أيدت أغلبية قراء "إيلاف" استقالة الرئيس اللبناني ميشال عون من الرئاسة اللبنانية، نتيجة لمسؤوليته – المباشرة أو غير المباشرة – لانفجار المرفأ الذي هزّ الجمهورية كلها.

إيلاف من بيروت: يزداد يومًا بعد يوم في لبنان عدد المطالبين باستقالة الرئيس اللبناني ميشال عون، إذ تحمله نسبة كبيرة من اللبنانيين مسؤولية مباشرة وغير مباشرة معًا عن الانفجار الضخم الذي دمر أو أضر بثلث العاصمة اللبنانية بيروت، وخلف أكثر من 170 قتيلًا، و6 آلاف جريح، وما زالت أعمال رفع الأنقاض مستمرة بحثًا عن مفقودين.

سألت "إيلاف" قراءها: "هل تؤيد استقالة رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون على خلفية انفجار بيروت؟". أيّد 88 في المئة من قراء "إيلاف" استقالة عون، بينما رفضها 12 في المئة.

تخلق فراغًا

استقالت الحكومة اللبنانية بعد ايام قليلة من انفجار مرفأ بيروت، لكن عون يرفض الاستقالة. فهو أعلن أن التحقيق في الانفجار سيستغرق وقتًا، وأكد أنه لا يفكر في الاستقالة، لأن استقالته تخلق فراغًا في السلطة، خصوصًا أن الحكومة مستقيلة.

إلا أن الدعوات لاستقالة عون كثيرة، من شخصيات حزبية في لبنان، ومن فئات شعبية واسعة، خصوصًا في أثناء تأبين الضحايا الذين سقطوا في الانفجار، وتحديدًا بعدما خرج عون على الصحافيين في قصر الرئاسة في بعبدا، واعترف بأنه كان يعلم بوجود المواد شديدة الانفجار في مرفأ بيروت منذ سنوات، لكنه لم يتحرك بحجة أن لا صلاحية له في المرفأ.

إلى ذلك، تم التغريد على حساب عون في تويتر: "فور تبلّغ الرئيس عون تقرير أمن الدولة في 20-7-2020 بوجود كمية كبيرة من نيترات الأمونيوم في أحد عنابر مرفأ بيروت، قام المستشار العسكري لفخامته بإعلام الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع في رئاسة مجلس الوزراء بهذا التقرير لإجراء اللازم".

ليس مقنعًا

هذا الموقف من عون أثار الكثير من التساؤلات، لذا تعالت الأصوات المطالبة باستقالته، لأن حجة عدم صلاحيته لا تقنع أحدًا، خصوصًا في بلد مثل لبنان، حيث سوء استخدام النفوذ هو الشائع، أن لم نقل هي القاعدة لا الشواذ.

في مقدم الشخصيات السياسية التي دعت إلى استقالة عون كان سامي الجميل، رئيس حزب الكتائب اللبنانية الذي استقال ونائبان تضمهما كتلته النيابية، ومروان حمادة، النائب المستقيل الذي كان عضوًا في اللقاء الديمقراطي الذي يرأسه تيمور جنبلاط، نجل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط. فحمادة قال في حديث تلفزيوني إن عون هو عنوان سقوط لبنان، "وإسقاطه عنوان إحياء لبنان".

ورأى رئيس حركة التغيير المحامي إيلي محفوض أن "العهد يُكمل طريقه كأنّ شيئًا لم يكن وهو يغسل يديه ممّا حصل على طريقة بيلاطس البنطي"، جازمًا أن على عون تقديم استقالته من رئاسة الجمهورية اليوم قبل الغد.

رفض شعبي

إلى جانب الشخصيات الحزبية، ظهر الرفض الشعبي لعون جليًا في مناسبات عدة، مثل إنزال صوره في عدد من المواقع، منها مواقع رسمية في لبنان وخارجه. ففي تظاهرة حادة وغاضبة بعيد انفجار بيروت، هاجمت مجموعة من الجنود والضباط من متقاعدي الجيش اللبناني مقر وزارة الخارجية اللبنانية، وأنزلوا صور عون وداسوها بالأقدام.

كما بثت النائبة اللبنانية المستقيلة بولا يعقوبيان مقطعًا مصورًا من إحدى الكنائس الأرمنية اللبنانية تظهر شبانًا ينتزعون صورة عون عن أحد جدران الكنيسة لاستبدالها بصورة إحدى ضحايا الانفجار، هي الشابة السورية روان علاء الدين مسطو.

وتداول ناشطون لبنانيون شريطًا مصورًا لمواطنين لبنانيين غاضبين في الولايات المتحدة الأميركية يقتحمون قنصلية بلادهم وينتزعون صور عون ليحطموها وليدوسوها بأقدامهم.

وهم!؟

في المقابل، يقف حسن نصرالله، أمين عام حزب الله، سدًا منيعًا بوجه هذه الدعوات. ففي خطابه في 15 أغسطس، قال نصرالله إن عون "ليس الشخص الذي تستطيعون أن تسقطوه بهذه الطريقة، بالاتهام وبالشتائم وبالكذب وبالتزوير، لا تاريخه هكذا، واللبنانيون كلهم يعرفون عن صموده، عن صلابته، عن شجاعته، عن ثباته، عن موقفه في الأيام الصعبة".

أضاف نصرالله: "نحن شاهدنا هذا الموقف في حرب تموز 2006، عندما هُدِد أن يُقصف بيته في الرابية حتى يعدل الموقف ولم يقبل أن يعدل الموقف، الآن نتيجة بعض الشتائم وبعض الناس ينزلون إلى الشارع ويشتمون ويعلقون مشانق، شخص بتاريخ وشخصية العماد ميشال عون يستقيل من الرئاسة ويترك البلد ويذهب إلى بيته! هذا وهم على كل حال".

من هذا الكلام، يشتمّ أن نصرالله لن يقبل بسقوط آخر قلاعه المسيحية في لبنان، وبالتالي سيزداد عون عنادًا ومكابرةً وتمسكًا بكرسي الرئاسة. إلا أن كثيرين يذكرون بأن نصرالله، وبالسبابة نفسها التي يهدد بها اللبنانيين ليخيفهم، قال إن حكومة سعد الحريري باقية، في أوج انتفاضة 17 أكتوبر... والحريري استقال.

وبعد انفجار المرفأ، رفع السبابة إياها وقال إن حكومة حسان دياب باقية وصامدة.. ودياب استقال. فمن يضمن لنصرالله اليوم أن الضغط الشعبي والتحولات الدولية ستؤدي أخيرًا إلى استقالة عون؟