تلفت قبائل حجور بمديرية كشر بمحافظة حجة الانتباه اليها بعد تمكنها من الصمود في وجه جماعة أنصار الله الحوثي لأسابيع متتالية، مستفيدة من دعم التحالف الذي تقوده السعودية.

إيلاف: أعلنت جماعة الحوثي مساء السبت الماضي، التعبئة العامة في محافظتي عمران وحجة ضد قبائل حجور التي تصفها بـ"المتمردة"، ودفعت الجماعة التي تسيطر على صنعاء وتحظى بدعم إيراني، بتعزيزات عسكرية كبيرة خلال الأيام الماضية إلى مناطق المواجهات مع قبائل عذر وحَجُور بهدف إحكام محاصرتها، لا سيما في مديرية كُشِر التي تشهد معارك طاحنة منذ ثلاثة أسابيع.

انتصارات وصمود

تمكّن مقاتلو قبائل حجور اليمنية من تحقيق انتصارات كبيرة ضد الحوثيين، بإسناد جوي من طائرات "تحالف دعم الشرعية"، في مديرية كشر شمال غرب محافظة حجة، ما أسفر عن مقتل عشرات من الحوثيين بينهم قيادات ومشائخ حوثية بارزة، بحسب تقارير صحافية.

وانتقلت القبائل من مرحلة الدفاع إلى الهجوم بعد إنزال رابع ناجح للأسلحة والمؤن، أسقطها طيران التحالف إلى حدود يوم الخميس، ليشنوا سلسلة هجمات متواصلة على مواقع المتمردين في الجهة الشرقية لمديرية كشر، وطردوا الحوثيين من جبال الشرفاني، ومغربة الشرفاني، وعريش العضلي.

&

مقتل قيادات

ووفقا لمصادر في المنطقة، قتل أكثر من 35 عنصراً من الحوثيين، بينهم القيادي عمار الكعبي، أحد شيوخ قبائل وائلة، كما فرّ المتمردون الحوثيون من جبال القواعد والعكيرة، والواسط، والزعلة والقشبة، والهجر، ووادي الذيب وقريات.

هذه السيطرة، مكنت القبائل من قطع خط الإمداد عن الحوثيين الذي يربط بين منطقة قريات وجبل المندالة.

وترافقت تلك المواجهات مع غارات شنتها مقاتلات التحالف بقيادة السعودية وكبدت الحوثيين عشرات القتلى والجرحى، وتدمير آليات عسكرية في جبلي المندالة، والشاحي، كما تظهر صور ومقاطع فيديو نشرت على الانترنت.

وأمس الاربعاء، أسقط مقاتلو قبائل حجور، طائرة «درون» للحوثيين بمنطقة العرام جنوبي المديرية، بحسب موقع "سبتمبر نت" الناطق باسم الجيش اليمني.

التحالف يغيّر المعادلة

تمكنت قبائل حجور بفضل امدادات السلاح والذخيرة والمؤونة التي سارع التحالف الى اسقاطها جوا، من السيطرة على جبل واسط الاستراتيجي المحاذي لجبل القيم شرقي مديرية كشر، والمطل على الخط الاسفلتي الرابط بين محافظة عمران ومثلث عاهم في المحافظة، لتحدث تغييرا حقيقيا في مسار المعارك، وتتحول من الدفاع إلى الهجوم.

وأكد "قائد مقاومة حجور" الشيخ أبومسلم الزعكري في تصريحات للاعلام أن "معنويات أبطال قبائل حجور مرتفعة في ظل الانتصارات التي حققوها ضد العدوان الحوثي البربري على منازلهم وقراهم منذ ما يزيد عن الشهر".

ولفت إلى أن رجال القبائل تمكنوا "بجهد ذاتي بسيط من مقاومة العدوان البربري الحوثي والتصدي للهجوم الغاشم بكل استبسال"، وأكد أن المعارك "أسفرت عن مصرع زهاء 150 عنصرا من مقاتلي الميليشيات الحوثية، وعدد من الجرحى، وإحراق عدد من المدرعات التي يمتلكونها".

وأضاف: "أحرقنا مدرعاتهم ودسنا على كبريائهم وتغطرسهم، وذلك بفضل الله واستبسال أبناء حجور الأبطال"، مؤكدا على أن النصر سيكون حليفهم، كونهم في موقف الحق، على حد تعبيره.

تأتي هذه الانتصارات بعد تلقي القبائل إمدادات عسكرية وغذائية من "تحالف دعم الشرعية" عبر عملية إنزال جوي رابعة جرى تنفيذها ليل الاربعاء - الخميس، في مناطق عدة من مديرية كشر، تم من خلالها تزويد مقاتلي القبائل بالأسلحة والذخائر والمواد الغذائية.

مخاوف الحوثي

يلقي الحوثيون بكلّ ثقلهم، من أجل حسم المواجهات ضد قبائل حجور، وإلحاق الهزيمة بها، وذلك حتى لا تتكرر انتفاضات قبلية جديدة في وجه الجماعة المدعومة من إيران والتي تسيطر على مساحات واسعة من اليمن.

وتعد قبائل حجور واحدة من القبائل اليمنية المؤيدة للحكومة التي يقودها عبد ربه منصور هادي وتحظى بدعم التحالف الذي تقوده السعودية، حيث ينخرط كثير من أبنائها في صفوف الجيش الخامس، الذي ينتشر في مناطق محيطة وقريبة من منطقة العبيسة التي تتبع بلدة كشر، حيث مسرح المواجهات مع الحوثي.

تعرضت تلك القبائل لحصار محكم من طرف الحوثيين منذ أكثر من عامين، وهي من كبرى قبائل "حاشد" النافذة، وتضم نحو 300 ألف نسمة، وتنتشر في 11 مديرية في محافظة حجة.

ويروج على نطاق واسع في اليمن أنّ هزيمة الحوثي لن تكون الا بانتفاضات قبلية نظرا للدور الحاسم للقبيلة في السياق اليمني الاجتماعي والثقافي والعسكري، وربما هذا ما يجعل من جماعة الحوثي تستشرس في قمع اي انتفاضة قبلية منعا لتوسّع حركة التمرّد القبلية، في حين يبذل التحالف الكثير من الجهد لاستمالة تلك القبائل ودفعها لأخذ مسافة من جماعة أنصار الله الحوثي.

عوامل مُناصرة

يرى مراقبون أن قدرة قبائل حجور على الصمود الى حد الآن في وجه الحوثيين، مردّه معطيات كثيرة، لعل أبرزها تماسك هذه القبائل وترابطها في ما بينها، ما جعلها كتلة صلبة أمام محاولات الحوثيين في تفكيكها، كما فعلت مع كل المناطق القبلية منذ أربعة أعوام.

كما يبرز العامل الجغرافي المهمّ، فما يمكن القبائل من الصمود في المواجهات، أن منطقة كشر التي تتواجد فيها تقع على مرتفعات جبلية، شكلت سياجا أمنيا لها من التمدد السهل للحوثيين، بحسب تصريحات الكاتب اليمني، أمجد خشافة لموقع عربي21.

كما أشار إلى أنه سبق لقبائل حجور أن خاضت حربا سابقة مع الحوثيين، حيث شهد العام 2012 قتالا شرسا، ألحق بالحوثيين خسائر كبيرة.

لكنه استدرك بالقول: معركة قبائل حجور اليوم مع الحوثيين مختلفة، إذ إن مسلحي الجماعة يقاتلون بثقل دولة صارت كل مواردها وقواتها وسلاحها بأيديهم.

ويرى المحللون أن تواصل الغارات التي يشنها التحالف في منطقة المواجهة، مع تواصل انزال السلاح والذخيرة والمؤونة جوا، سيكون عاملا مساعدا في كسر شوكة الحوثيين على يد تلك القبائل في كشر.
&