لندن: لقد كسب الرهان، فبعدما اختار بوريس جونسون معسكر بريكست خلال استفتاء العام 2016 وصل الى منصب رئيس الوزراء وقاد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
لكن يبقى معرفة ما اذا كانت وعوده بمستقبل أكثر إشراقا ستتحقق.
الأول من يناير2021 هو موعد دخول البلاد الى عالم جديد. وقال رئيس الوزراء البريطاني (56 عاما) "مصير هذا البلد العظيم بات الآن بين أيدينا".
طموحه بدخول التاريخ يخدمه حس سياسي، قد تحقق. لكن بوريس جونسون أظهر أيضا جوانب مثيرة للجدل في شخصيته حيث اتهم بالاستخفاف والارتجال في إدارة أزمة وباء كوفيد-19 حتى أصابه هو أيضا في ابريل بعد تفاخره بقيامه بمصافحة الناس في المستشفيات.
لكنه وضع المملكة المتحدة أيضًا في مقدمة الدول الأوروبية التي سجلت أكبر عدد من الوفيات جراء الوباء.
كل شيء بدأ في فبراير 2016 حين كان جونسون لا يزال رئيسا لبلدية لندن وكان صديقا انذاك لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون الذي اراد انهاء الخلافات في حزب المحافظين حول الانتماء الى الاتحاد الاوروبي عبر تنظيم استفتاء حول هذا الموضوع ظنا منه انه سيتمكن من هزم المشككين في أوروبا.
كانت الطبقة السياسية تترقب بفارغ الصبر موقف جونسون الذي حضر افتتاحيتين لصحيفة "ديلي تلغراف"، إحداها تدعم البقاء في الاتحاد الاوروبي الذي اراده كاميرون والاخرى تدعو الى التمرد والقطيعة. وقد اختار نشر الثانية.
وقال ديفيد كاميرون "كان يعتقد أنه سيخسر ولهذا السبب اتخذ هذا الخيار. لم يكن يريد تفويت الفرصة ليكون في الجانب الرومانسي والوطني والقومي لبريكست".
خلال حملة الاستفتاء، وعد مواطنيه بعد التحرر من "قيود" الاتحاد الأوروبي، بمستقبل مزدهر، من خلال التحكم بالهجرة واستعادة الملايين التي دفعت بالاتحاد الأوروبي لإنفاقها على النظام الصحي. ولم يكن ذلك سوى وعد مبني على أرقام خاطئة.
بعد التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بدا مقر داونينغ ستريت قريب المنال، لكنه عدل عن ذلك، بعد أن خانه مايكل غوف أفضل حليف له الذي تقدم عليه واعتبره غير كفوء. حصل على حقيبة الشؤون الخارجية التي تولاها لعامين من حيث دفع تيريزا ماي نحو الانزلاق قبل أن يحل محلها في النهاية.
سيخبرنا التاريخ ما إذا كان الانفصال عن الاتحاد الأوروبي قد حرر القوى الإبداعية في بلاده كما يدعي بوريس جونسون أم أنه أضعف مكانتها كما يخشى مؤيدو البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي.
على أي حال، فإن التزامه بتنفيذ بريكست هو الذي أتاح صعود "بوجو" المشاكس إلى السلطة في يوليو 2019 ليضع حدًا لمماطلة حكومة تيريزا ماي وتحقيق حلم حياته.
ثم رسخ مواقعه بعد بضعة أشهر، حين فاز في الانتخابات التشريعية التي جرت في ديسمبر، بأغلبية غير مسبوقة منذ فوز السيدة الحديدية مارغريت تاتشر، في الثمانينيات.
يحظى رئيس الوزراء بالإعجاب بفضل طريقة عمله غير التقليدية وبالنفور منه بسبب أكاذيبه، ويتميز بشعره الأشقر المبعثر، لكنه يتمتع بجاذبية لا تقبل الجدل ويحسن استخدام المزاح للتقرب من الناس، على الرغم من انتمائه إلى النخبة.
ولد ألكسندر بوريس دي فيفيل جونسون في نيويورك في 19 يونيو 1964 في عائلة معاصرة منفتحة على عالم السياسة. ومنذ طفولته قال إنه يريد أن يصير "ملك العالم"، وفق ما أسرت أخته ريْتشيل لكاتب سيرته أندرو غيمسون.
أمضى سنوات حياته الأولى في بروكسل، حيث عمل والده في الاتحاد الأوروبي، ثم التحق بمدرسة إيتون للنخبة في بريطانيا قبل دراسة الحضارات القديمة في جامعة أكسفورد.
عمل بعدها صحافياً في صحيفة التايمز التي فصلته بسبب فبركة تصريحات، وانتقل ليصبح مراسلًا في بروكسل لصحيفة ديلي تلغراف اليمينية من 1989 إلى 1994. وهناك اشتُهر من خلال كتابة "خرافات أوروبية" عبر المبالغة في تصوير ما يحدث في الاتحاد الأوروبي.
وعُرف على المستوى الشعبي في التسعينات لدى استضافته كخبير في برنامج تلفزيوني ساخر، حيث ساهمت فطنته وعدم تردده في انتقاد نقاط ضعفه في جعله شخصية وطنية عُرفت باسمه الأول "بوريس".
انتُخب عضوًا في البرلمان عام 2001. ولم تمر سنواته الأولى في السياسة بسلاسة، إذ أقيل في عام 2004 من منصب وزير الخزانة في حكومة الظل لدى المحافظين بسبب الكذب بشأن علاقة أقامها خارج إطار الزواج.
لكن في عام 2008، فاز في انتخابات رئيس بلدية لندن على مرشح حزب العمل وجعل من منصبه منصة حظي من خلالها بسمعة دولية بما حققه من نجاحات رمزية، مثل تنظيم الألعاب الأولمبية، وبإخفاقاته، مثل مشروع بناء جسر حديقة فوق نهر التايمز الذي كلف عشرات الملايين من الجنيهات دون أن يتحقق.
وتتسم حياته الخاصة بعدم الاستقرار؛ فبعد زواجين وطلاقين، وخمسة أبناء أحدهم على الأقل ولد خارج الزواج، يعيش حالياً مع شريكته كاري سيموندز خبيرة الاتصالات التي تصغره ب24 عامًا وأنجبت منه ابنًا اسمه ويلفريد في أبريل.
لقد سمحت له مكانته بتجاهل الفضائح التي كان يمكن أن تدمر كثيرين غيره.
التعليقات