ترفض أغلبية قراء "إيلاف" إعطاء صفقة القرن أي فرصة، لأنها لا تقدم حلًا عادلًا للقضية الفلسطينية، فلا دولة فلسطينية، ولا قدس عربية، ولا حق عودة بل أموال طائلة ترفد لتوطين الفلسطينيين في دول اللجوء.

إيلاف من الرياض: صفقة القرن أو خطة ترمب للسلام اقتراح سلام لحل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، أعده رئيس الولايات المتحدة دونالد ترمب، تتألف من قسمين: اقتصادي وسياسي. نشرت إدارة ترمب الجزء الاقتصادي في 22 يونيو 2019، وقدمه جاريد كوشنر، صهر ترمب، في ورشة المنامة (البحرين، 25-26 يونيو)، وقُدم الجزء السياسي في 28 يناير المنصرم. أثارت الصفقة عند عرضها الكثير من الانتقاد، وصل إلى حد الهجوم الفلسطيني عليها، وتوتر الأجواء العسكرية بين الفلسطينيين وإسرائيل.

في استفتاء تناول الصفقة، سألت "إيلاف" القارء العربي: "هل تتفق مع الرأي القائل بإعطاء (صفقة القرن) فرصة؟".

استجاب لهذا الاستفتاء 383 قارئًا، أجاب 204 منهم بـ "لا"، بنسبة 53 في المئة، فيما أجاب 179 منهم بـ "نعم"، بنسبة 47 في المئة.

تفاصيل سياسية

لكن، ما هي تفاصيل هذه الصفقة؟ سياسيًا، أعلنت الخطة دعم دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة وعاصمتها الضواحي الشرقية للقدس، والتي ستعتمد على الفلسطينيين لأخذ خطوات جعلها دولة ذاتية الحكم. لكن هذه الدولة تتأسس بعد أربع سنوات من إنفاذ الخطة، وستكون منزوعة السلاح.

سيكون للفلسطينيين نظام حكم بدستور أو نظام آخر يضمن إنفاذ القانون الذي يوفر حرية الصحافة، والانتخابات الحرة النزيهة، واحترام كل حقوق الإنسان، وحماية حرية العقيدة وضمان حرية الأقليات في ممارسة شعائرهم، وإنفاذ القانون بعدالة ومساواة، والقضاء المستقل مع عواقب قانونية مناسبة لمن يخالف القانون، ومؤسسات مالية تتسم بالشفافية والاستقلال قادرة على الخوض في معاملات الأسواق العالمية، وبنظام قانوني يحمي الاستثمارات ويحقق التوقعات المالية للسوق.

وتعترف الخطة بحق إسرائيل في القدس كلها غير مقسمة عاصمة لها. سيحظى الفلسطينيون بأحياء في الأجزاء الخارجية للقدس الشرقية وراء الجدار الإسرائيلي في الضفة الغربية، بما في ذلك كفر عقب ومخيم شعفاط (توصف على أنها "الجزء الشرقي لشعفاط وأبو ديس). كما تضع الخطة المسجد الأقصى متضمنًا المصلى القبلي تحت السيادة الإسرائيلية، مع رفض مطالبة الفلسطينيين بالحرم الشريف، وتضعه تحت الإشراف الأردني.

تفاصيل إقتصادية

اقتصاديًا، تعرض استثمارات بقيمة 50 مليار دولار (26 مليارًا قروضًا، و13.5 مليارًا منحاً، و11 مليارًا استثمارًا خاصًا) لتنفيذ 179 مشروع أعمال وبنية تحتية، تمولها في الأغلب دول عربية ومستثمرون أثرياء من القطاع الخاص. يُنفق معظم المال في الضفة الغربية وغزة، إضافة إلى 9 مليارات في مصر، و7 مليارات في الأردن، و6.3 مليارات في لبنان.

تشمل المشروعات المعروضة بناء معبر بين الضفة الغربية وغزة بطريق سريعة وربما سكة حديد، وتوسعة هائلة للمعابر الحدودية، وتطوير محطات الطاقة، وتحسين البنية التحتية لتعزيز السياحة، وإعادة بناء وتطوير المستشفيات الفلسطينية، وإنشاء قاعدة بيانات لتسجيل ملكية الأراضي، وتحسين إمدادات المياه القابلة للشرب ومعالجة مياه الصرف الصحي، وإنشاء جامعة فلسطينية جديدة ضمن أول 150 جامعة عالميًا.

لا دولة ولا عودة

إن رفض أغلبية قراء "إيلاف"، ولو كانت أغلبية ضئيلة، إعطاء أي فرصة لهذه الصفقة هو بمنزلة رفض تام للصفقة بكل مكوناتها، لأنهم يعتبرونها البديل الذي تفرضه الولايات المتحدة لمبدأ حل الدولتين، ولأنها غير عادلة للفلسطينيين.

رافضو إعطاء صفقة القرن فرصة مقتنعون أنها لن تسمح بتأسيس أي دولة فلسطينية، ما يعني ضعف الحالة الاقتصادية وإفشال كل الجهد المبذول لتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، وأن التخلي عن حل الدولتين سيقوّض أي جهد مستقبلي لإحلال هذا السلام، خصوصًا أن الصفقة، بحسب خريطتي إسرائيل وفلسطين الواردتين في ملاحقهما، لم تُبق سوى 11 في المئة‎ من مساحة فلسطين التاريخية، كما أخرجت القدس من أي تفاوض على ما يمكن أن يكون حلًا نهائيًا، وذلك باعترافها بحق إسرائيل في القدس كلها غير مقسمة عاصمة لها، على أن تبقى للفلسطينيين أحياء في الأجزاء الخارجية للقدس الشرقية وراء الجدار الإسرائيلي في الضفة الغربية.

يقول رافضو إعطاء صفقة القرن فرصة إن هذه التسوية تشترط إسقاط حق العودة، وما رصد 9 مليارات لمصر، و7 مليارات للأردن، و6.3 مليارات للبنان إلا لتكون هذه الأموال ثمنًا لتوطين الفلسطينيين في هذه الدول. وبما أن حق العودة مقدس بالنسبة إلى الفلسطينيين، وإلى العرب أيضًا، خصوصًا إلى الدول التي يقيم فيها الفلسطينيون كلاجئين، فإن هذه الصفقة مرفوضة تمامًا؛ إذ إن ما اقترحته في هذا الإطار غير قابل للتحقق، وبالتالي هو غير واقعي، ولا يمكن أن يكون أساسًا لحل القضية الفلسطينية.

واقعية من يأس

في المقابل، لا يمكن الاستهانة بنسبة كبيرة، رأت أن لا ضير في إعطاء صفقة القرن فرصة. ربما ينطلق هؤلاء من واقعية تعلموا اعتمادها بعد خيبات كثيرة، مرة سمية "نكبة" ومرة أخرى "نكسة" وثالثة "كمب ديفيد" ورابعة "اجتياح" وخامسة "أوسلو" وسابعة "وادي عربة" ...إلخ.

فمنذ حقبة القومية العربية التي بعثها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، مرورًا بحقبة الكفاح الفلسطيني المسلح التي افتتحها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وصولًا إلى محور الممانعة الذي هدد مرارًا بإزالة إسرائيل في 7 دقائق، العرب والمسلمون ينتقلون من خيبة إلى أخرى، ومن متاجر بالقضية إلى آخر، ومن طاغية عربي يعلق العمل بالديمقراطية تحت شعار "ضرورات المرحلة والحرب لتحرير فلسطين من العدو الغاشم" إلى طاغية آخر، هو ابن الأول في كثير من الأحيان. هذا الانتقال دفع بالرأي العام العربي والإسلامي، عمومًا، إلى حال من اليأس العام من أي مشروع تحريري لفلسطين.

هذا اليأس يمكن، في لحظة من اللحظات، أن يزيّن للناس صفقة القرن طريقًا لحل الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل، بعيدًا عن الشعارات العربية الرنانة، وابتدال الشعارات الأميركية الرنانة منها.