دبي: يرى خبراء ان هجوم المتمردين اليمنيين على ناقلتي النفط في مضيق باب المندب في البحر الاحمر يوفّر للسعودية والامارات فرصة للعمل على استقطاب دعم دولي أكبر لحربهما في اليمن وللهجوم باتجاه ميناء الحديدة.

ويعتبر الخبراء ان الهجوم قد يدفع دولا كبرى في مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا للانخراط بشكل أكثر مباشرة في النزاع المستمر في اليمن منذ سنوات.

وعقب هجوم الاربعاء، أوقفت السعودية، أكبر مصدر للخام في العالم، بشكل مؤقت كل شحنات النفط عبر مضيق باب المندب.

وأعلن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في بيان نشرته وسائل الاعلام الرسمية "تعليق جميع شحنات النفط الخام عبر مضيق باب المندب بشكل فوري مؤقت...الى ان تصبح الملاحة خلاله آمنة".

وبحسب شركة "ارامكو"، عملاقة النفط السعودي، فإن ناقلتي النفط العملاقتين تابعتان للشركة الوطنية السعودية "البحري"، وكانت كل منهما تحمل مليوني برميل من النفط لدى تعرضهما للهجوم في مياه البحر الاحمر.

واضافت الشركة ان احدى الناقلتين تعرضت "لأضرار طفيفة دون ان تقع أية اصابات" بشرية.

الا ان المتمردين أكدوا عبر قناة "المسيرة" المتحدثة باسمهم، انهم استهدفوا "بارجة" سعودية "بصاروخ مناسب"، من دون الاشارة الى ناقلتي النفط.

من جهتها، دعت الحكومة اليمنية في بيان الاربعاء المجتمع الدولي الى "الوقوف بشكل فوري" مع القوات الحكومية "لتطهير الساحل الغربي من ميليشيا الحوثيين الانقلابية المدعومة من إيران، والضغط على تلك الميليشيا للانسحاب من مدينة الحديدة".

واعتبرت الحكومة اليمنية "أن استمرار سيطرة الميليشيا على الحديدة ومينائها الاستراتيجي ومناطق الساحل الغربي، سيعني استمرار هجماتها الإرهابية ضد حركة الملاحة الدولية".

وقال الخبير في شؤون الشرق الاوسط جيمس دورسي إن تعليق شحنات النفط "يوفر للسعودية والامارات فرصة لدفع المجتمع الدولي نحو التركيز على ايجاد حل للحرب الاهلية" في اليمن.

وتابع "تعليق شحنات النفط قد يؤدي الى تصاعد النزاع مع احتمال تدخل قوى خارجية لمساندة السعودية".

والخميس، ندد الامين العام للجامعة العربية احمد ابو الغيط بالهجوم على ناقلتي النفط وصرح السفير محمود عفيفي المتحدث الرسمي باسمه بأن "قيام الحوثيين باستهداف الملاحة البحرية في البحر الأحمر يُمثل تهديداً لحركة التجارة العالمية، ويُضاعف من المخاطر الأمنية في هذه المنطقة الاستراتيجية الهامة"، مُضيفاً أن "الأمر يتطلب موقفا ًموحداً من جانب المجتمع الدولي لشجب وردع هذا السلوك الخطير".

- "ضرورة التحرير" -
وتقود السعودية منذ آذار/مارس 2015 تحالفا عسكريا دعما للقوات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها وفي مواجهة المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء ومدينة الحديدة ومناطق أخرى. والامارات شريك رئيسي في التحالف.

ويشن التحالف منذ 13 حزيران/يونيو هجوما على ساحل البحر الاحمر، تقوده الامارات، باتجاه مدينة الحديدة للسيطرة على مينائها، وقد علق هجومه بعدما وصل الى مشارف المدينة، مطالبا المتمردين بالانسحاب منها وتسليم مينائها.

ويقول التحالف ان الميناء يشكل منطلقا للهجمات التي يشنها المتمردون في البحر الاحمر. كما يتهم ايران، الخصم اللدود للسعودية في المنطقة، بتهريب السلاح للحوثيين عبره.

وكتب وزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية انور قرقاش على حسابه على "تويتر" الخميس ان "استهداف ناقلتي النفط السعوديتين في البحر الأحمر يؤكد ضرورة تحرير الحديدة من ميليشيات الحوثي. الاعتداء الممنهج على الملاحة البحرية تصرف إرهابي أهوج".

وكان المتحدث الرسمي باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي قال في بيان نشرته وكالة الانباء السعودية الاربعاء ان "الهجوم الارهابي يشكل تهديداً خطيراً لحرية الملاحة البحرية والتجارة العالمية بمضيق باب المندب والبحر الأحمر".

وتابع ان "استمرار هذه المحاولات يثبت خطر هذه الميليشيا ومن يقف خلفها على الأمن الإقليمي والدولي، ويؤكد استمرار استخدام ميناء الحديدة كنقطة انطلاق للعمليات الهجومية الإرهابية".

وتزامن الهجوم واعلان السعودية تعليق شحنات النفط مع وصول المبعوث الدولي لليمن مارتن غريفيث الى صنعاء لاجراء محادثات مع المتمردين بهدف استئناف عملية السلام وتجنيب مدينة الحديدة الحرب. 

- زيادة التوترات -
ويربط باب المندب البحر الاحمر ببحر العرب، ويعتبر أحد أبرز مسارات النفط والتجارة في المنطقة والعالم. وتعبر ناقلات النفط الخليج عبر المضيق للدخول الى البحر الاحمر متوجهة نحو اوروبا عبر قناة السويس.

ويعبر نحو 4,8 ملايين برميل نفط الممر يوميا، بحسب إدارة معلومات الطاقة الاميركية. وتمثل كمية النفط هذه 8 بالمئة من امدادات النفط العالمية، مقارنة ب30 بالمئة تمر عبر مضيق هرمز.

وارتفعت أسعار الخام بشكل طفيف بعد هجوم الاربعاء، لكن خبراء في قطاع النفط استبعدوا ان تستمر هذه الزيادة لوقت طويل.

وقال الخبير النفطي الكويتي كامل الحرمي لوكالة فرانس برس إن "التعليق السعودي المؤقت سيدفع نحو زيادة الاسعار لمدة محددة".

وأوضح أن القرار "سيتسبب بتأخير شحنات النفط لمدة 15 يوما اذ سيتوجب على ناقلات النفط التوجه نحو جنوب القارة الافريقية".

ويرى الحرمي ان التأثير الأكبر سيكون "عسكريا"، اذ ان الهجوم قد يصبح "سببا في تواجد بحري أكبر للعديد من الدول، وخصوصا الولايات المتحدة وروسيا، ما قد يدفع نحو مزيد من التوترات" المتصاعدة أصلا مع محاولة الولايات المتحدة التضييق على قطاع النفط الايراني.