طهران: نفت السلطات الإيرانية بشكل قطعي فرضية تحطم طائرة البوينغ 727 الأوكرانية الأربعاء قرب طهران بصاروخ، وهذا ما يرجّحه عدد من الدول، خصوصًا كندا، التي قضى عدد من مواطنيها في الحادث.

ومساء، أعلنت كييف أنّ الخبراء الأوكرانيين الذين أرسلوا إلى إيران تمكنوا من الوصول إلى الصندوقين الأسودين اللذين عثر عليهما بعد وقت قليل من وقوع الحادثة الأربعاء.

نقلت وكالة فارس عن "مصدر مطلع" مساء الجمعة أنّ "سبب تحطم الطائرة الأوكرانية سيعلن عنه" السبت بعد اجتماع للجنة التحقيق "بحضور أطراف (إيرانية) وأجنبية".

وقعت الكارثة التي أسفر تحطمها عن مقتل جميع ركابها الـ176، معظمهم من الإيرانيين الكنديين، ولكن أيضًا بينهم أفغان وبريطانيون وسويديون وأوكرانيون بعد ساعات قليلة من إطلاق طهران صواريخ على قواعد يستخدمها الجيش الأميركي في العراق.

قالت أوتاوا ولندن الخميس إن الطائرة أسقطت بالتأكيد بصاروخ إيراني، عن طريق الخطأ على الأرجح، وهناك أشرطة فيديو على الإنترنت تؤيّد هذه الفرضية.

لكن رئيس منظمة الطيران المدني الإيرانية علي عابد زاده قال "هناك أمر واحد مؤكد هو أن هذه الطائرة لم تصب بصاروخ".
ونبّه المسؤول الإيراني إلى أن التحقيق "سيتطلب وقتًا"، محذرًا من كل تكهنات لا تأخذ في الاعتبار نتائج تحليل الصندوقين الأسودين للطائرة اللذين عثر عليهما الأربعاء.

كما حض مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني، حسام الدين آشنا، عبر تويتر الجمعة، وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية في الخارج على "عدم المشاركة في الحرب النفسية" على إيران في هذه القضية.

وعود بالشفافية
وتحطّمت الطائرة غرب طهران بعيد إقلاعها. وراج شريط فيديو من عشرين ثانية يظهر ما يبدو أنها لحظة إصابة الطائرة. ويظهر التسجيل جسمًا يتحرّك بشكل سريع ويرتفع في السماء قبل أن يظهر وميض ساطع، ثم يخفت، ويواصل تحرّكه إلى الأمام. وبعد ثوان عدة، سمع دوي انفجار.

قال المسؤول الإيراني "شاهدنا بعض الفيديوهات (...) تؤكد أن الطائرة اشتعلت فيها النار لمدة 60 إلى 70 ثانية"، لكن "القول إنها أصيبت بشيء ما لا يمكن أن يكون صحيحًا علميًا".

ومع تزايد الدعوات إلى كشف الحقيقة، وعدت طهران بإجراء تحقيق "شفاف" وبذل كل جهد لتسهيل مهمة البلدان التي لديها مواطنون بين الضحايا. وأعلن وزير الخارجية الأوكراني فاديم بريستايكو أنّ الخبراء الأوكرانيين يتلقون "تعاونًا كاملًا" من طهران. أضاف "نعتزم البدء قريبًا" في استخراج بيانات المحادثات المسجلة على الصندوقين الأسودين.

وقالت إيران، التي قطعت كندا علاقاتها معها في 2012، إنها تنتظر فريقًا كنديًا من عشرة أشخاص مكلف "الاهتمام بالأغراض المتعلقة بالضحايا الكنديين". ودعت إيران بوينغ الشركة الصانعة للطائرة المنكوبة، إلى "المشاركة" في التحقيق.

قال رئيس هيئة الطيران المدني الإيرانية "دعونا الأميركيين والكنديين والفرنسيين والأوكرانيين والسويديين إلى أن يكونوا حاضرين، وإلى أن يشاهدوا كيف نعمل"، مضيفًا "نحن نزهاء في إجراءاتنا".

وبإمكان فرنسا أن تشارك في التحقيق بوصفها دولة صانعة لمحركات الطائرة من خلال مجموعة سي إف إم أنترناشونال، وهي شركة مختلطة بين سافران الفرنسية وجنرال الكتريك الأميركية.

وقال مكتب التحقيق والتحاليل الفرنسي (بي آي إيه) إنه "عيّن ممثلًا معتمدًا للمشاركة في التحقيق". وأعلنت الوكالة الأميركية المكلفة أمن النقل أن واشنطن أيضًا ستشارك في التحقيق، وكذلك قالت نظيرتها الكندية.

قد لا يكون متعمدًا
وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي أن "فرضية ضرب الطائرة بصاروخ ليست مستبعدة، لكن ليست مؤكدة أيضًا" وذلك قبل إعلان كييف أنها تلقت من واشنطن "معطيات مهمة" عن الكارثة.

وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إنّ بلاده تعتبر أنّ الطائرة تعرّضت "على الأرجح" لصاروخ إيراني. واعتبر الحادث أسوأ كارثة طيران مدني تشهدها إيران منذ العام 1988 عندما أعلن الجيش الأميركي إسقاط طائرة تابعة لخطوط الطيران الإيرانية بالخطأ، ما أسفر عن مقتل 290 شخصًا كانوا على متنها.

أفاد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الخميس أن مصادر استخباراتية عدة أشارت إلى أن صاروخًا إيرانيًا أسقط طائرة الخطوط الأوكرانية الدولية في رحلتها "بي إس752" بعد إقلاعها من طهران، مضيفًا أن الأمر "قد لا يكون متعمدًا".

والجمعة، اعتبر أمين عام حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أنّ "لا وجود لأي سبب لعدم الوثوق" بمعلومات دول غربية عدة ترجّح فرضية الصاروخ.

لكن عابد زاده، الذي حذر من كل استنتاج متسرع، رفض هذه الرواية، مشددًا على أن "أي تصريحات تصدر قبل استخراج البيانات (من صندوقي الطائرة الأسودين) لا تعد آراء خبراء".

وعلّقت السلطات السويدية الجمعة الرحلات المباشرة بين السويد وإيران، عازية ذلك إلى "الافتقار للوضوح". كذلك، أعلنت لوفتهانزا الألمانية إلغاء رحلاتها اليومية إلى طهران حتى 20 يناير.