هكذا بدأ أسبوع لندن للموضة، الذي يعد اليوم من أهم المحطات العالمية السنوية في عالم الأزياء، وهذه هي &سيرته الموجزة.

تتميز كل عاصمة من عواصم الموضة الأربع الكبرى بمزاج خاص جدًا، بدءًا بما تشتهر به ميلانو من غلو وجاذبية جنسية، ووصولًا إلى حرفية باريس المتميزة. وحين يتعلق الأمر بلندن، يكون الحديث عن الخيال الذي لا يعرف الخوف، لا سيما أن هناك مصممين متخصصين في التمرد الساخر والعروض الصارخة وعدم إيضاح الخطوط الفاصلة بين الفن والتجارة.

بطبيعة الحال، أي من هذه المدن التي تستضيف عددًا لا يحصى من المصممين خلال "أسبوع الموضة" الذي يقام فيها مرتين في العام، لا تتلاءم تمامًا مع الفئات المنسوبة إليها؛ إذ إن الواقع يبدو ممتدًا ومترامي الأطراف بشكل أكبر. مع هذا، ثمة شيء مرح وجريء في تاريخ الموضة في لندن.

فبدءًا من حقبة الستينيات المتأرجحة التي تميزت بأزياء "بيبا" المرموقة المثيرة التي كان يقدمها مصممون من أمثال ماري كوانت وأوسي كلارك وباربرا هولانيكي، ووصولًا إلى موضة "بانك" المثيرة التي تقدمها المصممة فيفيان ويستوود، والرؤى المظلمة والدرامية التي يقدمها المصمم ألكسندر ماكوين، تمتلك لندن إرثًا طويلًا من إنتاج التصاميم الاستثنائية، فضلًا عن أن أسبوع الموضة الخاص بها من أقدم أسابيع الموضة مقارنة بباقي مدن الموضة، حيث بدأ بصورة رسمية فقط قبل حوالي 35 عامًا.

بدايات أسبوع لندن للموضة

كانت البداية مع ادعاء كثيرين وضع حجر الأساس لفاعليات هذا الأسبوع، بينهم بيرسي سافاج، خبير دعاية الموضة والأزياء الذي سبق له أن ساهم في تحسين وضعية لانفان وإيف سان لوران في باريس قبل الانتقال إلى لندن في عام 1974، حيث أقام سافاج أول عرض أزياء خاص به "The New Wave" في فندق ريتز، والذي أعقبه خلال مدة قصيرة عرض "London Collections" الذي ضم مصممين مثل زاندرا رودس وبروس أولدفيلد، بحضور الأميرة مارغريت وبيانكا جاغر في الصف الأمامي.

لكن ولادة أسبوع لندن للموضة بشكله الذي نعرفه اليوم لم تأت إلا في العقد التالي مع تأسيس مجلس الموضة البريطاني (BFC) في عام 1983، ومن ثم إقامة أول أسبوع موضة رسمي في لندن في عام 1984، وإطلاق جائزة "مصمم العام" في العام نفسه، الجائزة التي نالتها كاترين هامنيت، التي أثارت زوبعة لاحقًا في لقائها الشهير مع مارغريت تاتشر حين ارتدت قميصًا مزينًا برسالة مناهضة للنووي تقول "58 في المئة لا يريدون بيرشينج".

أقيم أول أسبوع للموضة في لندن بموقف سيارات معهد الكومنولث في كينسينغتون، الذي استضاف مع محطة أنفاق "كينسينغتون أولمبيا" خلال باقي سنوات ثمانينيات القرن الماضي عدة مصممين بدءًا من غوست، بيتي جاكسون، جاسبر كونران وجون غاليانو (الذي شهد عرضه في عام 1989 أول ظهور للعارضة كيت موس وهي بسن 15 عامًا).

فترة صعبة

تأثر مشهد الأزياء في لندن بشكل كبير خلال تلك الفترة بعدة عوامل منها النوادي والثقافة المضادة والتصميم التطلعي. وجاء بعض العلامات الشهيرة، مثل BodyMap، التي تتسم بما تقدمه من أشكال مميزة ونماذج متنوعة، لتمهد الطريق أمام التغييرات التي تشتد الحاجة إليها في الصناعة، والتي تتباطأ حتى بعض العلامات اليوم في تدشينها. وبدأت المؤسسة الملكية تدخل على الخط مع إقامة الأميرة الراحلة ديانا حفل استقبال لعدد من المصممين في لانكستر هاوس في عام 1985، فضلًا عن حرصها على الظهور بتصاميم من توقيع مصممين بريطانيين بالداخل والخارج.

شَكَّل عقد التسعينيات من القرن الماضي فترة صعبة في تاريخ أسبوع لندن للموضة، حيث تسبب الركود الاقتصادي وتراجع وتيرة الاهتمام في تضاءل عدد المصممين المشاركين في عام 1992، على الرغم من أن تلك الفترة كانت أيضًا الفترة التي شهدت بزوغ نجم مصممين لامعين على شاكلة ألكسندر ماكوين وستيلا ماكارتني، الذين قدما أول عروض لهما في عامي 1992 و1995، على الترتيب. وكان عرض ماكارتني أكثر تميزًا، حيث شاركت فيه عارضات شهيرات وقتها، مثل كيت موس وياسمين لو بون وناعومي كامبيل.

لندن تفقد مواهبها

سجلت كامبيل قبلها حضورًا لافتًا حين ظهرت عارية في عرض خاص بفيليب تريسي أقيم في عام 1993 ضمن فاعليات أسبوع لندن للموضة، وهو العام نفسه الذي شهد إطلاق مبادرة NEWGEN التابعة لمجلس الموضة البريطاني بهدف دعم ورعاية المصممين الناشئين.

تغير مكان إقامة فاعليات الأسبوع في عام 1994، حيث بدأت تنظم معظم العروض في متحف التاريخ الطبيعي. وعلى الرغم من فقدان لندن بعضًا من أبرز مواهبها، بانتقال ماكوين إلى نيويورك في أواخر التسعينيات وملاحقة آخرين كثيرين من قبل دور الموضة الفرنسية في مطلع الألفية الحالية، إلا أن كثيرًا من العلامات بدأت تخرج إلى النور، وكان بينها ماتيو ويليامسون وجون روشا وجوليان ماكدونالد.

بحلول الألفية الجديدة، أقام المصمم حسين شلايان – المحبوب بالفعل بفضل تصاميمه الطليعية – عرضًا مميزًا تم فيه تحويل قطع الأثاث التي كانت في الخلفية إلى ملابس يمكن ارتدائها، وكانت أبرز لقطة في ذلك العرض عند ظهور عارضة ترتدي تنورة ثلاثية الشكل مصنوعة مما بدا في البداية أنها طاولة.

عروض كثيرة

علاوة على ذلك، عادت بيربيري في عام 2009 من ميلانو إلى لندن، وبدأت تبث عروضها عبر الإنترنت لجمهور شغوف بعالم الموضة. وقتها، بدأ مصممون آخرون يعودون إلى لندن في العام نفسه، مثل ماتيو ويليامسون، بول سميث، وليولا. كان العام أول عام تستضيف فيه دار سومرسيت أسبوع لندن للموضة، حيث أقيمت العروض بين مبانيها الجميلة، ما تزامن مع بزوغ صيحات الشارع التي تعرف باسم "street style".

تغير مكان إقامة أسبوع لندن للموضة مرتين من وقتها، حيث أقيم أولًا في موقف سيارات آخر (في شارع بروير بحي سوهو) قبل أن يستقر في متحف "Store Studios" بشارع ذا ستراند.

لكن، كما يحدث في باقي عواصم الموضة، بدأت تقام عروض كثيرة في أماكن جديدة، كمتحف تيت مودرن ومحاكم العدل الملكية، وأماكن مخصصة مثل قاعة ميكرز هاوس الخاصة بدار بيربيري في عام 2016، بالاتساق مع استمرار تألق مواهب لندن الرائعة في مجال التصميم، ما يعني ضمان بقاء أسبوع لندن للموضة تجربة متجددة كل عام.

أعدت "إيلاف" المادة بتصرف عن مجلة "فوغ". الأصل منشور على الرابط:
https://www.vogue.co.uk/arts-and-lifestyle/article/history-of-london-fashion-week