حددت مجموعة الأزمات الدولية أهم 10 نزاعات واجهها العالم في عام 2019، اختلفت فيها الأساليب والأدوات واختلفت معها طرائق وسبل تحقيق المصالح والنزاعات والحروب، فهل تستمر هي نفسها في عام 2020؟

"إيلاف" من بيروت: تعمل النزاعات المحلية كمرايا للاتجاهات العالمية. وتعكس التحولات في علاقات القوى العظمى، وشدة المنافسة، واتساع طموحات الجهات الفاعلة الإقليمية. وفي هذا التقرير نسلط الضوء على قضايا نالت اهتمام المجتمع الدولي في عام 2019.

1- أفغانستان

وسط تصاعد العنف، بات الرئيس الأفغاني أشرف غني على أعتاب الفوز بولاية ثانية، بعد أن أعلن مسؤولون في 22 ديسمبر أنه حقق أغلبية في الانتخابات الرئاسية. لكن، على الرغم من الفوز الواضح لغني، يبدو أن عواقب المعركة الانتخابية الصعبة التي جرت في 28 سبتمبر ستتواصل، مع إعلان منافسه رئيس السلطة التنفيذية عبد الله عبد الله أنه سيطعن في النتيجة.

لحظ العام الماضي بعض الضوء في العلاقة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان. ولأول مرة منذ بدء الحرب، أعطت واشنطن الأولوية للتوصل إلى اتفاق مع المتمردين. وبعد أشهر من المحادثات الهادئة، وافق المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد وقادة طالبان على مسودة نص بالأحرف الأولى.

بموجب الاتفاق، تعهدت الولايات المتحدة سحب قواتها من أفغانستان، وهو المطلب الرئيسي لطالبان، في المقابل، وعد المتمردون بفك علاقتهم بتنظيم القاعدة، وعدم جعل أفغانستان كبؤرة للتخطيط لشن هجمات في الخارج، والدخول في مفاوضات مع الحكومة الأفغانية وكذلك سماسرة السلطة الآخرين.

2- اليمن

في عام 2018، منع التدخل الدولي في اليمن ما اعتبره مسؤولو الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم من التدهور. وقد يوفر العام المقبل فرصة نادرة لإنهاء الحرب. هذه الفرصة، مع ذلك، هي نتاج التقاء العوامل المحلية والإقليمية والدولية، وإذا لم يتم اغتنامها الآن، فقد تتلاشى بسرعة.

تشير مجموعة الأزمات الدولية إلى أن فرصة السلام قد تتبخر، خصوصًا مع تصاعد التوترات الأميركية-الإيرانية في اليمن. لذلك تعتبر المجموعة أنه لا ينبغي الخلط بين هدوء الصراع العنيف في النصف الثاني من عام 2019 وطبيعته الجديدة. وتناشد بضرورة اغتنام فرصة السلام الآن.

3- إثيوبيا

منذ توليه منصبه في أبريل 2018، اتخذ رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد خطوات جريئة للانفتاح. فقد أنهى مواجهته المستمرة منذ عقود مع إريتريا المجاورة، وأفرج عن السجناء السياسيين، ورحب بالمتمردين العائدين من المنفى، وعين إصلاحيين في المؤسسات الرئيسية. وقد حاز على الجوائز في الداخل والخارج بما في ذلك جائزة نوبل للسلام لعام 2019.

لكن التحديات الهائلة تلوح في الأفق، حيث كانت الاحتجاجات الجماهيرية بين عامي 2015 و 2018 التي أوصلت آبي إلى السلطة مدفوعة في المقام الأول بالمظالم السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وكان لديها دلالات عرقية أيضًا، لا سيما في أكثر مناطق إثيوبيا اكتظاظًا بالسكان، أمهرة وأوروميا.

هذا، وتصاعد الصراع العرقي في جميع أنحاء البلاد، ما أسفر عن مقتل المئات وتشريد الملايين وإذكاء العداوة بين قادة أقوى المناطق. لذلك، قد تكون الانتخابات المقرر إجراؤها في مايو 2020، كما تراها مجموعة الأزمات الدولية، عنيفة ومثيرة للخلاف، ويمكن توقع ازدياد حدة الجدال الحاسم حول النظام الفدرالي الإثني في البلاد، والذي ينقل السلطة إلى مناطق محددة وفقًا للخطوط العرقية اللغوية.

4- بوركينا فاسو

مع تصاعد العنف، تضررت معظم مناطق الشمال والشرق في بوركينا فاسو، ما أدى إلى تشريد حوالي نصف مليون شخص (من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم 20 مليون) وتهديد الاستقرار في المناطق البعيدة، بما في ذلك الجنوب الغربي. وكان المسؤول في كثير من الأحيان عن هذه الاضطرابات غامضًا إضافة إلى جماعة أنصار الإسلام والجماعات الجهادية المتمركزة في مالي.

تعيق الاضطرابات في العاصمة واغادوغو الجهود المبذولة لكبح التمرد؛ إذ إن الناس ينزلون بانتظام إلى الشوارع للاحتجاج على ظروف العمل أو على فشل الحكومة في معالجة انعدام الأمن المتزايد. وقد يؤثر العنف على مصداقية انتخابات نوفمبر 2020، وبالتالي على شرعية الحكومة المقبلة.

تَركز التعاون بين بوركينا فاسو وجيرانها حتى الآن على العمليات العسكرية المشتركة. ومع ذلك، تشير مجموعة الأزمات الدولية أنه من الأفضل أن تركز حكومات المنطقة على تبادل المعلومات الاستخباراتية، وضبط الحدود، والسياسات الرامية إلى كسب القرويين في المناطق المتأثرة. وبدون هذه المؤشرات ترى المجموعة أن الاضطرابات ستستمر بشكل أكبر.

5- ليبيا

خلال العام الماضي، اتخذت الأزمة الليبية منعطفًا خطيرًا جديدًا. في أبريل 2019، فرضت قوات خليفة حفتر، المدعومة من قبل الحكومة في الشرق، حصارًا على العاصمة طرابلس الغرب، ما دفع البلاد نحو حرب شاملة.&

يعيق الصراع الدولي في ليبيا الجهود الرامية لإنهاء سفك الدماء، ويبدو أن المحاولة التي تقودها الأمم المتحدة في برلين لإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات بدأت تتلاشى. ولا يُعرف إذا كان مؤتمر السلام الذي تأمل الأمم المتحدة وألمانيا بإطلاقه في أوائل عام 2020 سيُعقد أم لا.

6- الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل والخليج العربي

أكدت سلسلة من الحوادث التي وقعت في الخليج العربي في العام الماضي، والتي بلغت ذروتها في هجوم 14 سبتمبر على منشآت آرامكو السعودية، كيف انتعشت المواجهة الأميركية - الإيرانية في جميع أنحاء المنطقة. وفي الوقت نفسه، ازدادت الضربات العسكرية الإسرائيلية المتكررة ضد الأهداف الإيرانية والمتصلة بإيران داخل سوريا ولبنان وكذلك في العراق وحوض البحر الأحمر.

دفع الاعتراف بالمخاطر العالية وتكاليف الحرب، بعض المنافسين للإيرانيين في الخليج للسعي إلى وقف التصعيد، حتى مع استمرارهم في دعم نهج "أقصى ضغط" لإدارة ترمب. وبذلك فتحت الإمارات العربية المتحدة خطوط اتصال مع طهران، ودخلت المملكة العربية السعودية في حوار جاد مع الحوثيين في اليمن.

لكن مع انعدام الثقة العميق، يميل كل جانب، بحسب مجموعة الأزمات الدولية، إلى انتظار الطرف الآخر لتقديم التنازل أولًا. ولا يزال من الممكن تحقيق انفراجة دبلوماسية لتهدئة التوترات بين دول الخليج وإيران أو بين واشنطن وطهران.&

7 الولايات المتحدة - كوريا الشمالية

انهارت المفاوضات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في فبراير 2019 عندما تعمقت الهوة بين الزعيمين كيم وترمب حول نطاق الزمني لنزع السلاح النووي وتخفيف العقوبات. وتوتر الجو الدبلوماسي، في أبريل 2019، عندما حدد كيم من جانب واحد موعدًا نهائيًا في نهاية العام لحكومة الولايات المتحدة لتقديم اتفاق يكسر الجمود.

صعدت بيونغ يانغ التي لا تزال تسعى إلى تخفيف العقوبات اختبارات الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، والتي يُفهم على نطاق واسع أنها مدفوعة بكل من الأسباب العملية (الاختبارات تساعد تكنولوجيا الصواريخ المثالية) والأسباب السياسية (يبدو أن تلك التجارب تهدف إلى الضغط على واشنطن لاقتراح صفقة تناسب بيونغ يانغ).

لذلك، تنصح مجموعة الأزمات الدولية الطرفين التفكير في ما سيحدث إذا فشلت الدبلوماسية. فإذا صعدت كوريا الشمالية استفزازاتها، يمكن أن تتصرف إدارة ترمب كما فعلت في عام 2017، من خلال تشديد العقوبات واستكشاف الخيارات العسكرية مع عواقب لا يمكن تصورها.

8- كشمير

أدى التصعيد بين الهند وباكستان في عام 2019 بشأن منطقة كشمير المتنازع عليها إلى إعادة تركيز الأزمة بشكل حاد. حيث يطالب كلا البلدين بإقليم الهيمالايا، الذي تقسمه حدود غير رسمية، والمعروفة باسم خط السيطرة، منذ الحرب الهندية الباكستانية الأولى بين عاميّ 1947-1948.

بدأت الشرطة الهندية باستخدام تقنية التعرف على الوجوه لفحص الحشود الضخمة التي تتظاهر ضد قانون الجنسية الجديد القائم على أساس الدين. وأثار قانون الجنسية الجديد للحكومة الهندية، والذي يُعتبر على نطاق واسع معاديًا للمسلمين، احتجاجات وردود فعل عنيفة من جانب الشرطة في أجزاء كثيرة من الهند. كونه يؤكد عزم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على تنفيذ أجندة قومية هندوسية.

يبدو، بحسب مجموعة الأزمات الدولية، أن حكومة مودي ليس لديها خريطة طريق لما سيأتي بعد ذلك. وإذا ظهرت أزمة جديدة، فسيتعين على القوى الأجنبية أن تلقي بثقلها للحفاظ على السلام على الحدود المتنازع عليها.

9- فنزويلا

انتهى عام حكومتيّ فنزويلا من دون قرار. لا يزال الرئيس نيكولاس مادورو مسؤولًا، حيث تخلص من الانتفاضة المدنية والعسكرية في أبريل وتغلب على المقاطعة الإقليمية وكومة من العقوبات الأميركية. لكن حكومته لا تزال معزولة ومحرومة من الموارد، بينما يعاني معظم الفنزويليين من الفقر المدقع وانهيار الخدمات العامة.

بينما تقلل الولايات المتحدة من أهمية احتمال حدوث تدخل عسكري، فإن القضية التي تُطرح الآن هي ما إذا كان عناد مادورو وعدم وجود الواقعية في واشنطن يعنيان اتساع حجم الأزمة، أو ما إذا كان يمكن للأصوات البراغماتية إيجاد طريق إلى الاتفاق.&

لا يزال هناك طريق تفاوضي للخروج من الاضطراب. إذ تقترح مجموعة الأزمات الدولية على المعارضة أن تتخلى عن مطالبها بمغادرة مادورو حاليًا؛ وأن تقوم الحكومة بخطوات تضمن إجراء انتخابات برلمانية ذات مصداقية ومراقبة دولية في عام 2020، فضلًا عن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وذات مصداقية متساوية في المستقبل القريب. وستحتاج الحكومة الأميركية بدورها إلى تخفيف العقوبات تدريجيًا مع إحراز تقدم نحو التوصل إلى اتفاق.

10- أوكرانيا

أعطى رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، الذي تم انتخابه في أبريل 2019، دفعة جديدة للجهود المبذولة لإنهاء الصراع المستمر منذ ست سنوات بين كييف والانفصاليين المدعومين من روسيا في منطقة دونباس بشرق البلاد.

تعهد زيلينسكي في أثناء حملته الانتخابية بصنع السلام. وقد فُسر فوزه الساحق وحزبه في انتخابات 2019 على أنه تفويض للقيام بذلك. وبدأ بالتفاوض على عمليات الانسحاب المتبادلة من مواقع المواجهة ووقف إطلاق النار مع روسيا وعملائها. وأبرم في سبتمبر المنصرم صفقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول تبادل الأسرى.

في ديسمبر الجاري، التقى زيلينسكي وبوتين في باريس مع ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. فشل الزعماء في الاتفاق على تسلسل للاتفاق، لكنهم تركوا خططًا لوقف إطلاق النار بشكل أكثر شمولًا، ومزيد من فك الارتباط في مواقع الخط الأمامي، وزيادة مراقبة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ونقاط عبور جديدة للمدنيين عند خط الاتصال الفاصل بين القوات الأوكرانية والانفصالية.

من شأن السلام، بحسب مجموعة الأزمات الدولية، أن يقدم أرباحًا واضحة لأوكرانيا، وأن يحمل فوائد بالنسبة لروسيا، فقد يؤدي إلى تخفيف العقوبات وإزالة عبء الدعم المالي والعسكري للمناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون. ويمكن الاستنتاج أن زيلينسكي سيحتاج إلى المساعدة من حلفائه الغربيين بينما يواصل هجومه الساحر في شرق أوكرانيا وتواصله مع موسكو.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "مجموعة الأزمات الدولية ". الأصل منشور على الرابط:

http://bit.ly/2Q8cerI