إيلاف من بيروت: يبدو أن المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري بدأت تتململ من قبضة روسيا الحديدية، فعلت أصوات الاعتراض، بعدما أعلن السفير الروسي في دمشق عجز روسيا عن نجدة بشار الأسد من مأزقه المالي.

فبحسب تقرير نشره موقع "العربية.نت"، أدى إقرار السفير الروسي في دمشق بحقيقة وعمق الأزمة الاقتصادية التي ترزح تحتها مناطق سلطة النظام إلى موجة جديدة من الانتقادات الحادة للنظام السوري، من داخل شريحة الموالين له، بعضها طال روسيا نفسها، والحليف الثاني للنظام، إيران.

وكان ألكسندر يفيموف، سفير روسيا الاتحادية لدى النظام السوري، قد قال لوكالة "سبوتنيك" الروسية: "سوريا تعيش الآن أصعب وضع اقتصادي واجتماعي منذ بداية الصراع في البلاد".

وعلّل يفيموف الذي يشغل أيضاً منصب الممثل الخاص للرئيس الروسي بوتين لتطوير العلاقات مع سوريا، سبب ضعف المساعدات المالية للنظام أو الإحجام عنها في الظروف الراهنة بكون روسيا خاضعة أيضاً لتأثير العقوبات، وتعاني هي الأخرى من ركود اقتصادي بسبب كورونا، مطالباً بأخذ هذه الظروف في الاعتبار.

تبجح لا أكثر

علّق لؤي حسين، من تيار "بناء الدولة السورية" المعارض، وهو من الشخصيات المعارضة التي التقتها الخارجية الروسية أكثر من مرة، على هذا التصريح بالقول على حسابه في فيسبوك: "نعم، روسيا، ليست قادرة على إعانة سوريا ماليا أو معيشيا، بشهادة سفيرها، في دمشق"، مؤكدًا أن إيران أيضا ليست في وارد دعم النظام السوري مالياً، "فأوضاعها الاقتصادية لا تسمح لها بدعم النظام إلا بموضوع السلاح والحرب"، منتقداً الأسد الذي لا يتحدث عن قضية ألم السوريين الرازحين تحت أسوأ أزمة اقتصادية، إلا "بقول كلمة أو اثنتين" كون سلطات النظام "لا تنظر إلى السوريين إلا كمواد دعم لسياستها".

وطالب حسين بقيادة سورية لا تكون مهمتها "التبجّح الإعلامي بخصوص المقاومة والصمود والممانعة، بل خدمة مواطنيها".

وتقدّم بعض أنصار النظام السوري، إثر الصراحة الروسية المفاجئة عن حقيقة وضعه الاقتصادي وعجز موسكو عن مساعدته ماليا، باقتراح انتخاب برلمان جديد، مهمته الاطلاع على الاتفاقيات التي عقدها الأسد مع الروس والإيرانيين، وإلغاء ما يتعارض فيها مع مصالح اقتصاد النظام، بحسب اقتراح لأحد أعضاء نقابة المحامين في اللاذقية، الجمعة، كرر مطالبته فيه بعرض الاتفاقيات المعقودة مع طهران وموسكو على "مجلس شعب حقيقي جداً".

إلغاء امتيازات

اللافت في هذا السياق هو دعوة بعض أنصار النظام إلى بناء جسور جديدة مع الولايات المتحدة، يسبقها إلغاء بعض العقود والامتيازات التي منحها النظام السوري لروسيا أو لإيران.

وقال سوريون يعيشون في مناطق سلطة النظام إن روسيا "استولت" على خيرات سوريا، والآن تعلن موسكو عجزها، عن مساندة الأسد مالياً، وقاموا بتذكيرها بما قدمه الأسد مكافأة لها على حمايته من سقوط وشيك، كتقديم "مرفأ طرطوس" وقاعدة "حميميم" وعدد من المناجم، واتفاقيات أخرى كثيرة.

في المقابل، وجدت روسيا عدداً لا بأس به من المدافعين عنها، في ما تتعرض له من انتقادات بعد "تخليها" عن مساعدة الأسد ماليا، فقام ناشطون بالتذكير بأنه لولا الدعم الروسي للأسد "لكان في خبر كان".

الزم حدودك!

كان السجال الناتج من المصارحة الروسية المباغتة، حول تدهور اقتصاد الأسد، قد فتح الباب، في المقابل، لكشف الفساد المتفشي داخل مؤسسات تابعة لحكومة النظام.

وقال ناشطون موالون للأسد، إن الفساد الضارب في البلاد، هو أحد أهم أسباب الأزمة الاقتصادية، وليس العقوبات وحدها.

واستغرب معلقون من "لا مبالاة" الأسد لما يحل بأنصاره جراء الأزمة الاقتصادية التي تعصف بهم، خاصة بعد إصداره قانوناً، منذ يومين، بإنشاء معهد للفنون السينمائية، أو افتتاح متحف باسم أخيه باسل في اللاذقية، في عزّ عجز مواطنيه عن تأمين مجرد لقمة تسدّ الرمق، وزعم النظام عجزه عن توفير أبسط المتطلبات الحياتية، كالخبز أو وقود التدفئة.

من جهته، اتهم أحمد أديب الأحمد، أستاذ الاقتصاد في جامعة "تشرين" التابعة لحكومة الأسد، ورئيس ما يعرف بالمجمع العلَوي على الانترنت، حلفاء الأسد الروس والإيرانيين بـ"المراوغة" وقال مخاطباً الحليف الروسي، في منشور آخر، الخميس: "الزم حدودك، واعرف مهامك!".