ينقسم الرأي العام العربي مناصفةً حيال مسألة إطلاق السجناء خوفًا من تفشي فيروس كورونا المستجد في السجون، خصوصًا أن التدابير الصحية في أغلبية سجون العالم غير كافية، علمًا أن ثمة دولا بادرت إلى اتخاذ هذه الخطوة، فيما رفضتها دول أخرى.

إيلاف من بيروت: خشية تفشي فيروس كورونا المستجد بين السجناء، بادرت بعض الدول إلى إطلاق سراح أعداد كبيرة من هؤلاء، خصوصًا من لا يشكل منهم خطرًا داهمًا على المجتمعات. فهل تؤيد تسريح السجناء من السجون كإجراء وقائي للحد من كورونا؟

هذا كان استفتاء "إيلاف" في الأسبوع الماضي، شارك فيه 850 قارئًا، انقسموا بين 419 مؤيدا أجابوا بـ "نعم"، بنسبة 49 في المئة، و431 معارضا أجابوا بـ "لا"، بنسبة 51 في المئة.

أطلقوا سراحهم

في 25 مارس الماضي، دعت ميشيل باشيليت، مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، الحكومات إلى حماية صحة وسلامة الأشخاص المحتجزين في السجون وفي المرافق المغلقة الأخرى من خطر فيروس كورونا المستجد، قائلةً في بيان صحافي: "في بلدان كثيرة، السجون مكتظّة بشكل خطير أحيانًا. وغالبًا ما يُحتجز الأشخاص في ظل خدمات صحية غير كافية أو غير متوافرة حتى. ويبقى التباعد الجسدي والعزل الذاتي في هذه الظروف مستحيلين".

حثت باشيليت الحكومات على العمل سريعًا لتخفف عدد المحتجزين، ودرس سبل الإفراج عن الأشخاص المعرضين بشكل خاص لخطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد كالمعتقلين الأكبر سنًا والمرضى والمجرمين الذين يمثّلون خطرًا ضئيلًا، وتوفير متطلبات الرعاية الصحية المحدّدة للسجينات، خصوصًا الحوامل، وذوات الإعاقة والأحداث.

دول بادرت

ثمة دول بادرت فعليًا إلى الإفراج عن أعداد كبيرة من السجناء. ففي بريطانيا، بعد وفاة 3 سجناء جراء إصابتهم بكورونا المستجد، تعتزم الحكومة البريطانية الإفراج عن 4000 سجين بصورة موقتة، خصوصًا منخفضي الخطورة منهم، مع تركيب أساور إلكترونية في معاصمهم، مؤكدةً أن المدانين بارتكاب جرائم عنيفة أو جنسية أو إرهاب لن يفرج عنهم. كما تمت الموافقة على إطلاق سراح سجينات حوامل أو من لديهن أطفال.

تطلق أفغانستان خلال الأيام المقبلة نحو 10 آلاف سجين. وقال المدعي العام الأفغاني فريد حميدي في مؤتمر صحافي: "هذا القرار يشمل النساء والأحداث والمصابين بأمراض خطرة والمعتقلين منذ أكثر من 55 عامًا".

في إيران، نسبت وكالة "ميزان أونلاين"، المرتبطة بالسلطة القضائية الإيرانية، إلى أصغر جهانكير، مسؤول هيئة السجون، قوله إن نحو 85 ألف سجين أطلقوا بهدف مكافحة تفشي الوباء.

وقالت تقارير صحفية أردنية إن المجلس القضائي الأردني قرر الإفراج عن ثلاثة آلاف و81 محكومًا بقضايا تتعلق بديون مدنية، في قرار وقتي مرتبط بالظرف الطارئ الذي تمر به المملكة الأردنية بسبب تفشي كورونا المستجد.

في المغرب، أعلنت الحكومة أن الملك محمد السادس أصدر عفوًا ملكيًا شمل 5654 سجينًا، في إطار الإجراءات الاحترازية ضد تفشي كورونا المستجد.

في تركيا، تستعد الحكومة للعفو عما يصل إلى ثلث المسجونين، إلا أن ناشطي حقوق الإنسان المسجونين والصحافيين والسياسيين المعارضين لن يكونوا من المفرج عنهم.

دول رفضت

في المقابل، ثمة دول ترفض هذا الإجراء. على سبيل المثال، رفضت المحكمة العليا في إسرائيل إطلاق سراح السجناء الإسرائيليين الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا، بحجة الخوف من تفشي كورونا داخل السجون. إلا أن مصلحة السجون الإسرائيلية أخلت في 12 مارس الماضي سجن سهرونيم قرب الحدود مع مصر، وأعلنت تخصيصه للسجناء المصابين بفيروس كورونا.

في سوريا، نقلت وكالة رويترز للأنباء عن منظمات حقوقية قولها إن النظام السوري يماطل في إطلاق سراح السجناء بموجب عفو أعلنه رئيسه بشار الأسد، ما يثير المخاوف من تفشٍ لفيروس كورونا المستجد في السجون والمعتقلات السورية المزدحمة.

في مصر، أعربت سبع منظمات حقوقية عن قلقها إزاء رفض الحكومة المصرية إطلاق سراح بعض المحتجزين في السجون المصرية، كي لا تتحول هذه السجون إلى بؤر وبائية. وكان مسجونون في سجن العقرب المصري أرسلوا نداء استغاثة قالوا فيه: "نواجه الموت مُكبلي الأيدي، بلا هواء، بلا شمس، بلا دواء، بلا طبيب، بلا أهل، بلا طعام، بلا رحمة؛ فمن حوالي أسبوع بدأت الأعراض في الظهور على كثير منا: سعال، وارتفاع درجات الحرارة، ورشح، والتهاب بالرئتين، ودبّت حالة من الفزع والرعب بين الجميع، واهتم الجميع بكتابة وصيته".