باريس: في مقابل تهديد حصول موجة إصابات ثانية بكوفيد-19، تكثف أوروبا التدابير الصحية والقيود على المسافرين لمحاولة احتواء الوباء، في وقت تدخل ملبورن ثاني مدن أستراليا، الخميس ولمدة ست أسابيع في مرحلة عزل هي الأكثر صرامةً.

وتشهد أستراليا التي أُشيد بها لإدارتها الفعالة للموجة الأولى من الوباء، ظهور بؤر جديدة للمرض في ملبورن ومنطقتها، ما دفع بالسلطات إلى تشديد التدابير الصحية تدريجياً.

فبعد فرض حظر تجوّل ليلي، سُمح فقط للمتاجر الأساسية بالبقاء مفتوحة في المدينة التي تعدّ خمسة ملايين نسمة.

في أوروبا، حتى فنلندا، إحدى الدول الأقل تضرراً من الوباء في القارة العجوز، أعلنت الخميس أنها تحضر لتدابير جديدة للاستجابة إلى تسارع تفشي الوباء.

"وضع حساس"

وقالت المديرة الاستراتيجية لوزارة الصحة الفنلندية ليزا ماريا فويبيو-بولكي إن "الوضع حساس للغاية" مضيفةً "بدأ شكل ما من مرحلة ثانية" حتى لو كان من المبكر جداً الحديث عن "موجة ثانية".

أما النروج فقد أعلنت من جهتها إعادة فرنسا إلى نطاق الخطر بفعل ارتفاع عدد الإصابات بالمرض لديها، ما يؤدي إلى فرض حجر إلزامي لمدة عشرة أيام على جميع المسافرين القادمين من الأراضي الفرنسية إلى الدولة الاسكندينافية.

في فرنسا، أصبح وضع الكمامة إلزامياً حتى خارج المناطق الأكثر ارتياداً في المدن مثل تولوز وتور وبلوا. وسيحصل ذلك قريباً في باريس، في وقت ترجّح الهيئة العلمية التي تستشيرها الحكومة الفرنسية "حصول موجة ثانية من الوباء في الخريف أو الشتاء".

في هولندا فرضت قواعد مماثلة لوضع الكمامات في الأحياء التجارية في روتردام وفي بعض أحياء أمستردام المكتظة، ومن بينها حي بنات الليل الشهير.

من جهتها، قررت إيرلندا إرجاء المرحلة الأخيرة من رفع اجراءات العزل، التي تشمل خصوصاً إعادة فتح كافة الحانات. وسيُفرض وضع الكمامات في المحلات في البلاد اعتباراً من العاشر من أغسطس.

ومن ناحيتها أدرجت ألمانيا منطقة انتويرب البلجيكية على قائمة المناطق التي يطلب من المسافرين القادمين منها، الحجر لمدة 14 يوما في حال عدم إبراز فحوص تثبت عدم إصابتهم بالفيروس.

حملة فحوص واسعة في كاتالونيا

في إسبانيا، واصلت كاتالونيا حملتها الواسعة للكشف عن الإصابات بالفيروس في ثلاث مدن متوسطة الحجم وأحياناً في المنازل، لمحاولة الحدّ من ارتفاع عدد الإصابات.

وكان نحو مئة شخص الخميس واقفين أمام مركز طبي للحالات الطارئة أُقيم في ريبولي في شمال برشلونة، لإجراء فحص الكشف عن الإصابة بكوفيد-19 مجاناً.

وقالت باكيتا كان وهي امرأة متقاعدة تبلغ 74 عاماً، "حالتي جيدة لكنها مسألة مسؤولية لأنك لا تعرف ما إذا كنت تحمل المرض أم لا".

في بعض أحياء هذه المدينة التي تعدّ أربعين ألف نسمة، تُجرى الفحوص عبر زيارة المنازل "بناءً على تحديد مواقع الإصابات"، وفق ما أعلنت سلطات المدينة".

وأوضحت مسؤولة البرنامج في السلطة الصحية المحلية أنا أران أن هدف الحملة التي بدأت الثلاثاء هو "تحديد المصابين الذين لا تظهر عليهم عوارض" والذين يمثلون قرابة 60% من الإصابات في إسبانيا و"يمكن أن يتسببوا بنقل المرض".

ولا تزال أوروبا المنطقة الأكثر تضرراً بتسجيلها أكثر من 212 ألف وفاة من أصل 708 آلاف وفاة في العالم من اكتشاف الوباء في الصين في ديسمبر 2019.

حول العالم، تضاعف عدد الوفيات منذ 26 مايو وتمّ تسجيل مئة ألف وفاة منذ أقل من ثلاثة أسابيع.

ولا تزال الولايات المتحدة الدولة الأكثر تضرراً، مع أكثر من 1200 وفاة الأربعاء ما يرفع الحصيلة إلى 158 ألف وفاة منذ بدء تفشي الوباء.

في نيويورك، سيتمّ إنشاء نقاط فحص جديدة على طرق رئيسية مؤدية إلى المدينة بهدف ضمان أن يلتزم المسافرون القادمون من ولايات أميركية متأثرة جداً بالوباء، بحجر صحي مفروض عليهم.

"ماتوا وحيدين أو متروكين"

وتعدّ البرازيل، الدولة الثانية الأكثر تضرراً بالوباء بعد الولايات المتحدة، مع أكثر من 97 ألف وفاة وتستعدّ لتجاوز عتبة المئة ألف وفاة. لكن في حال تواصلت وتيرة العدوى الحالية، سيتضاعف عدد الوفيات في أكتوبر، بحسب دومينغوس ألفيس، الخبير البرازيلي في الإحصاءات المرتبطة بالوباء.

وقالت ريجينا إيفاريستو وهي مسؤولة عن مؤسسة توفر المعدات الوقائية للطواقم الطبية، "الكثير من الناس ماتوا وحيدين أو متروكين".

وبلغ عدد الوفيات في آخر حصيلة سُجّلت في البرازيل، 1437. في الأرجنتين، سُجلت أكثر من سبعة آلاف وفاة الأربعاء وهو عدد قياسي.

في المغرب، قررت الحكومة الخميس تمديد حال الطوارئ الصحية المعمول بها منذ منتصف مارس لمواجهة وباء كوفيد-19 شهرا آخر حتى 10 سبتمبر، بينما تشهد المملكة ارتفاعا في الإصابات بالوباء خلال الأيام الأخيرة.

من جهته، انتقد مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الخميس كل "نزعة قومية" في ما يخصّ اللقاح ضد كورونا المستجدّ داعياً إلى تشارك الأدوات التي تتيح للعالم مكافحة وباء كوفيد-19.

ويواصل الوباء التسبب بأضرار كبيرة على المستوى الاقتصادي.

فقد دخلت الفيليبين بركود بعد أن سجّلت في الفصل الثاني من العام أسوأ انكماش لاقتصادها.

في بابوا غينيا الجديدة، أغلق منجم "أوكي تيدي" الضخم للذهب والنحاس الذي يعمل فيه آلاف الموظفين ويمثل 7% من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد، لمدة "14 يوماً على الأقل" بسبب اكتشاف عدة إصابات بكوفيد-19 فيه.

وفي ألمانيا، سجّلت شركة الطيران الأوروبية الأولى "لوفتهانزا" التي أنقذتها الحكومة الألمانية من الإفلاس، خسارة صافية في النصف الأول من العام بلغت 3,6 مليارات يورو، بينها 1,5 مليار في الربع الثاني، عندما أدى انتشار الوباء إلى شلل النقل الجوي العالمي.