أحمد العياد من الرياض: قال محللون لـ"إيلاف" إنّ القرار السعودي باستقبال قوات أميركية يبدو كرسالة تحذير لتعنّت إيران وتهديدها لاستقرار المنطقة، رغم أن المملكة تريد التنمية لا الحرب حاليا.

ووافق العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود يوم الجمعة الماضي، على استضافة قوات أميركية في المملكة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) الخطوة في بيان سابق، وقالت إنها سترسل قوات وموارد إلى السعودية لتقديم "رادع إضافي" في مواجهة التهديدات.

وجاءت هذه الخطوة وسط تصاعد التوترات بين واشنطن وطهران في الخليج مما أثر على أسواق النفط العالمية.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن مصدر مسؤول بوزارة الدفاع قوله إن القرار يهدف إلى "رفع مستوى العمل المشترك في الدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها وضمان السلم فيها".

وتباينت آراء المحللين والخبراء بخصوص عودة القوات الأميركية إلى السعودية بعد سنوات من رحيل معظمها عن السعودية.

وكانت الولايات المتحدة أرسلت قوات أميركية إلى السعودية عام 1991 إبان اجتياح الكويت. وغادرت القوات الأميركية بعد تحرير الكويت مباشرة، وكان عددهم مايقارب 500 ألف، وبقيت فقط القوات العاملة، والتي تعمل في &قاعدة الأمير سلطان في الخرج في جنوب الرياض.

ردع معنوي فقط

يقول المحلل السياسي الكويتي محمد الرميحي لـ"إيلاف"، إنّ المعركة مع ايران &تحتاج الى جنود وعدد أكبر كثيرا بمراحل مما هو موجود الآن من القوات الأميركية المرسلة مؤخرا الموجودة سابقا.

ويرى أنها "للردع المعنوي وعمل رمزي وإشارة سياسية اكثر من كونها حربا بالمعنى المعروف للحرب الكلية".

ويرجع ذلك إلى "أسباب خاصة بالولايات المتحدة، وأهمها &الانتخابات القادمة، وأخرى خاصة بإيران لأنها ترسل إشارات استعداد للدخول في مفاوضات و ما التكتيكات التي تقوم بها (احتجاز سفينة بريطانية) الا من اجل تحسين شروط المفاوضات"، على حدّ تعبيره.

المملكة تريد التنمية لا الحرب

من جانبه، يرى المحلّل السعودي حسن المصطفى في تصريحات لـ"إيلاف" أنّ السعودية "لا تسعى إلى الحرب مع إيران، لرغبتها تجنيب الخليج مزيدا من التوترات، ولأن لديها برنامجا تنمويا يتمثل في "رؤية 2030"، تريد أن تشتغل عليه، وتنفق المال على بنائه، عوضا من صرف الأموال في الحروب".

ويستدرك المصطفى قائلا: "في ذات الوقت، تعلم السعودية أن التنمية تحتاج إلى استقرار سياسي وأمني، وهذا الاستقرار لا يمكن أن يتم دون جهود مشتركة من مختلف الدول التي تطل على الخليج، والمعنية بسلامة الملاحة البحرية فيه".

يضيف: "قدوم القوات الأميركية لا يعني الحرب، وإنما هو رسالة ردع، تجاه أي تغيّرات إقليمية وتطورات سلبية، قد تهدد سلامة وأمن السعودية. وهي رسالة جدية على الجهوزية القصوى، وربما تكون خطوة لتشكيل نواة تحالف دولي لحماية ناقلات النفط في الخليج".

ويرى أن القوات التي وافق العاهل السعودي على استقبالها، تنبئ عن حجم التنسيق بين الرياض وواشنطن، وأهمية الخليج في العلاقة الثنائية بين الدولتين، وكيف أن أمنه واستقراره ليس حاجة لدوله فقط، بل ضرورة حتى لتلك الدول البعيدة، كون الخليج الخزان الرئيس للطاقة في العالم، على حد&تعبيره.

ويضيف: "إيران قد تقرأ أن قدوم القوات الأميركية، رسالة موجهة لها. وهذا صحيح، فعلى الإيرانيين أن يعرفوا أن السعودية وحلفاءها لن يقفوا متفرجين على الممرات المائية وهي تتعرض للمضايقات، أو الأهداف العسكرية والمدنية والنفطية، تتعرض للقصف بالصواريخ والطائرات المسيرة. فالسعوديون،يؤيدون العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني، بغية دفعه لتغيير سلوكه، والدخول في مفاوضات جدية وعملية، وهذا ما على الإيرانيين العمل عليه بجدية، وتحسين علاقاتهم بدول الجوار، وتخفيف أجواء الاحتقان. وإلا فإن سياسة اللعب على حافة الهاوية، من الممكن أن تجرهم وتجر المنطقة إلى حرب مفتوحة".

الضغط مستمرّ

غرّد المحلل السياسي هشام الغنام على تويتر قائلا: "حسب تصوري يجب أن يقرأ هذا القرار السعودي الذي يبدو مفاجئا بالشكل التالي. الالتزام وحجم التنسيق السعودي الأميركي هو الأعلى في مستوياته، تحديدا في هذا الملف وبهذا التوقيت الحرج الذي يمر به الإقليم. الرسالة الأهم والتي يبتغيها هذا القرار بظني ويريد إيصالها للجميع وعلى رأسهم إيران ومن يتعاطف معها من (القريب) قبل البعيد، أن الضغط الأقصى سيستمر على النظام الإيراني ولن يكون هناك أي تراجع أو تنازل تعتقد إيران أنها ستتحصل عليه بأفعالها الخطرة الأخيرة".

وواصل الغنام تغريداته قائلا: "القرار مؤداه، أن القوة الصلبة والعسكرية ستستخدم حال الاحتياج ولن يتم الإكتفاء بالجهود الدبلوماسية والوساطات وهذا يعني أن النظام الإيراني نفسه في مرمى النار إن هو ظن أنه سيستمر بتهديد الملاحة والتعدي على جيرانه وتهديد السلم والاقتصاد العالمي، فوق ذلك كله ستبقى العقوبات الاقتصادية".

ويختم بقوله: "القرار يقول باختصار: المعادلة بالنسبة للملكة باتت (صفرية) في تعاملها مع النظام الإيراني. سلامة الخليج والمملكة وشعبها فوق أي صفقات سياسية أو تنازلات ومواجهة تصعيد إيران مبررة بكل منطق سياسي وتحت أي قانون دولي ولن يكون هناك تهاون من السعودية في ذلك".

يشار إلى أنّ مسؤولا أميركيا قال إن العملية ستشمل إرسال نحو 500 فرد من الجيش الأميركي إلى السعودية وإنها تأتي في إطار زيادة عدد القوات الأميركية في الشرق الأوسط التي أعلنها البنتاغون الشهر الماضي.

وفي يونيو، قال البنتاغون إنه سيرسل ألف جندي إلى الشرق الأوسط دون أن يذكر إلى أين على وجه التحديد.

وتدهورت العلاقات بين واشنطن وطهران العام الماضي عندما انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 بين القوى العالمية وإيران.

وبموجب الاتفاق، وافقت إيران على تقييد أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات. لكن الولايات المتحدة أعادت فرض العقوبات مما أضر الاقتصاد الإيراني بشدة.