رأت إيران في رفض مجلس الأمن مشروع تمديد حظر السلاح المفروض عليها بأنه هزيمة للإدارة الأميركية. وهذا الرفض يكشف عمق الخلافات بين أميركا وأوروبا منذ انسحاب دونالد ترمب من الاتفاق النووي.

طهران: رحبت طهران السبت برفض مجلس الأمن الدولي مشروع قرار تقدّمت به الولايات المتحدة لتمديد حظر السلاح المفروض على إيران الذي تنتهي صلاحيته في أكتوبر، مؤكدة أن واشنطن "لم تشهد عزلة كما هي عليه الآن منذ 75 عامًا من تاريخ الأمم المتحدة".

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أعلن أن مجلس الأمن الدولي رفض مشروع قرار تقدمت به الولايات المتحدة لتمديد حظر السلاح المفروض على إيران. فلم تصوت سوى اثنتين من الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن الدولي على النص الأميركي، ما يكشف عمق الخلافات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي في مايو 2018.

قال بومبيو في بيان قبيل إعلان المجلس نتيجة التصويت: "فشل مجلس الأمن في التصرّف بشكل حاسم للدفاع عن السلام والأمن الدوليين لا يمكن تبريره".أعلنت إندونيسيا التي تتولى الرئاسة الشهرية لمجلس الأمن أنّ مشروع القرار الأميركي حصل على صوتين فقط، أي أنّ دولة واحدة فقط هي جمهورية الدومينيكان صوّتت إلى جانب الولايات المتّحدة، في حين صوّتت ضدّه دولتان أخريان هما الصين وروسيا بينما امتنعت الدول الإحدى عشرة المتبقية عن التصويت.

وصدر بيان بومبيو قبل حوالى ثلاثين دقيقة من إعلان إندونيسيا.

مهزومة ومعزولة

رحبت طهران "بهزيمة" واشنطن في مجلس الأمن، مؤكدة أن "دبلوماسية إيران النشطة، إلى جانب القوة القانونية للاتفاق النووي، هزمت أميركا عدة مرات"، على حد قول الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي الذي غرد على تويتر: "أميركا ورغم كل اتصالاتها ومشاوراتها وضغوطها لم تحصل إلا على تأييد دولة صغيرة"، مشيرًا بذلك إلى الجهود التي بذلها بومبيو للحصول على تأييد الدول الأعضاء لمشروع القرار.

أضاف أن الولايات المتحدة "لم تشهد عزلة كما هي عليه الآن منذ 75 عامًا من تاريخ الأمم المتحدة".

ينتهي الحظر على بيع إيران أسلحة تقليدية في أكتوبر 2018، بموجب القرار الذي دعم الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني الموقع في يوليو 2015 والمعروف رسميًا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة".

وبموجب الاتفاق الذي أجرى المفاوضات بشأنه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وافقت إيران على خفض نشاطاتها النووية مقابل تخفيف العقوبات خصوصا.

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مايو 2018 انسحاب بلاده من الاتفاق وفرض عقوبات أحادية على إيران في إطار حملة "ضغوط قصوى". ومنذ ذلك الحين، اتخذت طهران إجراءات محدودة لكن متزايدة، لتخفيف التزاماتها بالاتفاق مطالبة في الوقت نفسه بتخفيف العقوبات.

وأكد الحلفاء الأوروبيون للولايات المتحدة الذين وقعوا مع روسيا والصين كذلك الاتفاق، أنهم يؤيدون تمديد الحظر لكن أولويتهم هي الحفاظ على "خطة العمل الشاملة المشتركة".

ويدعو النص الأميركي الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس إلى تمديد الحظر لفترة غير محددة. وكانت طهران أكدت أنها تملك حق الدفاع عن النفس وأن تمديد الحظر سيعني نهاية الاتفاق.

وصوتت روسيا والصين ضد النص. وكتبت بعثة الصين في الأمم المتحدة في تغريدة: "النتيجة تظهر مجددًا أن الأحادية لا تلقى تأييدًا وأن الترهيب سيفشل".

حجة مثيرة للجدل

قال غونتر سوتر، سفير ألمانيا في الأمم المتحدة، الذي امتنع عن التصويت: "نحتاج إلى مزيد من المشاورات لإيجاد حل مقبول لجميع أعضاء المجلس".

وكان الرئيس الأميركي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بحثا في اتصال هاتفي "الحاجة الملحة إلى تحرك للأمم المتحدة لتمديد حظر الأسلحة على إيران".

وفي وقت سابق الجمعة، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وإيران إلى عقد قمة طارئة عبر الفيديو لتجنب تصاعد التوتر في الخليج.

وهددت الولايات المتحدة بمحاولة فرض إعادة عقوبات الأمم المتحدة إذا لم يتم تمديدها باستخدام آلية مدرجة في الاتفاق النووي تقضي بإعادة العقوبات بشكل آلي في حال خرقه من قبل إيران. وقدم بومبيو حجة مثيرة للجدل بقوله إن الولايات المتحدة لا تزال طرفًا "مشاركًا" في الاتفاق النووي بموجب القرار الصادر في 2015، ويمكنها بالتالي فرض إعادة العقوبات إذا رأت أن إيران تنتهك شروطه.

تشكيك أوروبي

يشكك الحلفاء الأوروبيون في إمكانية أن تكون واشنطن قادرة على إعادة فرض العقوبات ويحذرون من أن المحاولة قد تؤدي إلى نزع الشرعية عن مجلس الأمن.

وقالت آن غيغان، نائبة المندوب الدائم لفرنسا في الأمم المتحدة، إن بلادها امتنعت عن التصويت وحثت على بذل جهود للتوصل إلى توافق. وقالت: "يجب استخدام الفترة السابقة لانتهاء القيود لدراسة كل الخيارات الدبلوماسية بحسن نية".

مع ذلك، متوقع أن تسلم الولايات المتحدة في الأسبوع المقبل رسالة تنص على إعادة فرض العقوبات بموجب الآلية التي ينص عليها الاتفاق النووي، كما ألمحت مصادر لفرانس برس. ويشتبه المحللون في أن واشنطن قدمت عمدًا مشروعًا متشددًا كانت تعلم أن أعضاء المجلس لن يتمكنوا من قبوله.

وقال ريتشارد غوان، خبير الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، لفرانس برس: "الحقيقة هي أن الجميع في الأمم المتحدة يعتقدون أن هذا (القرار) مجرد مقدمة لجهود الولايات المتحدة لإحداث انتكاسة وإغراق الاتفاق النووي الإيراني".