كثيرة هي الأسئلة التي ربما تراودنا بخصوص تواريخ انتهاء صلاحية الأدوية التي نتناولها، فهل يعني تاريخ انتهاء الصلاحية الموضوع على علب وزجاجات الأدوية أي شيء؟ وهل يمكننا تناول الدواء بعد انتهاء تاريخ الصلاحية المنشور عليه؟ أم يتعين علينا في هذه الحالة أن نتخلص منه؟ وهل سنصاب بأضرار حال قمنا بتناول تلك الأدوية؟ وهل تفقد الأدوية فعاليتها في هذه الحالة؟ أو بمعنى أخر، هل تتعامل شركات تصنيع الأدوية بأمانة معنا حين يتعلق الأمر بتواريخ انتهاء الصلاحية التي تضعها على منتجاتها؟ أما أنها مجرد حيلة من قبل الشركات لحثنا على شراء أدوية جديدة على الدوام؟

وربما تدور كل هذه الأسئلة في بال الكثيرين منا، خاصة وأن هناك من يزعم أن تواريخ الصلاحية التي توضع على الأدوية لا تعني أي شيء، وأن فعاليتها تبقى كما هي حتى بعد مرور تاريخ الصلاحية المحدد لها من قبل الشركات المصنعة.&

وبقيام بعض الباحثين بفحص قواعد البيانات الطبية وإجراء ما يلزم من بحوث للوقوف على حقيقة الأمر، اتضحت حقائق هامة، أولها أن تاريخ انتهاء الصلاحية، الذي بدأ العمل به عام 1979، يحدد فقط التاريخ الذي تضمن فيه الشركة المصنعة الفاعلية والأمان الكامل للدواء، وهو لا يعني طول المدة التي يبقي فيها الدواء جيداً أو آمناً من حيث الاستخدام.&

وثاني هذه الحقائق أن السلطات الطبية تقول بشكل موحد إنه من الآمن تناول الأدوية بعد تاريخ انتهاء صلاحيتها، بغض النظر عما يقال عن مدى انتهاء صلاحية الأدوية المزعومة. وباستثناء ربما أندر الاستثناءات، لن ينتج عن ذلك أي أذى وبالتأكيد لن تحدث وفاة.

وأظهرت عديد الدراسات البحثية أن العقاقير منتهية الصلاحية قد تفقد بعض فعاليتها مع مرور الوقت، من 5٪ أو أقل إلى 50٪ أو أكثر، وأنه حتى بعد مرور 10 سنوات على "تاريخ انتهاء الصلاحية"، تظل معظم الأدوية تتمتع بقدر كبير من فعاليتها الأصلية.&

كما سبق أن أجرى الجيش الأميركي قبل حوالي 18 عاماً واحدة من أكبر الدراسات، وجاءت نتائجها لتدعم النقاط السابقة، حيث فحص الجيش خلالها مخزون أدوية تقدر قيمته بمليار دولار وقت أن كان يضطر لتدمير واستبدال إمداداته من الأدوية كل عامين إلى ثلاثة أعوام، حيث بدأ برنامجاً إختبارياً لمعرفة ما إن كانت هناك إمكانية لإطالة عمر مخزونها، وأظهرت الاختبارات الموسعة التي أجراها وقتها أطباء وباحثون من إدارة الغذاء والدواء الأميركية "FDA" أن حوالي 90 % من الأدوية ظلت آمنة وفعالة حتى بعد مرور 15 عاماً على تاريخ انتهاء الصلاحية.

وفي ضوء هذه النتائج، قال فرانسيس فلاهيرتي، المدير السابق لبرنامج الاختبار، إنه وجد أن تواريخ انتهاء الصلاحية التي تحددها الشركات المصنعة لا يكون لها أي تأثير عادةً حول ما إن كان الدواء قابلاً للاستخدام لفترة أطول، مشيراً إلى الشركة المصنعة يكون مطلوب منها إثبات أن الدواء لا يزال جيداً في أي تاريخ انتهاء صلاحية تحدده.&

وتابع فرانسيس، الذي عمل كصيدلي لدى إدارة الغذاء والدواء حتى تقاعده عام 1999، بتأكيده أن تاريخ انتهاء الصلاحية لا يعني، أو حتى يشير إلى، أن الدواء لن يصير فعالاً بعد ذلك، ولن يصبح ضاراً. كما نوه إلى أن الشركات تبادر بوضع تواريخ انتهاء الصلاحية لأغراض تسويقية، وليس لأسباب علمية، فليس في صالحها أن تبقى أدويتها على الأرفف في الصيدليات 10 أعوام، بل الأفضل أن يتم تداولها باستمرار.

فيما قال جويل ديفيس، الرئيس السابق لقسم الامتثال لتاريخ انتهاء الصلاحية لدى إدارة الغذاء والدواء، إنه مع وجود عدد قليل من الاستثناءات (أبرزها النتروجليسرين والأنسولين وبعض المضادات الحيوية السائلة)، فإن معظم العقاقير ربما تبقى بنفس فعاليتها كتلك التي اختبرتها إدارة FDA لصالح الجيش الأميركي من قبل.