واشنطن: يخصص الدستور الأميركي بضعة سطور فقط لآلية عزل الرئيس، تاركا هامش مناورة كبيرا أمام أعضاء مجلس الشيوخ لحسم إجراءات محاكمة دونالد ترمب التي تبدأ الثلاثاء.

ولم تشهد الولايات المتحدة في تاريخها من قبل سوى آليتي عزل بحق الرئيسين أندرو جونسون عام 1868 وبيل كلينتون الذي جرت محاكمته عام 1999 لإدلائه بإفادة كاذبة حول علاقة أقامها مع متدربة شابة في البيت الأبيض هي مونيكا لوينسكي.

- الثلاثاء: قوانين اللعبة-

تبدأ المداولات في مجلس الشيوخ مع إقرار مذكرة تحدد قواعد الآلية لمراحل المحاكمة التالية.

وأفاد زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل عن مشروع قرار يحظى بموافقة الجمهوريين الـ53 من أصل مئة في مجلس الشيوخ، ينص على إطار "مشابه للغاية" للإجراءات التي اعتمدت في محاكمة بيل كلينتون.

واتفق أعضاء مجلس الشيوخ في ذلك الحين على عقد اجتماع علني بعد ظهر كل يوم، مع تخصيص أول ثلاثة أيام لعرض حجج الاتهام، والأيام الثلاثة التالية لحجج الدفاع. وبعد ذلك أرسل أعضاء مجلس الشيوخ أسئلتهم سواء في سياق الاتهام او في سياق الدفاع خطيا إلى رئيس المحكمة العليا، وجرت معالجة المسائل الأخرى الشائكة لاحقا في جلسات مغلقة.

أما في محاكمة ترمب، فيعتزم الجمهوريون تقصير فترة المداولات، وهو ما تندد به المعارضة الديموقراطية.

- عرض الحجج -

يعرض فريق الاتهام برئاسة النائب الديموقراطي آدم شيف الاتهامين اللذين صادق عليهما مجلس النواب بحق الرئيس في 18 كانون الأول/ديسمبر بعد تحقيق استمر ثلاثة أشهر، وهما استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس.

أما فريق الدفاع الذي رفض حتى الآن المشاركة في المداولات، فسيؤكد أن الرئيس مارس صلاحياته الدستورية بطلبه إلى أوكرانيا التحقيق بشأن خصمه الديموقراطي دو بايدن الذي عمل ابنه هانتر في شركة "بوريسما" الأوكرانية للطاقة، ثم برفضه التعاون مع تحقيق "غير دستوري".

- الغموض حول مسألة الشهود -

وعلى سبيل المقارنة، بحث أعضاء مجلس الشيوخ في جلسة مغلقة عام 1999 سبل الاستماع إلى الشهود ولا سيما مونيكا لوينسكي بدون الخوض في تفاصيل العلاقة بينها وبين الرئيس السابق، واتفقوا على الاستماع إلى إفادة المتدربة الشابة عبر الفيديو.

أما في محاكمة ترمب، فيطالب الديموقراطيون بالاستماع إلى أربعة من أقرب مستشاريه لم يأذن لهم البيت الأبيض بالمثول في الكونغرس، وبينهم المستشار السابق للأمن القومي جون بولتون الذي أبدى استعداده للامتثال في حال استدعائه.

ولا يؤيد البيت الأبيض ولا حليفه ميتش ماكونيل الاستماع إلى إفادة بولتون.

والديموقراطيون بحاجة إلى 51 صوتا لفرض استدعاء شهود، ما يحتم عليهم إقناع أربعة جمهوريين بالانضمام إليهم، وهو ما يبدو مستبعدا في ظل الانقسام السياسي الحاد والتوتر السائد بين المعسكرين.

وأبلغت السناتورة الجمهورية سوزان كولينز أنها ستؤيد "على الأرجح" طلب شهود، لكن فقط بعد الاستماع إلى حجج الطرفين. كما يبدي جمهوريون آخرون استعدادا لذلك بشرط استدعاء نجل جو بايدن أيضا، وهو ما يعتبره الديموقراطيون خارجا تماما عن إطار آلية العزل.

- نتيجة المحاكمة-

أثناء محاكمة بيل كلينتون، رفض أعضاء مجلس الشيوخ في جلسة مغلقة "مذكرة برد الإجراءات" كانت تهدف إلى وضع حد للآلية بإعلانها باطلة ولاغية.

وألمح ترمب إلى هذه الفرضية في تغريدة، لكن ماكونيل رأى أنها لا تحظى بتأييد في مجلس الشيوخ.

ومن المرجح بالتالي أن تنتهي المحاكمة طبقا لما ينص عليه الدستور بتصويت أعضاء مجلس الشيوخ على إدانة الرئيس أو تبرئته.

ومن شبه المؤكد أن يكون القرار تبرئة الرئيس إذ يشترط الدستور غالبية الثلثين لإقالة رئيس.