واشنطن: رفض مجلس الشيوخ الأميركي الجمعة بأغلبية ضئيلة استدعاء شهود أو عرض وثائق جديدة في المحاكمة الجارية للرئيس دونالد ترمب، ممهّداً بذلك الطريق أمام إجراء تصويت نهائي الأربعاء يتوقّع أن يُبَرّأ خلاله الرئيس الجمهوري من التهمتين الموجّهتين إليه.

وبأغلبية 51 مقابل 49، أحبط المجلس جهود الديموقراطيين الرامية لاستدعاء مستشار الأمن القومي السابق في البيت الأبيض جون بولتون ومستشارين كباراً آخرين للرئيس إلى المحاكمة للاستماع إلى إفاداتهم.

وصوّت سناتوران جمهوريان هما ميت رومني وسوزان كولينز مع الديموقراطيين لصالح استدعاء الشهود والوثائق لكنّ صوتيهما لم يكونا كافيين للوصول إلى أغلبية الـ51 صوتاً لإقرار الطلب.

وفور هذا الانتصار على خصومه الديموقراطيين قال زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل إنّ "السناتورات سيتشاورون الآن مع مدّعي مجلس النواب ومحامي الرئيس لتحديد الخطوات الآتية في الوقت الذي نعدّ فيه لاختتام المحاكمة في الأيام المقبلة".

النطق بالحكم الأربعاء

ولاحقاً أفادت وسائل إعلام أميركية عدّة نقلاً عن مصادر برلمانية أنّ المحاكمة ستستأنف مجدّداً الإثنين للاستماع على مدى يومين إلى المرافعات الختامية والتداول بالحكم.

وأضافت أنّ التصويت على التّهمتين الموجّهتين إلى ترمب، وهما استغلال سلطته وعرقلة عمل الكونغرس، سيتمّ الأربعاء وسيفضي إلى تبرئة الرئيس منهما نظراً إلى أنّ إدانته تحتاج إلى أكثرية الثلثين في حين أن الجمهوريين، حلفاء ترمب في المجلس، يتمتعون بالأكثرية في المجلس.

وبذلك، سيصبح ترمب ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يحال إلى المحاكمة أمام مجلس الشيوخ بقصد عزله من منصبه ويُبَرّأ من التُهم الموجّهة إليه.

وينص الدستور الاميركي على وجوب ان يؤيد ثلثا اعضاء مجلس الشيوخ، اي 67 من اصل مئة، عزل الرئيس، وهو سقف لا يستطيع المعسكر الديموقراطي بلوغه كونه لا يملك سوى 47 صوتا في المجلس.

ويستعجل ترمب الذي يخوض حملة اعادة انتخابه طي هذا الملف. وافاد قريبون منه انه يأمل بتبرئته قبل ان يلقي خطابه التقليدي عن حال الاتحاد مساء الثلاثاء امام الكونغرس.

كما ان شبكة فوكس ستجري مقابلة معه الاحد قبيل بدء المباراة النهائية لبطولة كرة القدم الاميركية مع مشاركته في شريط دعائي لهذا الحدث الذي يستقطب مئة مليون مشاهد.

محاكمة مزوّرة

والخميس، اعتبر محامي البيت الابيض بات كيبولون ان التبرئة ستكون "افضل امر بالنسبة الى البلاد".

من جهته، اعتبر كبير المدعين النائب الديموقراطي ادم شيف ان تبرئة ترمب ستعني "تطبيعا لعدم احترام القانون".

وصرح زعيم الاقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر الجمعة ان تبرئة ترمب "لا تعني شيئا" اذا رفض اعضاء المجلس استدعاء شهود اضافيين، وستكون "ثمرة محاكمة مزورة".

وكان الديموقراطيون وجهوا الاتهام الى ترمب في 18 كانون الاول/ديسمبر بفضل غالبيتهم في مجلس النواب.

وجرت جلسات التحقيق في اجواء محمومة وتخللها جدل حاد بين الجمهوريين والديموقراطيين.

وخلال المحاكمة امام مجلس الشيوخ، اتهم المدعون الديموقراطيون الرئيس بانه طلب من اوكرانيا التحقيق في شأن جو بايدن، خصمه المحتمل الابرز في انتخابات الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر، فضلا عن تجميده مساعدة عسكرية حيوية لهذا البلد.

واكدوا ان ترمب استغل منصبه ل"تشويه سمعة" منافسه وممارسة "الغش" على حساب مصالح الولايات المتحدة.

واضافوا انه بذل ما في وسعه لعرقلة التحقيق في الكونغرس بعدما كشف امره مخبرٌ في الاستخبارات، ما شكل انتهاكا للدستور.

وردّ محامو ترمب ان الفساد في اوكرانيا كان يثير قلقه ومن حقه "ان يطرح اسئلة" عن جو بايدن والاعمال التي يقوم بها نجله هانتر في هذا البلد.

وأكّدوا أنّه ليس هناك ما يُبرّر عزله حتّى لو ثبُتت الاتّهامات بحقّه، مطالبين اعضاء مجلس الشيوخ بـ"ترك القرار للناخبين".

ترمب ينفي

والجمعة نفى ترمب ما ورد في تقرير إعلامي بأنّه أمر مستشاره للأمن القومي آنذاك جون بولتون بالتدخّل مباشرةً في مخطّط سرّي للضغط على الرئيس الأوكراني لتحقيق مكاسب سياسية شخصية.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن كتاب لبولتون لم يُنشَر بعد، أنّ ترمب أمر مستشاره بالإعداد للقاء بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ومحاميه الخاص رودي جولياني.

وتم توجيه الأمر الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقا في أيار/مايو 2019، أي قبل شهرين من مكالمة ترمب الهاتفية التي تمت في شهر تموز/يوليو مع زيلينسكي، حيث طلب منه الحصول على "خدمة" ما أدى إلى محاكمته في الكونغرس.

وكان الغرض من الاجتماع، وفق بولتون، أن يقوم جولياني بالضغط على زيلينسكي لمساعدة ترمب عبر فتح تحقيق بحق بايدن. وبحسب التايمز فإن بولتون لم ينفذ أمر ترمب.

وأصدر ترمب نفيًا مبطّنًا للتقرير.

وقال في بيان "لم أعط جون بولتون أمرا لتحضير لقاء لرودي جولياني، أحد أعظم محاربي الفساد في أميركا وأعظم رئيس بلدية في تاريخ مدينة نيويورك، مع الرئيس زيلينسكي"، مضيفا أنّ "هذا اللقاء لم يعقد ابدا".