تلقت عائلات ضحايا الطائرة الأوكرانية من الجنسية الإيرانية تهديدات من جهات أمنية إيرانية، بحسب موقع "إيران انترناشيونال".

وقال الموقع الإيراني في تغريدة عبر صفحته الرسمية على تويتر، إن مصادر أبلغته بتلقي عائلات ضحايا الطائرة الأوكرانية من حاملي الجنسية الإيرانية تهديدات من قبل جهات أمنية، كي لا يتحدثوا مع وسائل إعلام فارسية تبث من خارج إيران بخصوص ضحاياهم وإلا لن يتسلموا جثث احبائهم الذين قتلوا في سقوط الطائرة.

وفي تبدّل كبير بعد ثلاثة أيّام على تحطّم الطائرة الأوكرانيّة، اعترفت إيران السبت بإسقاطها "عن طريق الخطأ"، مقدّمةً اعتذاراتها ومشيرةً إلى مسؤوليّة "نزعة المغامرة الأميركيّة" في هذه المأساة التي أدّت إلى مقتل 176 شخصاً.

وفي كندا التي يتحدّر منها عدد كبير من الضحايا، أعلن رئيس الوزراء جاستن ترودو أنّه طلب من إيران "توضيحًا كاملًا" لأسباب المأساة التي وقعت الأربعاء، معلنًا أنّ فريقًا من المحقّقين الكنديّين سيصل خلال ساعات إلى العاصمة الإيرانيّة.

وفي طهران، فرّقت الشرطة طلابًا كانوا يتجمّعون تكريمًا لضحايا الطائرة الذين كانوا بمعظمهم من الايرانيّين والكنديّين، وفق وكالة فارس للأنباء. وذكر التلفزيون الرسمي أنّهم أطلقوا شعارات "ضدّ النظام".

من جهته، كتب الرئيس الأميركي دونالد ترمب على تويتر محذّرًا السلطات الإيرانيّة، "لا يُمكن أن تكون هناك مجزرة أخرى بحَقّ المتظاهرين السلميّين، ولا قطع للإنترنت. العالم يُراقب".

ويشهد الشرق الأوسط توتّرات شديدة بين الأميركيّين والإيرانيّين، خصوصاً بعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بضربة أميركيّة في بغداد في 3 يناير.

ووعدت إيران بالانتقام لمقتله ورّدت ليل الأربعاء، قبيل تحطّم طائرة البوينغ 737، فأطلقت قوّاتها المسلّحة صواريخ على قاعدتين تضمّان عسكريّين أميركيّين في العراق، من دون أن يُسفر ذلك عن سقوط ضحايا.

وتحطّمت طائرة الرحلة "بي إس 752" التابعة للخطوط الأوكرانية الدولية ليل الأربعاء غرب طهران، بعيد إقلاعها. وأسفر تحطّمها عن مقتل جميع ركّابها الـ176، معظمهم إيرانيون وكنديون ولكن أيضًا بينهم أفغان وبريطانيّون وسويديّون وأوكرانيّون.

وبعدما نفت قطعًا فرضيّة إصابة الطائرة بصاروخ، التي تحدّثت عنها دول عدّة بينها كندا، اعترفت إيران أخيراً بالأمر.

وكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني في تغريدة "التحقيق الداخلي للقوّات المسلّحة خلص إلى أنّ صواريخ أطلقت للأسف عن طريق الخطأ أدّت إلى تحطم الطائرة الأوكرانية"، متحدّثاً عن "مأساة كبرى وخطأ لا يُغتفر".

ولاحقًا أعلنت الرئاسة الأوكرانية أنّ روحاني وعد في اتّصال هاتفي مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بإحالة المسؤولين عن إسقاط الطائرة "على القضاء".

وبحسب وكالة "فارس" الإيرانيّة للأنباء، أُبلغ المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي الجمعة بإسقاط الطائرة بسبب "خطأ بشري"، فأوعَز بإعلان نشر نتائج التحقيقات بصدق.

واعتبر مسؤول أميركي السبت أنّ إسقاط إيران طائرة الركّاب كان "خطأ فادحًا". وقال المسؤول الأميركي الرفيع إنّ "هذه كانت مأساة مروّعة"، مضيفًا "إيران ارتكبت خطأ فادحًا".

- "صاروخ كروز" -

وأوضحت القوّات المسلّحة الإيرانيّة في بيان لرئاسة الأركان أنّها اعتقدت أنّ الطائرة هي "هدف معاد". وقال الحرس الثوري الإيراني أنّه يبدو أنّ الطائرة اقتربت "من أحد المراكز العسكريّة الحسّاسة" التابعة له.

وأعلن قائد قوات الجو-فضاء التابعة للحرس الثوري الإيراني العميد أمير علي حاجي زادة تحمّل "المسؤوليّة كاملة" عن هذه المأساة.

وصرّح العميد أنّ الجنديّ الذي أطلق الصاروخ، اعتقد أنّ الطائرة "صاروخ كروز". وأضاف أنّه حاول التواصل مع القادة الأعلى منه رتبة "للتحقق من الهدف" لكنّه لم يتمكّن من ذلك لأنّه "حصل اضطراب على ما يبدو" في نظام الاتصالات.

وأشار إلى أنه كانت لديه "عشر ثوانٍ" لاتّخاذ القرار، مضيفاً "اتخذ القرار الخاطئ". ولفت إلى أنّ الصاروخ انفجر قُرب الطائرة.

من جهتها، طلبت السلطات السويدية من إيران "التعاون" في التحقيق بشأن تحطّم الطائرة الذي أودى بـ 17 شخصاً "مقيماً" في السويد.

واعتبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أنّ إقرار إيران بإسقاط الطائرة هو "خطوة أولى مهمّة".

بدورها، اشادت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل من موسكو باعتراف ايران باسقاط الطائرة.

واوصت الوكالة الاوروبية للسلامة الجوية الشركات الاوروبية بتفادي التحليق في الاجواء الايرانية "حتى اشعار آخر"، على ان تجري تقييما جديدا بداية الاسبوع المقبل.

- أسوأ كارثة منذ 1988 -

وانتشر تسجيل فيديو من عشرين ثانية يظهر ما يبدو أنها لحظة إصابة الطائرة. ويظهر التسجيل جسمًا يتحرّك بشكل سريع ويرتفع في السماء قبل أن يظهر وميض ساطع ثم يخفت ويواصل تحرّكه إلى الأمام. وبعد ثوانٍ عدّة، سمع دويّ انفجار.

وصرّح رئيس الوزراء الكندي الخميس أنّ مصادر استخباريّة عدّة أشارت إلى أنّ صاروخًا إيرانيًا أسقط طائرة الخطوط الأوكرانيّة الدولية في رحلتها "بي إس752" بعد إقلاعها من طهران، مضيفًا أنّ الأمر "قد لا يكون متعمّدًا".

وبينما تتالت الدعوات إلى كشف الحقيقة، وعدت إيران بإجراء تحقيق "شفّاف" وبذل كلّ الجهود لتسهيل مهمّة الدول التي كانت الطائرة تقلّ رعايا لها.

وأعلنت طهران التي قطعت علاقاتها بأوتاوا في 2012، أنها تنتظر وصول فريق كندي مكلف "الاهتمام بالشؤون المتعلقة بالضحايا الكنديين".

لكن وزير الخارجية الكندي فرنسوا فيليب شامباني أعلن أن إيران منحت تأشيرتي دخول لإثنين فقط من أعضاء فريق يضم 12 ممثلا كنديا ينتظر وصولهم إلى أراضيها، معبرا عن أمله في "تسوية مسألة التأشيرات العشر الأخرى بسرعة".

ودعت إيران مجموعة بوينغ الأميركية المصنعة للطائرة، إلى المشاركة في التحقيق، وكذلك الأميركيين والكنديين والفرنسيين والسويديين.

وهذه أسوأ كارثة شهدها قطاع الطيران المدني في إيران منذ مأساة طائرة الإيرباص التابعة لشركة "إيران إير" التي أودت بحياة 290 شخصاً، وأكد الجيش الأميركي أنه أسقطها عن طريق الخطأ عام 1988.