أسامة مهدي: فيما تشهد بغداد مليونية احتجاج يتقدمها الطلبة اليوم فقد عبرت الامم المتحدة عن غضبها من عدم محاسبة قاتلي المحتجين بينما سعى الصدر لتبرير موقفه من التخلي عن المتظاهرين مجمدًا عضوية أحد مساعديه لدعمه لهم خلافا لتعليماته.

وفي تغريدة لها على حساب بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق على شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر"، فقد عبرت ممثلة الامين العام للامم المتحدة جينين هينيس-بلاسخارت عن غضبها من عدم مساءلة قاتلي العراقيين وعدم التساهل مع المحتجين.

وقالت بلاسخارت في تغريدتها التي تابعتها "إيلاف" إن "عدم مساءلة المتورطين بقتل العراقيين وعدم التساهل مع من يعبر عن رأيه بشجاعة منذ 4 أشهر وحتى الآن لا يحققان ما آمل به العراقيون، في حين أن عدد القتلى والإصابات مستمر في الارتفاع".

عبد الرحمن صلاح قتل برصاص الأمن أمس في محافظة ديالى شمال بغداد

وأشارت إلى أن "الخطوات المتخذة ستبقى حتى الآن جوفاء إذا لم تكتمل".. مشددة على ضرورة "خدمة الناس وحمايتهم وليس الاضطهاد بعنف".

عراقيون إلى ساحة التحرير بعد مهاجمة القوات الامنية للمتظاهرين فيها:


وكانت قوات الأمن قد اقتحمت صباح امس ساحات للاعتصام في بغداد والبصرة ومحافظات أخرى وفرقت المتظاهرين بالقوة ما أدى الى اندلاع مواجهات أسفرت عن مقتل ستة متظاهرين في بغداد والناصرية لكن وصول الاف المواطنين إلى ساحة التحرير وسط بغداد دعما للمحتجين قد ارغم القوات على الانسحاب وعودة المتظاهرين إلى السيطرة على ساحات التظاهر.

ومنذ الاثنين الماضي، صعد المتظاهرون من احتجاجاتهم بإغلاق العديد من الجامعات والمدارس والمؤسسات الحكومية والطرق الرئيسية في العاصمة ومدن وبلدات وسط وجنوبي البلاد.

المحتجون وسحب الصدر لانصاره من ساحات التظاهر

ومن جهتها، أشارت "اللجنة المنظمة لمظاهرات ثورة تشرين" إلى أنّ انسحاب المتظاهرين من ساحات التظاهر من عناصر التيار الصري قد جاء بأوامر من زعيم التيار مقتدى الصدر.

واكدت اللجنة في بيان اليوم حصلت على نصه "إيلاف" ان بعض المعتصمين قد ارغموا على الانسحاب من ساحات التظاهر.. وقالت انه "استكمالا لمخطط المؤامرة الدنيئة على التظاهرات السلمية في العراق التي بدأت منذ أربعة أشهر تقريبا فقد أُجبر بعض المعتصمين على مغادرة ساحات التظاهر بعد أشهر من الاعتصام والمشاركة في الفعاليات السلمية المطالبة بحقوق الشعب العراقي وإسقاط الفاسدين الذين رهنوا خيرات العراق لإيران على حساب الشعب العراقي".

المليشيات تطلق النار على متظاهري البصرة مساء أمس:


وعبرت اللجنة عن التقدير "لإخواننا المتظاهرين والمعتصمين الذين انسحبوا مرغمين يوم أمس الجمعة من ساحات التظاهر ونثمن تضحياتهم وشجاعتهم الكبيرة مع إخوانهم أمام القمع الهمجي الذي قامت به القوات الحكومية على مدار الأشهر الماضية بعد وقوفهم صفا واحدا أمام قنابل الغاز والرصاص الحي الذي استخدمته الأجهزة الأمنية والميليشيات المجرمة لإنهاء التظاهرات".

وأضافت "يعلم إخوانكم من المتظاهرين ويتفهمون سبب انسحابكم ورفع خيمكم ويعلمون أنها جاءت بسبب الضغوطات الكبيرة عليكم التي وصلت حد التهديد باستهداف عوائلكم ونعلم أن مساندتكم لإخوانكم لن تتوقف وستعودون إلى ساحات التظاهر وأنتم مستقلون يجمعنا معكم حب الوطن".

وأشارت إلى إن هذه الخطوة جاءت ضمن خطة إنهاء التظاهرات ممن أمر بها (في أشارة لمقتدى الصدر) لكي يسهل اقتحام الساحات عسكريا بعد فشلهم في ركوب موجتها لاسيما بعد أن أفشل الشعب العراقي (مليونيتهم) خصوصا عندما صدحت حناجر الشرفاء (بخروج ايران وامريكا من العراق) على مقربة من غرفة عمليات قمع التظاهرات التي أسسها (قاسم سليماني) في الكرادة وما جريمة إحراق خيم معتصمي البصرة واعتقال المئات منهم إلا دليل على ذلك".

وقالت " لقد غاب عن هؤلاء بأن الشعب العراقي أكبر من كل تيار آخر في العراق وان الشعب العراقي يقف مع شبابه الثائر في مطالبه المشروعة وقد بادر شباب تشرين بنصب عشرات الخيم بدل العدد القليل الذي تم رفعه من ساحة التحرير وإن الموج الطلابي القادم الذي يعتبر شريان الثورة المتدفق سيربك كل حسابات إيران وذيولها في العراق".

وكان الصدر قد ارغم انصاره على الانسحاب من ساحات التظاهر بعد ان هاجم الجمعة المحتجين ووجه عتبا لمتظاهري ساحة التحرير الذين شككوا به معتبرا أنه كان سندا لهم... مؤكدا إنه بعد الآن لن يتدخل في أمورهم لا بالسلب ولا بالإيجاب.

ساحة الاعتصام في النجف مساء أمس

الصدر يجمد عضوية مقرب منه لدعمه المتظاهرين

وبالتزامن مع ذلك فقد أصدر الصدر قراراً بتجميد القيادي البارز في التيار أسعد الناصري من التيار لدعمه المتظاهرين ومخالفته أوامره بالتخلي عن التظاهرين.

وقال الصدر في بيان صادر عن مكتبه الخاص وتابعته "إيلاف" انه "نظراً للتجاوزات الصادرة من الشيخ أسعد الناصري وتصريحاته في مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص الأحداث الأخيرة تقرر أنه يجب عليه ترك ثوار الناصرية وعدم التدخل بتقرير مصيرهم لا سلباً ولا ايجاباً".

وأضاف "يعتبر مجمداً من الآن وإلى اشعار آخر لعصيانه أوامر آل الصدر وعهده مع الشهيد السيد محمد الصدر .. وكفاه تسلطاً وحباً للدنيا". وأضاف "إذا كان مضطراً لتغيير أفكاره فلا داعي للتمسك بارتداء العمة الشريفة ولا دخل للخط الصدري بأفكاره".

وجاء قرار الصدر هذا ضد أسعد الناصري اثر اعلان دعمه للمحتجين خلافا لتعليمات الصدر بالتخلي عنهم وذلك بعد اكد دعمه لهم قائلا على صفحته بشبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أمس "يا أحرار العراق ساندوا الثوار في ساحات الاعتصام والكرامة بكل ما تتمكنون فإن أحزاب القمع ومليشياتهم، قد قرروا تصفيتهم من أجل بقائهم في السلطة وضرب كل مطالبهم بعناد واستبداد وغطرسة".

واضاف "يا أهل البصرة الكرام، يا عشائرها العزيزة هل اعتصم أبناؤكم وانتفضوا من أجل مصالح شخصية لا تعنيكم؟! ألم يهبّوا ويقدّموا التضحيات من أجل الوطن وإزاحة الفاسدين؟ لماذا تختلي بهم مجموعة من العصابات لتمارس إرهاب السلطة بحرق خيامهم واعتقالهم بشكل سافر؟! هل سيستمر الخذلان؟! حاشاكم".

وفي محاولة لتوضيح موقفه من التخلي عن الاحتجاجات الامر الذي اثار ضده غضبا شعبيا فقد طالب الصدر الحكومة العراقية بالاستقالة فوراً فيما قال انه حقنا للدماء معتبراً أن ما يحدث في البلاد هو فتنة بين حكومة فاسدة ومتظاهرين غير سلميين.

واضاف الصدر في بيان تابعته "إيلاف" أن ما يدور في العراق فتنة عمياء بين حكومة فاسدة ومتظاهرين غير سلميين وقال "إن ما يجب أن تعرفوه هو أنني لن أتدخل بما يحدث لسبب عقائدي أؤمن به وأعتقد به وهو متجذر في قلبي وعقلي من حيث أني لن أساند الحكومة الفاسدة بل أقف ضدها في كل ما تفعله وما فعلته وأنني قد أعطيتها مهلة عاماً فما نفعت.. ولن تنفع ولن أشاركهم في حكم ولا انتخابات مهما حييت".

واضاف "ولن أركب موج التظاهرات لذا فإني لم آمر بها ولا أنهى عنها... فهي إرادة شعب أكبر مني ومن الجميع.. وسياستي هي التعاطف مع الشعوب وكلكم قد خبرتم مظاهراتنا وسلميتها ومنعنا التظاهر في المناطق المقدسة ورفضنا التعدي على الرموز الدينية والصروح الدينية والبعثات الدبلوماسية".

ويشهد العراق منذ الأول من تشرين الاول اكتوبر الماضي تظاهرات حاشدة انطلقت من أجل تنفيذ مطالب معيشية ومكافحة الفساد والبطالة إلا أنها سرعان ما تحولت إلى مطالب سياسية تتمسك برحيل الطبقة السياسية التي يتهمها المتظاهرون بالفساد والتبعية حيث واجهتها القوات الحكومية بالعنف المفرط والمليشيات المسلحة بالاغتيال والاختطاف والتهديد ما اسفر عن مقتل 669 متظاهرا واصابة 24.488 آخرين واعتقال 2.806 من المحتجين.