضمن إطار أستانة".

وهنأ بوتين نظيره التركي، بحسب البيان، على فوزه في الانتخابات الرئاسية التركية التي جرت مؤخرا، كما أكد الجانبان "الالتزام تجاه تعزيز التعاون في المجالات المختلفة واستمرار الاتصالات الثنائية".

كما كشفت موسكو، عن ترتيبات لاجتماع الدول الضامنة لعملية أستانة الشهر المقبل، بعد اجتماعهم نهاية الشهر الجاري في مدينة سوتشي الروسية، بحضور ممثلين عن المعارضة السورية والمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا.

ملف إدلب

وقال الاعلامي السوري عبسي سميسم لـ"إيلاف" إن اجتماع الدول الضامنة سوف يبحث بالدرجة الأولى موضوع إدلب وتبين ان كل مخرجات مسار أستانة "كانت تصب باتجاه تمكين النظام من مناطق تخفيف التصعيد من خلال تحييد المعارضة فيها وتمكين النظام عبر توجيه القوة الخاصة للنظام باتجاه جبهة واحدة للسيطرة عليها".

وحول ما يجري في القنيطرة الْيَوْم، أشار سميسم "ما يحدث في القنيطرة يرتبط بمصلحة إسرائيلية ثابتة غير قابلة للتغيير بالنسبة للأميركيين".

ورأى أن التفاهم تم على ما يبدو "مع روسيا لتحقيق هذه المصلحة، بينما مصالح الدول الأخرى هي مصالح تخضع التفاهمات، وبالتالي يمكن أن تتغير".

وأضاف أنه من الواضح أن التفاهمات الدولية " تسير باتجاه تمكين النظام من السيطرة على معظم المناطق السورية من خلال روسيا وخاصة المعابر، ويبدو أن حزب الاتحاد الديمقراطي قرأ هذا التوجه ، فلجأ للتفاوض مع النظام من أجل تسليم المناطق مع تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب".

المأمول من المعارضة

من جهتها قالت مزن مرشد عضو المكتب السياسي لتيار الغد السوري في حديث لـ "إيلاف" إن ما عودتنا عليه الدول الضامنة الثلاث روسيا تركيا إيران قبل كل اجتماع لهم "بأن تطمئننا بعزمها على الحل وايجاد صيغ التقارب وانهاء الصراع المسلح في البلاد مع عدة ضمانات وتعهدات".

من جهة ثانية، رأت مرشد أن ما كنا نشهده على الأرض كان بعيد كل البعد عن جوهر الاتفاقات والتوافقات والضمانات ما يؤكد وجود اتفاقات أخرى غير معلنة بين هذه الدول .

وأضافت، الواقع الذي لمسناه عندما خرج النظام بعد اتفاقات مناطق خفض التصعيد والمتفق عليها في أستانة "حيث استرجع النظام الغوطة واليوم يسترجع ما تبقى من درعا والقنيطرة".

وقالت "ما أراه حقيقةً أن هذه الاجتماعات لم تهدف ابداً لإيجاد حل للقضية السورية التي يزداد تعقيدها يوماً بعد آخر ولا هي للاتفاق على خارطة طريق تمنحنا في نهاية المطاف دولة مواطنة وقوانين وديمقراطية وتداول سلمي للسلطة بقدر ماهي اجتماعات ترسم خطوط التوافق بين مصالح هذه الدول وما يمكن اقتسامه من النفوذ والمصالح في مستقبل سوريا".

دخول النظام إلى إدلب

وأعربت مرشد عن خشيتها حول ما تم تداوله مؤخرًا عن اقتراب النظام من ادلب، مؤكدة أن ذلك سينسف أستانة إلا أن " ما سنجده قريباً هو تنازل عن ادلب وغير ادلب في سبيل صفقة أخرى اكثر ربحاً في الميزان السياسي لبعض الدول" .

وأشارت الى أن روسيا على ما يبدو" تريد أن تضمن استمرار وجودها العسكري في سوريا".

وحول إيران الدول الثالثة من الدول الضامنة أجابت "إيران لها مصالح راسخة وبعيدة المدى في سوريا في سبيل تحقيق حلمها بالهلال الشيعي المزعوم وهذا ما عملت عليه مع النظام من خلال التغيير الديموغرافي في البلاد وما تسعى له في ان يكون مستقبل سوريا متماشياً مع اهدافها البعيدة أقله ما حصل في العراق كمثال" .

وانتهت أخيراً الى ان "ما نأمله فعلاً أن تسهم المعارضة السياسية السورية بدور فاعل وحقيقي مع هذه الدول في الضغط باتجاه ايجاد حل يوقف اراقة الدماء ويمهد لحل سياسي حقيقي و دائم وقابل للحياة بات ملحاً الآن أكثر من أي وقت مضى".

اجتماع في طهران 

ويأتي التصريح الروسي بشأن الاجتماع غداة إعلان علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية للمرشد الإيراني علي خامنئي، أنه ناقش مع الرئيس الروسي الخميس الماضي، ترتيبات لعقد قمة قريباً بين زعماء الدول الضامنة في طهران مؤكداً أن الرئيس الروسي أبدى انفتاحه على الاجتماع المقبل في طهران والذي سيجمع رؤساء روسيا وإيران وتركيا قريباً.

وأعلن مندوب روسيا الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة غينادي غاتيلوف، لوكالات إعلام روسية، أن لقاء الدول الضامنة لوقف الأعمال العدائية في سوريا ومناقشة تشكيل اللجنة الدستورية السورية، ربما يعقد في النصف الأول من الشهر المقبل .

وقال غاتيلوف إن التوافق على عقد مشاورات جديدة بين ثلاثية آستانة وستيفان دي ميستورا مستمر، مشيراً إلى أنه لا يستبعد أن يعقد اللقاء في النصف الأول من أغسطس بعد اللقاء الدولي حول سورية المقرر في سوتشي في 30 و31 يوليو الجاري.

وأوضح غاتيلوف أن اللقاء يفترض أن تحضره الدول الضامنة الثلاث، روسيا وتركيا وإيران، والجانب السوري وكذلك المراقبون. ويخطط على هامش هذه الفعالية لعقد اجتماع آخر لمجموعة العمل لتبادل المحتجزين والبحث عن المفقودين. 

وكان دي ميستورا أعلن الشهر الماضي، عقب لقائه في جنيف ممثلي الدول الضامنة، توصل الأطراف إلى تفاهم متبادل، معرباً عن أمله بالاجتماع مجدداً في جنيف خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لمواصلة المشاورات.