ايلاف من لندن: اطلقت منظمة يونسكو الاممية الاربعاء مسابقة دولية لاعادة اعمار وتأهيل جامع النوري التاريخي العراقي ضمن مبادرة "احياء روح الموصل" التي تمولها دولة الامارات بكلفة 50 مليون دولار وذلك باشراف لجنة تحكيم دولية بعد ان كان تنظيم داعش قد فجره لدى احتلاله للمدينة منتصف عام 2014.

ودعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" كل "ذي موهبة من المهندسين المعماريّين في جميع أنحاء العالم إلى المشاركة في المسابقة المعماريّة الدوليّة المُقامة خصيصاً لإعادة إعمار وإعادة تأهيل مجمع جامع النوري في مدينة الموصل العراقية حيث تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بتمويل المشروع ضمن مبادرة (احياء روح الموصل)" .. معتبرة انها "فرصة فريدة لإحداث تغيير في حياة سكان المدينة ومساعدتهم على إعادة بناء مدينتهم بعد تحريرها من تنظيم داعش.

واشارت المنظمة الدولية في تقرير من مقرها في باريس تسلمت "إيلاف" نصه الى انه يتعين على الراغبين في المشاركة تقديم تصميم نظريّ للمجمع بحيث يأخذ في الاعتبار صون الأجزاء القائمة من مَصلى النوري والحرص على انسجامها مع المباني الجديدة بالإضافة إلى إعادة تأهيل عدد من المباني التاريخية ودمجها مع التصاميم الجديدة".

واوضحت ان المسابقة تشمل أيضاً إعداد تصميم للمنظر العام للموقع بأكمله، فضلاً عن إيجاد مساحات جديدة للمجتمع المحلي كي تُستغل للأنشطة التعليمية والثقافية والاجتماعية، إذ يتوخّى المشروع تخصيص هذه المساحات لخدمة المجتمع المحلّي بطرق عديدة لا تقتصر على الوظيفة الدينية الرئيسية للموقع.
ونوهت اليونسكو الى انه اضافة الى إعادة إعمار وإعادة تأهيل المعالم التاريخية للموصل تصبو المبادرة أيضاً إلى إعادة تأهيل النسيج التاريخي للمدينة القديمة في الموصل وإنعاش الحياة الثقافية في المدينة وتقوية النظام التعليمي وضمان التعليم ذي الجودة للجميع.

بدء المسابقة باشراف لجنة تحكيم دولية
واضافت اليونسكو ان المبادرة التي بدأت الان تمثّل دعوة مفتوحة لتقديم المشاريع على أن يكون التقدمُ قائماً على أساس سرية الهوية، وسيبقى باب التقديم مفتوحاً حتى 26 آذارمارس من العام القادم 2021 وسيُعلن اسم الفائز في الربيع المقبل.

وبينت ان لجنةُ تحكيمٍ دوليّة مؤلّفة من 9 أعضاء وعُضوَين مُناوِبين ستقوم باختيار التصميم الفائز والتصاميم التي ستحصد المراكز الأربعة التالية أما أعضاءُ اللجنة والعضوان المناوِبان فهم: هويدا الحارثي من السعودية، و أحمد يوسف العمري ورايا العاني وهما من العراق، وخافيير كازانوفا من إسبانيا، وأمل شابي من دولة الإمارات وشهيرة فهمي من مصر، و دومينيك بيروه من فرنسا، ووانغ شو من الصين، ومارينا تبسّم من بنغلادش، و شادية طوقان من فلسطين، وجيرزي أوزنويس من بولاندا.

ونوهت الى انه سيتم تنظيم حملة الميّة لإعلام المهندسين والمعماريّين والطلاب في جميع أنحاء العالم بالمسابقة ودعوتهم إلى المشاركة فيها وتقديم مشاريع تصاميم لمجمع جامع النوري. وقالت ان المسابقة تولي أهميّة خاصة لتشجيع الشعب العراقي على المشاركة في إعادة إعمار تاريخهم وصقل ملامحه من جديد.

تشبث بالامل
وبهذه المناسبة قالت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي "تبعث مبادرة إعادة إعمار وإعادة تأهيل هذا المجمع التاريخي الهامّ رسالةً قويّة تدعو إلى الصمود والتشبّث بالأمل، فبالصمود والأمل نخطو خطوتنا الأولى نحو تحقيق التماسك الاجتماعي والتصالح في العراق، في فترة ما بعد الصراع.

واشارت الى ان المواقع والمعالم التاريخية تجسد رمزاً قوياً للانتماء والمجتمع والهوية، ومن شأن إعادة تأهيلها تيسير تعافي ذاكرة أهالي الموصل الذين كانوا في يوم من الأيّام جزءاً من مدينة نامية ونابضة بالحياة اذ يمثّل مجمع جامع النوري، منذ تشييده في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، معلماً رئيسياً من معالم الحياة والتنمية الحضرية في مدينة الموصل."
وبدوره، أكّد وزير الثقافة العراقي حسن ناظم قائلاً إنّ "تدشين هذه المسابقة المعمارية يمثّل فرصةً لكلّ ذي موهبة في هذا العالم للمشاركة في إعادة بناء جامع النوري ومئذنته الحدباء. وااف "إنّنا وإذ نعيد بناء هذا الصرح التاريخيّ، إنّما نستعيد هيبَة التراث العراقي ونقدّره حقَّ قدره، ولا سيما التراث في مدينة الموصل، ونحيي ذاكرة الشعب ونعيد ترميم الدّمار الذي خلّفه تنظيم داعش".

جوهر الحضارة
ومن جهتها، قالت وزيرة الثقافة والشباب، نورة بنت محمد الكعبي "ينبثق مشروع المسابقة العالميّة المعماريّة لتصميم مجمع جامع النوري من قناعتنا الراسخة بأنّه من شأن هذا المشروع، وما يتّسم به من أهمية كبيرة، ضمان إشراك المجتمع المحلّي مشاركةً أعمّ وأوسع.

ونوهت الى ان جامع النوري وأهميّته التاريخية ومئذنته الحدباء تجسد جوهر الحضارة في الموصل والعراق. ويقف مكان العبادة هذا شاهداً حيّاً على التاريخ النفيس في مدينة الموصل، ويجسّد القيم والمبادئ التي تصقل هويتنا كبشر."

اما رئيس ديوان الوقف السني في العراق سعد كمبش فقال "تنطوي إعادة بناء جامع النوري ومئذنته على غاية أسمى من مجرّد رصّ الحجارة. فإننا وإذ نعيد بناء هذا الصرح، إنّما نسرد قصة الشعب الذي تحدّى الموت لتتفتّح براعم الأمل وتشق الطريق أمام الإنسانية كي تمضي في مسيرتها قدماً."

الزنكي شيد جامع النوري والبغدادي فجره
يشار الى ان جامع النوري الكبير في الموصل قد في عام 1173 من قبل نور الدين زنكي بعد ان سيطر على المدينة وهو من مساجد العراق التاريخية ويقع في الساحل الأيمن للموصل وتسمى المنطقة المحيطة بالجامع محلة الجامع الكبير.

وتردد اسم الجامع في الاخبار كثيرا بعد استيلاء ما يعرف بتنظيم الدولة الاسلامية على الموصل في حزيران يونيو عام 2014 حيث القى من منبره زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي خطبته التي اعلن فيها قيام "دولة الخلافة" ثك قام مسلحو التنظيم بتفجيره.
ويشتهر الجامع بمنارته المحدَّبة، وهي الجزء الوحيد المتبقي في مكانه من البناء الأصلي.
وعادة ما تقرن كلمة الحدباء مع الموصل وتعد المئذنة أحد أبرز الآثار التاريخية في المدينة.

بلغ ارتفاع المئذنة عند انشائها 45 مترا وكانت مستقيمة تماما ولكن في الوقت الذي شاهدها الرحالة ابن بطوطة في القرن الـ 14، كانت بدأت بالميلان وحصلت على لقبها "الحدباء."

وكان نورالدين زنكي، المولود في الموصل في عام 1118، هو ابن عماد الدين زنكي وكان أمير دمشق وملك الدولة الزنكية.
وخضع الجامع والمدرسة الملحقة به لعملية تجديد وترميم من قبل الحكومة العراقية في عام 1942، ولكن المئذنة لم ترمم وفي عام 1981 استقدمت شركة ايطالية وكلفت بتثبيتها.

الا ان المئذنة تعرضت للمزيد من الضرر ابان الحرب العراقية الايرانية في الثمانينيات اذ تسبب القصف الجوي الايراني في تكسر انابيب الماء الموجودة تحت اسسها مما اضر بهذه الاسس. وقد زاد ميلان المئذنة بحوالي 40 سنتمترا منذ ذلك الحين.