إيلاف من القاهرة: مع استمرار تعثر المفاوضات، واتهام مصر لأثيوبيا بـ"التعنت"، يعقد وزراء الخارجية والري لمصر والسودان وإثيوبيا اجتماعاً، غدًا الاثنين، في العاصمة الأميركية واشنطن.

وتوجه وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إلى واشنطن للمشاركة في الاجتماع، الذي يشارك فيه وزير الخزانة الأميركي ورئيس البنك الدولي لتقييم موقف مفاوضات سد النهضة الإثيوبي وما انتهت إليه الاجتماعات الأربعة التي عقدت على مدار شهرين لوضع قواعد لسياسة تخزين بحيرة السد وسياسة تشغيله.

ويهدف الاجتماع كذلك إلى استكمال التفاوض بهدف التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.

وعلمت "إيلاف" أن شكري، سوف يعقد لقاءات مكثفة مع مسؤولين أميركيين في البيت الأبيض، بالإضافة إلى أعضاء بارزين في الكونغرس، بهدف التشاور حول مختلف القضايا، ذات الاهتمام المشترك، ومنها الأزمة في ليبيا، بالإضافة إلى ملف سد النهضة.

ويسعى شكري إلى توضيح موقف مصر من السد، والتأكيد على أهمية ألا يتسبب في أضرار لبلاده، وأن تلتزم إثيوبيا بالعمل وفقًا للمواثيق والمعايير الدولية، والاتفاقيات التاريخية التي تحفظ لمصر حقها في مياه نهر النيل دون انتقاص منها.

وقال المتحدث باسم وزارة الري المصرية، المهندس محمد السباعي، إن إثيوبيا ليست لديها رغبة في التفاوض حول سد النهضة، مشيرا إلى أن ملء السد بشكل أحادي يخالف القانون الدولي وهو ما تلوح أديس أبابا بتنفيذه.

أضاف في تصريحات له، مساء أمس السبت، أن مصر خلال الفترة الماضية انخرطت في مفاوضات مع إثيوبيا قائمة على حسن النية للوصول الى اتفاق عادل ومتوازن.

وأوضح أنه تم عقد مجموعة من الاجتماعات بشأن مفاوضات السد وكان أخرها ما شهدته العاصمة أديس أبابا، ولم يتم الوصول إلى حل بشكل واضح، منوهًا بأن مصر قدمت مقترح بملء السد على مراحل تعتمد على النيل الأزرق وكميات الأمطار التي تتساقط، ولم يكن هناك ارتباط بعدد السنوات كما يثار، وهذا المقترح يقضي بملء السد في فترة تتراوح بين 6 و7 سنوات.

ولفت إلى أن مصر تتفاوض منذ عام 2014 بشأن سد النهضة، وتعتمد في مفاوضاتها على الاتفاقيات الدولية، معربًا عن تطلعه للتوصل إلى حلول خلال الاجتماع المقبل في واشنطن اليوم الأحد وغدًا الاثنين.

وقال مستشار وزير الري السابق، الدكتور ضياء القوصي، إن المفاوضات التي تجريها مصر مع إثيوبيا شاقة جدًا، لاسيما في ظل حالة التعنت غير المبرر التي تمارسها أديس أبابا.

وأضاف لـ"إيلاف" أن مسار المفاوضات طوال السنوات الماضية، يؤشر على أن الجانب الإثيوبي يعمل على إهدار الوقت، مع استمرار عمليات البناء حتى يكتمل السد وتكون مصر أمام الأمر الواقع، وهذا أسلوب غير لائق في المفاوضات الدولية.

وأشار إلى أن الاجتماعات التي ستجري في واشنطن بوساطة أميركية سوف تناقش السبل اللازمة لعدم إهدار حقوق مصر المائية في نهر النيل، موضحًا أن المفاوضات أمام مسارين لا ثالث لهما، إما حدوث انفراجة في الأزمة، أو استمرار التعنت الإثيوبي وبحث القاهرة سبلا جديدة للتصعيد، وحماية حقوقها المائية.

وقال الخبير في الموارد المائية، الدكتور عباس الشراقي، هناك تعنت واضح من إثيوبيا في المفاوضات، مشيرا إلى أنه ليس من المعقول أن تستمر المفاوضات منذ العام 2014، دون التوصل إلى أي اتفاق يرضي الطرفين.

وأضاف لـ"إيلاف" أن هذا التعثر يؤشر على وجود عدم رغبة لدى الطرف الإثيوبي في إنجاز المفاوضات، واستغلال عامل الوقت من أجل فرض الأمر الواقع، وبناء السد، منوهًا بأن مصر قدمت تنازلات واضحة وأعلنت أنها تتضامن مع إثيوبيا في حقها في التنمية وتحقيق الرفاهية لشعبها، ولكن ليس على حساب المصريين، الذين ليست لديهم أية موارد مائية إلا من خلال نهر النيل.

وذكر أن مصر لن تفقد الأمل، لاسيما في ظل تدخل الوسطاء الدوليين في المفاوضات، لافتًا إلى أنه في حال فشل المفاوضات الراهنة سيكون أمام مصر تقديم شكوى إلى الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، بهدف تسجيل انتهاك أديس أبابا للاتفاقيات الدولية للأنهار، وإصدار قرار أممي لإيقاف العمل في السد لحين التوصل إلى اتفاق لا يضر بمصالح القاهرة.

كانت الاجتماعات الفنية اختتمت أعمالها، الخميس الماضي، في العاصمة أديس أبابا، وأعلنت وزارة الري المصرية: "الدول الثلاث لم تتمكن من الوصول إلى توافق حول التصرفات المائية من سد النهضة في الظروف الهيدرولوجية المختلفة للنيل الأزرق".

وأضافت وزارة الري المصري، أن هناك إثيوبيا لا ترغب في اتخاذ إجراءات واضحة للحفاظ على قدرة السد العالى على مواجهة الآثار المختلفة التي قد تنتج عن ملء وتشغيل سد النهضة، خاصة إذا واكب ذلك فترة جفاف ممتد لعدة سنوات متتابعة.

وطالبت مصر ممثلة في وزارة الري بـ"ضرورة أن يتكامل سد النهضة بوصفه منشأ مائيا جديدا في نظام حوض النيل الشرقي للحفاظ على مرونة المنظومة المائية لمواجهة الظروف القاسية التي قد تنشأ عن ملء وتشغيل سد النهضة، إضافة إلى حالات الجفاف والآثار التي قد تنتج عن ظاهرة تغيّر المناخ".