الرباط: قال سعد الدين العثماني أمين عام حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة المغربية، إن محيط بلاده القريب والبعيد يعيش "تحولات متسارعة وعميقة لها آثار وانعكاسات على بلادنا، وهو أمر طبيعي بالنظر للموقع الجيو-سياسي للمغرب".

وأضاف العثماني ، في كلمة ألقاها في اجتماع المجلس الوطني لحزبه، اليوم السبت، بمدينة سلا المجاورة الرباط "نشهد اليوم حدة في التوترات ونزوعات إلى عدم الاستقرار والفوضى والتجزئة في ظل المآسي الإنسانية المتفاقمة في عدد من الدول".

واعتبر رئيس الحكومة المغربية أن ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من توترات وصراعات تسهم فيها قوى دولية وإقليمية، مؤشر على تنامي "التدخل الأجنبي في المنطقة والتحكم في مقدراتها وتعميق تبعيتها".

وأكد العثماني أن المغرب يجري اختياراته وقراراته في إطار "ثوابت راسخة وحاكمة لسياساته الخارجية، تحفظ وتعزز استقلالية قراره الوطني وتصون سيادته الوطنية ووحدته الترابية".

وثمن رئيس الحكومة المغربية ما تتميز به بلاده من "استقرار سياسي ومؤسساتي، مستند على اختيارات دستورية واضحة"، وأشاد بما راكمته بلاده من قدرات جماعية على "امتصاص الاستهدافات الخارجية"، قال إنها مكنت المغرب من تجنب "كثير من المطبات والارتدادات، وحفظ له نموذجه السياسي الموحد والملتف وراء جلالة الملك محمد السادس".

وزاد العثماني مبينا أن الكثير من المحطات أثبتت "صواب نهج بلادنا واختياراتها، وهو الأمر الذي ينبغي أن يثمنه ويدعمه الفاعلون والمواطنون بما يعزز ويقوي ويحصن مناعة المغرب ويصون وحدته وتماسكه، خاصة أمام ما يشهده المحيط الخارجي من هزات سياسية واقتصادية واجتماعية، عمقتها الثورة الرقمية، وأمام اشتداد التنافس الدولي على مواقع نفوذ وتأثير متنوعة ومتعددة".

وأشار العثماني إلى أن المنطقة تعرف تطورات وتفاعلات تكشف "عمق حالة المراوحة بين توجهات النكوص الديموقراطي في بعض المناطق، واستمرار فعاليات التدافع السياسي والديموقراطي، والتي أكدت من جهة على التطلعات العميقة لشعوب المنطقة لمزيد من الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، ومن جهة ثانية الترابط العضوي لمسار التنمية ومسار البناء السياسي الديموقراطي".

ومضى العثماني موضحا أن هذا المسار يدعم "تجدد وتعدد حركات الاحتجاج السياسي في كثير من الدول، وهي الاحتجاجات التي تمضي في بعض الحالات دون سقف واضح للمطالب وبرزنامة من الشعارات تستهدف الأنساق السياسية جملة وتفصيلا، مع مطالب برحيل كل النخب والفاعلين"، ودعا إلى الانتباه إليه و"الاحتياط من مخاطره الكبيرة، وذلك باتخاذ الإجراءات والسياسات اللازمة والواجبة في الوقت المناسب".

واضاف "كما يقتضي الأمر أيضا الانتباه إلى مخاطر تبخيس العمل السياسي وإنهاك الفاعل السياسي، وإضعاف مؤسسات الوساطة، وما يترتب عن ذلك من شيوع لخطابات مسيئة للمؤسسات ومشيعة لليأس والانسحاب من الحياة العامة، وبروز أنماط جديدة من الفعل السياسي خارج الأطر الديموقراطية المؤسساتية، وبمضامين جذرية وشعبوية ورافضة، وهو ما يضعف بشكل كبير التفاعل مع العمل السياسي النبيل الذي لا غنى عنه في تدبير شؤون الدول والأمم".

في غضون ذلك، أشاد العثماني بحصيلة عمل حكومته مؤكدا أن التعديل الحكومي وتقليص عدد الوزارات فيها يمثل "إنجازا لأنه كان مطلبا شعبيا"، منوها بتعاون أحزاب الغالبية وتسهيل مهمته في تحقيق هذا الإصلاح.

وقلل العثماني من شأن الخلافات التي تتحدث عنها الصحافة داخل الغالبية، مؤكدا أن الوزراء يشتغلون في انسجام وتكامل داخل الحكومة وفي إطار البرنامج الحكومي المتفق عليه، معتبرا أن الأحزاب من حقها أن تعبر عن مواقفها المتباينة في عدد من القضايا لأن مرجعياتها مختلفة وهذا أمر طبيعي، وفق تقديره.

وجدد العثماني التأكيد على تمسك حزبه بالمرجعية الإسلامية وعدم التنازل عنها مهما كان الوضع، معتبرا ان من يروج هذا الكلام "حالم ومنجم ستكذب نبوءاته"، منوها بما حققه في حواره الداخلي من إعادة اللحمة الداخلية وتوحيد الصفوف بعد أزمة "البلوكاج".

ودعا العثماني أعضاء الحزب إلى المزيد من الثبات والصمود في سبيل خدمة الوطن ومواجهة التحديات والصعوبات، مؤكدا على ضرورة مواصلة الإصلاح ومواجهة الفساد الذي يتطلب انخراط مختلف مؤسسات الدولة والمجتمع المدني.