إيلاف من بيروت: لو لم تتدخل روسيا في سوريا في عام 2015، لكان نظام حليفها بشار الأسد قد انهار تحت ضربات قوات المعارضة التي كانت على قاب قوسين أو أدنى من دمشق. لم ينقذه هذا التدخل فحسب، بل مكنه من استعادة أغلبية الأراضي التي فقدها بتقهقر جيشه.

بحسب مارك كاتز، أستاذ السياسة في جامعة جورج ميسون، السياسة السورية حيال سورية نجحت، وتستمر في النجاح. ففي مقاله له نشره موقع "ذي هيل"، قال كاتز إن روسيا لم تحتفظ بقاعدتها البحرية على الساحل السوري فحسب، بل وسعتها أيضًا، وهي التي كانت مرشحة بالسقوط في يد معارضي الأسد لو أطيح من رأس النظام. حتى أنها حصلت على قاعدة جوية أيضًا.

لا تحدي جديًا

يرى حلفاءٌ شرق أوسطيين لأميركا، بينهم إسرائيل والسعودية والإمارات والبحرين، أن لروسيا اليوم دور في كبح النفوذ الإيراني في سوريا، ومن هذا المنظار، لم يلاقِ الوجود الروسي في الميدان السوري تحديًا أميركيًا جديًا، لا في عهد الرئيس الديمقراطي باراك أوباما ولا في عهد الرئيس الجمهوري دونالد ترمب، وهذا الأمر يبدو أنه سينسحب على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وفق كاتز.

يلاحظ كاتز أن التدخل الروسي في سوريا لم يكن مكلفًا، فموسكو لم تتكبد خسائر بشرية، "حتى أن هذا التدخل الروسي ذات النطاق الضيق في سوريا حقق نجاحًا أكثر مما حققته تدخلات أميركية أوسع نطاقًا في أفغانستان والعراق"، مستدركًا بالقول: "هذا لا يعني أن موسكو لا تواجه مشكلات في سوريا، خصوصًا إذا كانت تأمل فعليًا في ترسيخ اتفاق سلام بين نظام الأسد وبعض معارضيه الداخليين في أقل تقدير، فكلما شعر الأسد بالأمان بفضل الاحتضان الروسي، صار أقل استعدادًا لتقديم التنازلات السياسية لهؤلاء المعارضين".

عجزت موسكو عن إقناع الغرب أو دول الخليج أو الصين بتمويل جهود إعادة إعمار سوريا، وهي خطة ضخمة التكاليف لا تستطيع روسيا تحملها وحدها.

صراع الخلافة الدموي

يرى كاتز أن بشار الأسد ربما يستطيع حكم ما بقي من سوريا لبعض الوقت، "لكن التقرير الأخير الذي كشف إصابته بفيروس كورونا تذكير له بأنه إذا عجز عن على الحكم، فإن خلافته ستشعل صراعًا دمويًا داخل النظام نفسه، ويمكن أن يخرج عن نطاق السيطرة، حتى عن سيطرة موسكو، إلى جانب احتمال تجدد الصراع بين تركيا، من جهة، وحكومة الأسد ومعارضيها من جهة أخرى.

يقول كاتز: "ما أن يتحقق هدف التحالف، ينتهي التحالف"، غامزًا بذلك من قناة ما قد تشهده سوريا إذا بدأت روسيا وإيران تتنافسان على النفوذ في سوريا، ومتوقعًا أن تقوي موسكو حلفاءها داخل النظام السوري نفسه، وأن تنسج تحالفات أخرى مع أطراف متعارضة مستعدة للعمل مع شخصيات أخرى غير الأسد، وأن تواصل غض طرفها عن هجمات إسرائيل الجوية والصاروخية التي تستهدف مواقع لإيران ولحزب الله علمًا أن هذه الهجمات تساعد موكسو على حصر النفوذ الإيراني ورسم الحدود لتوسعه، من دون أن تضطر هي إلى فعل ذلك بنفسها.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "ذي هيل". الأصل منشور على الرابط:
https://thehill.com/opinion/international/549884-russian-policy-toward-syria-the-perils-of-success