ينتظر الشعب المصري خلال الأيام القليلة المقبلة حدثًا فريدًا من نوعه، متمثلًا في إطلاق أول أذان موحد في جميع مساجد، في خطوة لقت ترحيبًا كبيرًا من قبل جموع الشعب؛ للقضاء على رداءة أصوات الكثير من المؤذنين داخل المساجد حاليًا.

إيلاف من القاهرة: بدأت وزارة الأوقاف المصرية الانتقال من المرحلة التجريبية إلى مرحلة البث الدائم لمشروع الأذان الموحد على أن يتم تعميمه على كل مساجد الجمهورية، حيث حددت الأوقاف سبعة مساجد &كبيرة لتنطلق منها تجرِبة الأذان الموحد بشكل رسمي، وذلك بعد أن حددت 115 مسجدًا في المرحلة الأولى التجريبية للأذان الموحد؛ &للقضاء على عشوائية الميكروفونات، وقال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف: "إنه سيتم إنشاء نقاط بث للأذان الموحد في المحافظات لمراعاة فروق التوقيت".

مضيفًا أنه سيتم التعاقد مع عدد من الشركات للتوسع في الأذان الموحد وتعميمه على جميع المساجد، وقد تم الانتهاء من إلحاق 60 جهاز ريسيفر بالمساجد لاستقبال الأذان الموحد، مشيرًا إلى أنه سيتم تدريب مقيمي الشعائر على الأجهزة الجديدة.

وذكر &الدكتور محمد مختار جمعة، أن من المساجد التي سينطلق منها تجربة الأذان الموحد: "مسجد الفتح برمسيس، ومسجد النور بالعباسية، ومسجد حسان بن ثابت، ومسجد عمرو بن العاص،ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، ومسجد سيدنا الحسين" .

البث التجريبي

وقد أعلنت وزارة الأوقاف، عن نجاح تجربة الأذان الموحد &في مرحلة البث التجريبي، موضحة أنها بدأت في 113 مسجدًا، وتم تشكيل فريق عمل بالتنسيق مع الهيئة الوطنية للإعلام، ووزارة الاتصالات &لمتابعة المشروع، وتم اختبار أجهزة الاستقبال بالمساجد التي بدأت البث التجريبي للأذان الموحد، حيث تم &بث أذان الفجر بشكل جيد، وكذلك أوقات الصلوات الخمس يوميًا طوال فترة البث التجريبي، وتقوم وزارة الأوقاف حاليًا &بتقييم &فترة البث التجريبي من خلال المساجد التي بدأت الأذان الموحد؛ لمتابعة انتظام التجربة &قبل انطلاق البث الرسمي.

طريقة التشغيل

تعتمد فكرة الأذان الموحد على إطلاق الأذان الحي بأن يقوم بالأذان مؤذن واحد من مسجد مركزي وينقل الأذان منه على الهواء مباشرة لجميع المساجد التابعة له، وفق أجهزة خاصة معدة لهذا الغرض، أو هو استقبال الأذان من باقي المساجد بواسطة البث الفضائي المباشر، فيُوَحَّد الأذان بأن يعمم على المساجد عبر شبكة إلكترونية، وتلقى الإشارة بناء على ضوء إشارة ضوئية وصوتية تنبيهية بالمساجد؛ ليقوم الموظف بفتح الهواء لتلقي إشارة البث، وفتح الميكروفون لرفع الشعيرة وإقامة الصلاة من قبل مؤذنين مختارين ذوي أصوات مميزة.

شكاوى عديدة

ولجأت وزارة الأوقاف إلى فكرة تطبيق الأذان الموحد ؛ استجابة للعديدة من الشكاوى التي تصل الوزارة من جانب المواطنين بشأن إنزعاجهم من صوت الأذان، وكان آخر تلك الشكاوى تصريحات الفنانة شيرين رضا، والتي وصفت بعض أصوات المؤذنين "بالجعير" وأنه يخلق حالة من الفزع للأطفال والأجانب، وأضافت شيرين رضا ، خلال لقائها في برنامج "أنا وأنا"، أن أصوات بعض المؤذنين تخلق هلعًا للأطفال والأجانب الموجودين في الشارع ، حيث إنهم يستغربون بشدة من صوت الأذان ،وأكدت شيرين رضا على رغبتها الشديدة بتنفيذ قرار توحيد صوت الآذان في أقرب وقت، لأنه أمر ضروري حقًا.

بداية الفكرة

بدأت فكرة الأذان الموحد في عهد وزير الأوقاف الأسبق «محمود حمدي زقزوق» في نهاية عام 2009 عن طريق إذاعة القاهرة الكبرى، وقامت وزارة الأوقاف حينها بالعديد من التجارب بالتعاون مع الهيئة العربية للتصنيع وكانت بها بعض السلبيات المتعلقة بضبط توقيت البرامج التي تذاع قبل وبعد الأذان في مناطق مثل مصر الجديدة ومدينة نصر والمعادي والهرم، ولكن تعطل القرار عدة سنوات بعد أن تم تجربته في نطاق محدود من المساجد على مستوى القاهرة خاصة بعد أعقاب ثورة 52 يناير، وحديث وزارة الأوقاف عن سرقة المعدات والأجهزة الإلكترونية التي كانت معدة لتعميم الفكرة.

وعاد الحديث عن تطبيق الفكرة من جديد في عام 2014، وطلبت وزارة الأوقاف من الاتصالات تشغيل شبكة ربط أجهزة الأذان الموحد على مستوى الجمهورية، ثم عادت الكرة مرة أخرى في 2016 ،عندما أجرت الأوقاف التجارب الفنية لإصلاح عيوب فنية في عمل منظومة اﻷذان الموحد، وذلك تمهيدًا لإطلاقه على مراحل قريبًا، في موعد يحدد بالتأكد من صلاحية المنظومة للعمل.

ومع بداية 2018 أعلن «محمد مختار جمعة»، وزير الأوقاف في حديثه للتليفزيون المصري، أنه يتم الآن دراسة الأمور الفنية والتقنية لتجربة الأذان الموحد في مناطق محدودة داخل القاهرة الكبرى ثم التوسع فيها، وأكد أنه سيتم الخروج بتجربة الأذان الموحد بتقنية فنية عالية تتلافى أي أخطاء حدثت في التجارب السابقة، ومع بداية العام الحالي 2019 بدأت وزارة الأوقاف أول الخطوات العملية لتطبيق فكرة الأذان الموحد خلال المساجد الكبرى بمحافظة القاهرة .

ضبط الدعوة

من جانبه أكد الشيخ جابر طايع، المتحدث الرسمي باسم وزارة الأوقاف ورئيس القطاع الديني ، أن &الأذان الموحد أحد أهم الركائز في ملف &تجديد الخطاب الديني ، حيث تسعى الأوقاف إلى ضبط العملية الدعوية داخل المساجد &، ولا سيما الأذان الموحد مع أصوات متميزة تحبب الناس في الاستماع إلى المؤذن سواء أكان بالمسجد أو مجاور له أو مار بالشارع،حيث تتلقى الوزارة العديد من الشكاوى بخصوص رداءة أصوات رافعي الأذان ،بجانب نطق البعض صيغة الأذان بصورة خاطئة.

وقال الشيخ جابر طايع، لـ"إيلاف": "إن &الوزارة تجنبت جميع المشاكل التي كانت سببًا مباشرًا في توقف المشروع عبر السنوات التسع الماضية ، والبث التجريبي للأذان الموحد نجح بشكل كبير ؛ ولهذا كان القرار بالانتقال من مرحلة التجريب إلى مرحلة التشغيل بشكل رسمي، وسيطبق في البداية على 7 مساجد كبيرة؛ ليتم تعميم التجربة فيما بعض على كافة مساجد الجمهورية ".

وأكد "طايع"، أن الوزارة سوف تختار أفضل الأصوات لرفع الأذان الموحد، وفي الوقت نفسه لن يتم الاستغناء عن المؤذنين العاملين حاليًا بالمساجد ،حيث سيتم تحويلهم للعمل كمقيم شعائر.

أزمة التوقيت

في الوقت نفسه، طالب الدكتور عبد الرحيم أحمد، الباحث في الشؤون الإسلامية، وزارة الأوقاف بضرورة دراسة تجربة الأذان الموحد جيدًا ، وفتح حوار بين العلماء في هذا الأمر،نظرًا لأن مثل هذه القضايا المستحدثة تحتاج إلى إجماع شرعي حولها.

وقال الدكتور عبد الرحيم: "إن هناك مشاكل في التقنية واجهت الوزارة في المرحلة التجريبية الحالية، وبالتالي فإن تطبيق الفكرة ليس بالأمر الهين ،كما تذكر الوزارة".

وأكد الداعية الإسلامي، لـ"إيلاف"، أن هناك أزمة شرعية قد تواجه وزارة الأوقاف عند تعميم تجربة الأذان على مستوى &128 ألف مسجدٍ، نظرًا لاختلاف التوقيت بين المحافظات، فهناك فارق زمني بين كل محافظة والأخرى، وبين كل منطقة وأخرى داخل المحافظة الواحدة.