تطرق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى حصيلة الخمس سنوات السابقة منذ اطلاق رؤية 2030، الرؤية التنموية الأكبر في المملكة العربية السعودية، ولفت إلى أن رؤية المملكة 2030 ستحقق العديد من أهدافها قبل حلول العام 2030 مستعرضا في مقابلة تلفزيونية منجزات الرؤية في تنويع مصادر دخل المملكة من غير الثروة النفطية.

إيلاف من دبي: أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز أن السعودية تقترب من تحقيق مجموعة من أهداف رؤية المملكة 2030، مؤكداً على أن النفط خدم السعودية، والمملكة كانت دولة قائمة قبله، وأن "رؤية 2030" جاءت من أجل تحقيق الطموح الأكبر في اقتصاد أكثر قوة وحياة أفضل للسعوديين.

وتابع ولي العهد السعودي في حوار الثلاثاء، مع الإعلامي عبدالله المديفر، أن فائض دخل السعودية من النفط في الماضي كان ضخمًا للغاية وكافيًا لتلبية احتياجاتنا لكن النمو السكاني أصبح يتطلب موارد أكبر. وأوضح: أن هناك فرصا كثيرة جدا في السعودية خارج قطاع النفط، ونطمح أن نستفيد منها، لأن الاعتماد على النفط وحده كمصدر للدخل أمر ينطوي على مخاطر اقتصادية.

وشرح ولي العهد السعودي، تفاصيل متصلة بالرؤية التي أطلقتها المملكة عام 2016، من بينها تطوير سياسات الإسكان، وتطوير سن التشريعات، وضمان رفع مساهمة القطاع الخاص في اقتصاد المملكة، مستعرضا أرقاما اقتصادية مؤثرة أبرزها تصاعد مؤشر سوق الأسهم السعودية "تداول"، من مستويات 6 و7 آلاف نقطة إلى أكثر من 10 آلاف نقطة في الوقت الحالي، بجانب رفع نسبة تملك السعوديين للمساكن إلى نسبة 60% بينما كانت قبل الرؤية 47%.

وأكد ولي العهد السعودي، أن البطالة كانت قبل الرؤية تبلغ 14% و"نستهدف خفضها لـ 11% العام الحالي".

لن يكون هناك ضرائب على الدخل
ونفى وجود أي توجه لفرض ضرائب على الدخل في المملكة، وقال :"لن يكون هناك ضرائب على الدخل بتاتا في السعودية" مؤكداً أن الحد الأقصى لفرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 15% لمدة 5 سنوات، وهو قرار مؤقت.

التركيز على المهارات في قطاع التعليم
وفيما يتصل بمستوى التعليم في المملكة، اعتبر ولي العهد أن التعليم في السعودية اليوم ليس سيئا، و"الرؤية تستهدف أن يكون لدينا 3 جامعات من أهم 200 جامعة في العالم" مبيناً أن مصادر التعليم أصبحت مفتوحة والتركيز سيكون في خطط التطوير على المهارات.

وفي الشأن الصحي، قال الأمير محمد بن سلمان إن برنامج التحول في القطاع الصحي سيحدث تغييرا كبيرا بمستوى الخدمات.

الرياض الأفضل
واعتبر أن الرياض خططت بشكل جيد من الملك سلمان وهي من أفضل المدن بالبنى التحتية، مقارنة مع المدن العالمية التي يزيد عدد سكانها على 5 ملايين نسمة، مؤكداً أن التركيز لن يكون على الرياض وحدها ولكن على مختلف مدن المملكة.

استثمارات أجنبية في أرامكو
وكشف الأمير محمد بن سلمان أنه سيتم بيع حصص من أرامكو لمستثمرين أجانب خلال العام أو العامين المقبلين، موضحاً أن أرامكو لديها فرصة لأن تكون من أكبر الشركات الصناعية عالميا، والنقاش حاليا لبيع 1% من أرامكو لأحد المستثمرين الأجانب.

رؤية 2030
وخلال 5 سنوات فقط، نجحت برامج تحقيق رؤية السعودية 2030 في تحقيق إنجازات استثنائية، وعالجت تحديات هيكلية. وركزت رؤية المملكة 2030 خلال الـ5 أعوام الماضية، على تأسيس البنية التحتية التمكينية، وبناء الهياكل المؤسسية والتشريعية ووضع السياسات العامة، وتمكين المبادرات. وخلال المرحلة التالية ستركز رؤية السعودية 2030 على متابعة التنفيذ، ودفع عجلة الإنجاز وتعزيز مشاركة المواطن والقطاع الخاص بشكل أكبر.

تملك المساكن
وحققت الرؤية خلال الـ5 سنوات الماضية العديد من الإنجازات في مختلف المجالات منها، قطاع الإسكان، حيث ارتفعت نسبة تملّك المساكن لتصل إلى 60% مقارنة بنسبة 47 % قبل 5 أعوام. كما أن رؤية 2030 ساهمت في أن يكون الدعم السكني فورياً بعد أن كان يستغرق مدة تصل إلى 15 سنة قبل إطلاق الرؤية.

تأشيرة العمرة
وحققت برامج الرؤية، زيادة في القدرة الاستيعابية على استقبال ضيوف الرحمن، من خلال التوسع في منظومة خدمات الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وأتمتة عملية الحصول على تأشيرة العمرة لتصبح مدة الحصول عليها 5 دقائق فقط فيما كانت تستغرق سابقا 14 يوما.

القطاع السياحي
ولم تغفل برامج الرؤية القطاع السياحي، حيث تم إطلاق "التأشيرة السياحية الإلكترونية" التي يمكن الحصول عليها إلكترونيا خلال دقائق.

وتسهل التأشيرة زيارة الأماكن السياحية في المملكة وآثارها وتراثها، وهو ما يسهم في تنشيط قطاع السياحة ورفع نسبة إسهامه في الناتج المحلي، وتطوير وجهات سياحية عديدة ومتنوعة، وتوليد فرص عمل لأبناء وبنات هذا الوطن، مما جعل قطاع السياحة في المملكة الأسرع نمواً في العالم، حيث سجّل نموًّا بنسبة 14%.

مشروعات البيئة
وشغلت قضية الحفاظ على البيئة واستدامتها وحمايتها اهتمام رؤية المملكة 2030.

ومن أبرز الإنجازات في هذا المجال، تحقيق إنجازات عالمية في إنتاج المياه المحلاة: إذ تصدرت المملكة الإنتاج العالمي لتحلية المياه المالحة بأعلى طاقة إنتاجية للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة. وأسهم استبدال التقنيات الحرارية والتوسع في استخدام التقنيات الصديقة للبيئة في تحقيق خفض في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بلغ 28 مليون طن سنويًا.

إضافة إلى ما شهدته الفترة نفسها من الإعلان عن مشروعات عملاقة للمحافظة على البيئة وأحدثها مبادرتا "السعودية الخضراء" و "الشرق الأوسط الأخضر" اللتان تهدفان إلى رفع الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية.

وساعدت رؤية السعودية 2030 في خلق العديد من المبادرات الهادفة إلى توفير بيئة تدعم إمكانات الأعمال وتُوسّع القاعدة الاقتصادية.

تضاعف الاستثمارات
ومن أبرز نتائج الرؤية، تضَاعُف أصول صندوق الاستثمارات العامة لتصل إلى نحو 1.5 تريليون ريال في عام 2020 بعد أن كانت لا تتجاوز 570 مليار ريال في 201.

ويحسب لرؤية السعودية 2030، الإسهام في نمو تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية لتصل إلى 17.625 مليار ريال بنسبة ارتفاع وصلت إلى 331% بعد أن كانت 5.321 مليارات ريال قبل إطلاق الرؤية.

وشملت المبادرات إطلاق مشروعات كبرى لتسهم في رفاهية المجتمع وتوفير الوظائف وجذب الاستثمارات العالمية، ومن أهمها: نيوم، والقدّية، ومشاريع البحر الأحمر، وغيرها.

ونال تطوير القطاع المالي جانبا مهما من رؤية السعودية 2030.

السوق المالية
ومن أبرز الإنجازات انضمام السوق المالية السعودية "تداول" إلى مؤشري الأسواق الناشئة MSCI" "و"Standard & Poor's Dow Jones"، مما سهل على المستثمرين الأجانب الاستثمار في السعودية.

وارتفعت قيمة ملكية المستثمرين في السوق بنسبة 195.9% لتصل إلى 208.3 مليار ريال بنهاية عام 2020، وبنسبة ملكية بلغت 12.8% من إجمالي قيمة الأسهم.

وتضمنت الإنجازات أيضا، إنشاء مركز "فنتك السعودية" بهدف فتح الخدمات المالية لأنواع جديدة من الجهات الفاعلة في مجال التقنية المالية، وتطوير الصناديق والمسرّعات والحاضنات التي تركز على التقنية المالية لتوفير رأس المال الجريء والتمويل بالأسهم وتحفيز بيئة ريادة الأعمال.

وأسهمت هذه الإنجازات في جعل السوق المالية السعودية "تداول" إحدى أكبر 10 أسواق مالية حول العالم.

إيرادات غير نفطية
واستحوذ القطاع غير النفطي وتطويره على اهتمام رؤية السعودية 2030، وهو ما انعكس على تسارع نمو نسبة الناتج المحلي غير النفطي من الناتج المحلي الإجمالي.

ووصلت هذه النسبة إلى 59% في عام 2020 بعد أن كانت 55 % في عام 2016.

وزادت الإيرادات غير النفطية لتصل إلى 369 مليار ريال في عام 2020 بعد أن كانت 166 مليار ريال في عام 2015 بنسبة زيادة وصلت إلى 222 %.

ويحسب للرؤية أنها أسهمت في ارتفاع عدد المصانع في المملكة بنسبة 38% ليصبح 9984 مصنعًا مقارنة بـنحو 7206 مصانع قبل إطلاق الرؤية.

وتزامن ذلك مع إطلاق مبادرات رائدة، منها: إطلاق برنامج "صنع في السعودية"، وإطلاق برنامج "شريك"؛ لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وزيادة وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي، وإنشاء بنك التصدير والاستيراد، وإطلاق نظام الاستثمار التعديني.

رؤية رقمية
واهتمت المملكة العربية السعودية في رؤيتها، بمجال الاقتصاد الرقمي، وتمكنت السعودية من خلال مبادرات عدة من احتلال المركز الأول في التنافسية الرقمية على مستوى مجموعة العشرين.

وحققت السعودية المركز الأول عالميا في سرعة الإنترنت على الجيل الخامس وتغطية ما يزيد على 60% من المدن الرئيسة و45% من المدن الأخرى عبر نشر أكثر من 12 ألف برج يدعم تقنية الجيل الخامس وتحقيق المرتبة السادسة ضمن المجموعة العشرين في المؤشر العالمي للأمن السيبراني التابع للاتحاد الدولي للاتصالات، والتوسع في تغطية شبكة الألياف الضوئية حيث غُطي 3.5 ملايين منزل في المناطق الحضرية بشبكات الألياف الضوئية في عام 2020م، بعد أن كانت 1.2 مليون منزل في عام 2017م.

علاوة على ذلك تم جذب أكبر استثمارات التقنية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بصفقات تجاوزت 6 مليارات ريال في قطاع الحوسبة السحابية.

إنجازات عالمية
ومنذ انطلاق رؤية المملكة 2030، تم تحقيق العديد من الإنجازات متميزة على الصعيدين الوطني والدولي.

أبرز الإنجازات، تأسيس المملكة مجموعة أوبك بلس لمنتجي البترول، الذي توصّل في عام 2020 إلى إنجازٍ تاريخي تمثل في تحقيق أكبر خفضٍ في الإنتاج عرفته السوق البترولية، مما أسهم في إعادة الاستقرار والتوازن إلى الأسواق العالمية ومواجهة آثار جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي.

كما شجعت المملكة مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون الذي تبنته مجموعة العشرين، مبرهنة على التزام المملكة بحماية البيئة ومكافحة التغيُّر المناخي في إطار اتفاقية باريس، والمواثيق الدولية ذات العلاقة.

وافتُتح كذلك أول مشروعات مبادرة خادم الحرمين الشريفين للطاقة المتجددة، وهو مشروع محطة سكاكا لإنتاج الكهرباء، كما تم الإعلان عن مشروعات أخرى لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، في مناطق مختلفة من المملكة، وقد حققت بعض هذه المشروعات أرقاما قياسية جديدة تمثلت في تسجيل أقل تكلفة لشراء الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية في العالم.

وقُدّرت الطاقة الإجمالية لهذه لمشروعات بما يزيد على 3600 ميجا وات؛ ستوفر الطاقة لأكثر من 600 ألف وحدة سكنية. هذا إلى جانب عدد من مشروعات الطاقة النظيفة لإنتاج الهيدروجين والأمونيا.

وفي الجزء الثالث من المقابلة، تناول الأمير محمد بن سلمان الجوانب الشرعية، مجددا التأكيد على أن دستورنا هو القرآن والنظام الأساسي للحكم ينص على ذلك، عاقدا للمقارنة بين الأحاديث المتواترة وأحاديث الآحاد، وقال إنه في قوانين المملكة فإنه "لا عقوبة إلا بنص قرآني واضح أو في الحديث المتواتر".

وبشأن العلاقة مع أميركا، قال ولي العهد السعودي أن الولايات المتحدة شريك مهم للمملكة، وهناك توافق سعودي مع إدارة بايدن بنسبة 90%.

ووصف إيران بأنها "في الأخير دولة جارة، ونريد علاقة طبيعية معها، وأن يكون لها مصالح معنا، لكن إشكاليتنا مع إيران تتمثل بالتصرفات السلبية مثل برنامجها النووي أو دعم المليشيات الخارجة على القانون، وبرنامج الصواريخ الباليستية، ونعمل مع شركائنا على التعامل مع هذه التحديات".