ايلاف من الرياض: شدد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على أن أي شخص يتبنّى موقفاً متطرفاً هو مجرم وسيحاسب، معلناً عن رفضه الشديد لمسألة الغلو في الدين أو في أي أمر كان مضيفاً أن دستور البلاد هو "القران الكريم".

مفهوم الاعتدال واسع

وتحدث ولي العهد السعودي في حواره التلفزيوني حول الاعتدال وقال: لا أعتقد أنني في موقع يجعلني أعرف ما هو مفهوم الاعتدال بقدر ما ألتزم بدستور المملكة العربية السعودية الذي هو القرآن والسنة ونظامها الأساسي للحكم وتطبيقه على أكمل وجه بمفهوم واسع يشمل الجميع مشيراً إلى أن الاعتدال كلمة واسعة للغاية، فجميع فقهاء المسلمين والعلماء من أكثر من ألف سنة وهم يجتهدون بما هو مفهوم الاعتدال.

وتابع ولي العهد: دستورنا هو القرآن وسوف يستمر للأبد والنظام الأساسي في الحكم ينص على ذلك بشكل واضح للغاية، نحن كحكومة أو مجلس الشورى كمشرع أو الملك كمرجع للسلطات الثلاث ملزمين بتطبيق القرآن، لكن في الشأن الاجتماعي والشخصي فقط ملتزمين بتطبيق النصوص المنصوص عليها في القرآن بشكل واضح مما يعني أنه لا يجب أن أطرح عقوبة شرعية بدون نص من القران والسنة.

وأضاف الأمير محمد بن سلمان عندما أتكلم عن نص صريح من السنة فإن أغلب المدونين للحديث يصنفون الحديث بناء على البخاري ومسلم وغيره أنه حديث صحيح أو حسن أو ضعيف لكن في تصنيف آخر هو الأهم الذي هو الحديث المتواتر والآحاد والخبر هو المرجع الرئيسي في استنتاج الأحكام واستنباطها من الناحية الشرعية.

وأشار إلى التزام الحكومة في الجوانب الشرعية بتطبيق النصوص في القرآن ونصوص الحديث المتواتر وتنظر للحديث الآحاد حسب صحته وضعفه ووضعه، ولا تنظر لأحاديث الخبر بتاتاً إلا إذا كانت تسند عليه رأي فيه مصلحة واضحة للإنسان، مضيفاً أنه لا عقوبة على شأن ديني إلا بنص قرآني واضح وتطبق هذه العقوبة بناء على كيفية تطبيقها في عصر الرسول صلى الله عليه.

لن نجعل من البشر آلهة ً وباب الاجتهاد مفتوح
وتابع متى ما ألزمنا أنفسنا بمدرسة معينة أو بعالم معين معناه هو أننا جعلنا من البشر "آلهة" فالله سبحانه وتعالى والرسول صلى الله عليه وسلم لم يضعَ بينهم وبين الناس حجاب، أنزل القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم طبقه على الأرض والاجتهاد مفتوح للأبد.

وأضاف ولي العهد السعودي أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب لو خرج من قبره ووجدنا نلتزم بنصوصه ونغلق عقولنا للاجتهاد ونؤلهه أو نضخمه لعارض هذا الشيء، فلا توجد مدرسة ثابتة ولا يوجد شخص ثابت، القرآن والاجتهاد مستمران فيه، وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم والاجتهاد مستمران فيه، وكل الفتاوى تخضع لعامل الزمان والمكان.

وأشار إلى أنه قبل مئة عام كان أحد المشايخ الأجلاء يفتي بفتوى معينة وهو لا يعرف أن الكرة الأرضية مدورة أو لا، ولا يعرف قارات العالم ولا التقنية وإلى آخره، ففتواه بناء على معطياته ومعلوماته وفهمه للقرآن والسنة لكن هذه تغير في وضعنا الحالي مشدداً على أن مرجعنا النهائي هو القرآن وسنة الرسول.

بلادنا مستهدفة من المتطرفين

وعن التطرف، أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن التطرف في كل شيء غير جائز قائلاً إن الرسول حدّثَ أن يوم من الأيام سوف يخرج من يتطرف وإذا خرجوا اقتلوهم، لا تغلوا في دينكم فما أهلك من قبلكم إلا غلوهم في دينهم، فالغلو في أي شيء سواء في الدين أو في ثقافتنا أو عروبتنا أو في أي أمر كان خطيراً للغاية بنص الرسول صلى الله عليه وسلم ومن تجارب دنيوية ومن التاريخ الذي تقرأه مؤكداً أنه ما من شك أن المملكة كانت هدفاً رئيساً للمشاريع المتطرفة والإرهابية في أنحاء العالم.

وقال ولي العهد إذاً أنا أسامة بن لادن وأريد أن أنشر فكري المتطرف في العالم كله وأريد أن أنشره خصوصاً بين المسلمين، من أين سأبدأ؟ سأبداً في الدولة التي فيها قبلة المسلمين فإذا نجحت في نشر مشروعي هناك تلقائياً سوف ينتشر في أنحاء العالم، كل فكر متطرف عندما يريد أن يبدأ بلا شك سيستهدف المملكة .

وبين ولي العهد حول قضية التطرف التي عانت السعودية من وطأتها بشكل جلي إذ قال، كنا في مرحلة صعبة جدا لنقول من الخمسينات إلى السبعينات المشروع العربي والاشتراكية والشيوعية وغيرها من مشاريع في المنطقة التي أعطت فرصة لكثير من الجماعات المتطرفة أن تدخل بشكل أو بآخر المملكة وتصل إلى مواقع مختلفة سواء في الدولة أو الاقتصاد وآخره، نتج عنها عواقب لا تحمد عقباها، ورأينا أثرها في السنوات الماضية، اليوم لا نستطيع أن ننمو ونجذب رؤوس الأموال ولا أن نتقدم بوجود فكر متطرف في السعودية، إذا تريد ملايين الوظائف وخفض معدل البطالة ونمو اقتصادي ملحوظ يجب أن تستأصل هذا المشروع لمصلحة دنيوية، ناهيك عن مصلحة أن هؤلاء لا يجب أن يمثلون ديننا الحنيف ومبادئنا السمحة بشكل أو باخر.