ايلاف من لندن: اثار قانون صادق البرلمان العراقي الخميس عليه يسمح للحكومة باقتراض 10 مليارات دولار من الخارج والداخل لتمويل العجز المالي للدولة غضبا كرديا شديدا لاشتراطه دفع حصة اقليم كردستان من القرض بعد دفع حكومته لايرادات ربع مليون برميل من نفط الاقليم يوميا الى الحكومة الاتحادية.

وعبر الزعيم الكردي رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني عن الاسف ألبالغ "لطعن الجهات السياسية من المكونين الشيعي والسني في مجلس النواب العراقي مرة أخرى ظهر شعب كردستان ولجأوا الى استخدام موازنة وقوت شعب كردستان كورقة للضغط على اقليم كردستان كما قال في بيان صحافي تابعته "إيلاف".

وصوت مجلس النواب العراقي اليوم على قانون تمويل العجز المالي بعد انسحاب نواب الكتل الكردية رفضاً لآلية تحديد حصة إقليم كردستان حيث ربط القانون صرف حصة الاقليم من مبلغ العشرة مليارات دولار التي خصصها البرلمان لسد العجز المالي للدولة العراقية حيث لم يتضمن ايضا تخصيصات لرواتب موظفي الإقليم.

وقال بارزاني ان "هذا الامر يحدث بينما أبرمت العديد من الاتفاقيات في الفترات الماضية بين حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية ولم يتم تنفيذها".. منوها الى ان "القانون الذي شرعه مجلس النواب العراقي دون اخذ الشراكة والاتفاقيات المبرمة بنظر الاعتبار نعتبره ورقة سياسية وضغط على الاقليم ومعاقبة لشعب كردستان وتجاوزا على مبادئ الشراكة والتوافق والتوازن بين مكونات العراق كما نعتبره تضييقا للخناق على شعب كردستان ومحاربته.

وعبر عن اعتقاده بأنه "من الجلي بأنهم قد اتخذوا قرارهم المسبق بمحاربة الاقليم وشعب كردستان، وبهذا المنطق يتعاملون مع الدستور والاتفاقيات وحقوق ومطالب شعب كوردستان".

وعبر عن امتنانه لما وصفها بوحدة "موقف ممثلي كردستان في بغداد الذين دافعوا وبموقف موحد عن حقوق شعب كردستان ووقفوا ضد السياسية المحاربة لشعب كردستان والتي ظهرت داخل مجلس النواب العراقي وحيث نكن لهم التقدير والامتنان".

ودعا مسعود بارزاني رئاسات الإقليم والبرلمان والحكومة "إلى عقد اجتماع مع ممثلي كردستان في بغداد والأحزاب السياسية للاقليم للوصول إلى قرار مشترك بهذا الشأن اذ ينبغى اتخاذ قرار يكون على مستوى المسؤولية لمعالجة المشاكل ويحفظ فيه كرامة شعبنا ويضع حدا للسياسات والتصرفات التي تهدف إلى معاقبة شعب كردستان".

اجتماع لرئاسة الاقليم وممثلي القوى الكردية
وعلى الفور استجابت رئاسة اقليم كردستان لدعوة بارزاني ودعت الى اجتماع للرئاسات الثلاث لإقليم كردستان والجهات المعنية وممثلو الاقليم في الحكومة الاتحادية ومجلس النواب.

واشارت رئاسة الاقليم في بيان تابعته "ايلاف" الى انه "بخصوص قانون تمويل العجز المالي الذي جرت المصادقة عليه اليوم الخميس، 12 تشرين الثاني 2020، في مجلس النواب العراقي بالأغلبية وبدون الأخذ بمبادئ الشراكة والتوافق والتوازن وبدون الالتفات إلى ملاحظات ومقترحات ممثلي إقليم كردستان نشد على أيدي جميع الكتل الكردستانية والنواب المحترمين عن إقليم كردستان الذين اتخذوا موقفاً موحداً للدفاع عن حقوق ومستحقات شعب كردستان.

وعبرت الرئاسة عن "القلق ومنتهى الاهتمام إلى هذه المسألة وستسخر جهودها للدفاع عن حقوق ومستحقات شعب كردستان وستجتمع الرئاسات الثلاث للاقليم والجهات المعنية وممثلو إقليم كردستان في الحكومة الاتحادية ومجلس النواب لهذا الغرض ومن أجل توحيد مواقف الجهات المعنية في إقليم كردستان تجاه هذه المسألة".

وفي وقت سابق اليوم اطلق البرلمان العراقي بعد جلسة مطولة شهدت مشادات كلامية وانسحاب النواب الاكراد يد الحكومة للبدء بصرف رواتب الموظفين والمتقاعدين المتأخرة وتمويل عمليات الانفاق العام للاشهر الثلاثة المتبقية من العام الحالي بتمريره لقانون يجيز لها اقتراض مبلغ 10 مليارات دولار من الخارج والداخل.

حكومة الاقليم: أوفينا بجميع التزاماتنا للاتحادية
كما عبرت حكومة إقليم كردستان عن قلقها واعتراضها على قانون الاقتراض مؤكدة انها اوفت بجميع التزاماتها الدستورية تجاه بغداد.

واضافت في بيان تابعته "ايلاف" انها "مستعدة ومستمرة في جهودها الرامية لحل المشاكل العالقة على أساس الدستور حيث عبّرت التشكيلة الوزارية التاسعة لحكومة الإقليم منذ اللحظة الأولى لمهامها عن حُسن نيتها أكثر من مرة، وأجرت زيارات إلى بغداد ونتج عن ذلك الكثير من التفاهمات والاتفاقات مع الحكومة الاتحادية السابقة والحالية".

واكدت حكومة الاقليم انها "أوفت بجميع الالتزامات الدستورية مقابل تأمين المستحقات الدستورية لشعب كردستان وضمانها وإذ نجدد التأكيد على الدفاع عن تلك الحقوق فإننا لن نسمح بأن يتعرض شعب كردستان إلى الظلم".

مشادات
وشهدت جلسة البرلمان العراقي التي امتدت حتى فجر اليوم مشادات كلامية بين النواب الشيعة والاكراد بسبب فقرة في القانون تقضي بتحديد حصة إقليم كوردستان من مجموع الإنفاق الفعلي (النفقات الجارية ونفقات المشاريع الاستثمارية) بعد استبعاد النفقات السيادية "بشرط التزام إقليم كردستان بتسديد أقيام النفط المصدر من الإقليم وبالكميات التي تحددها شركة تسويق النفط العراقية سومو حصراً والإيرادات غير النفطية الاتحادية وفي حالة عدم التزام الإقليم لا يجوز تسديد النفقات للإقليم ويتحمل المخالف لهذا النص المسؤولية القانونية".

وقد ادى ذلك الى انسحاب النواب الاكراد من الجلسة احتجاجا على هذه الفقرة في القانون وتقرر تاجيل المصادقة عليها بعد اجراء مناقشات حولها في وقت لاحق.

ويشير القانون الى وجود فجوة مالية بعشرة مليارات دولار سيتم تمويلها من خلال الاقتراض الخارجي والمحلي عن طريق اصدار حوالات الخزينة والسندات والصكوك والقروض المحلية وكذلك الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية والبنوك الاجنبية لتمويل هذه الفجوة.

ووزع البرلمان بحسب وثائق اطلعت عليها "ايلاف" مفردات صرف القرض خلال الاشهر الثلاثة المتبقية من العام الحالي 2020 لدفع لرواتب الموظفين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين ورواتب الحماية الاجتماعية والبطاقة التموينية وبرنامج مكافحة جائحة كورونا ولكلفة انتاج النفظ الخام والغاز وللمهجرين وللمشاريع الاستثمرية.. اضافة الى تخصيصات لانجاز عملية الانتخابات المبكرة المقررة في 6 حزيران يونيو المقبل ولخدمات الرئاسات الثلاث لجمهورية والحكومة والبرلمان والاجهزة الامنية والصحية وبقية الوزارات.

ومن بين التخصيصات الاخرى ايضا مبالغ لدعم المزارعين ولبرنامج استقرار المحافظات ولمشاريع محافظة ذي قار الجنوبية.
كما خصص القانون مبلغ 300 مليون دولار لانجاز ميناء الفاو الكبير في محافظة البصرة الجنوبية والذي سيعتبر الاكبر خليجيا والعاشر عالميا وقرر اعتماد البصمات في الرواتب لغرض ضمان عدم وجود "فضائيين" وهم الموظفين الوهميين الذين تصرف لهم رواتب من دون حقيقة وجودهم.

وقد لجأ العراق إلى الاقتراض قبل أشهر لتأمين رواتب موظفي الدولة إثر تراجع أسعار النفط بفعل جائحة كورونا التي شلت اقتصادات العالم. والعراق ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك بمتوسط 4.5 ملايين برميل يوميا وهو يعتمد بنسبة 97 بالمئة على إيرادات النفط لتمويل موازنة البلاد السنوية.

واتخذت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي منذ توليها السلطة في أيار مايو الماضي سلسلة إجراءات تقشفية هدفت إلى خفض النفقات تماشيا مع تراجع الإيرادات وأجرت تعديلات واسعة في إدارة الإيرادات المالية أبرزها المنافذ الحدودية في مسعى لإنهاء الفساد ورفد خزينة الدولة بالأموال.