غزة (الاراضي الفلسطينية): سكتت أصوات القنابل والمدافع والصواريخ في قطاع غزة وإسرائيل منذ بدء سريان وقف إطلاق النار بعد أحد عشر يوما من تصعيد دام، فيما تمّ انتشال خمس جثث وعشرة ناجين الجمعة من تحت أنقاض نفق في منطقة خان يونس قصفه الطيران الاسرائيلي خلال المواجهات.

في القدس الشرقية المحتلة، اندلعت مواجهات مجددا بين الشرطة الإسرائيلية والفلسطينيين في باحة المسجد الأقصى، بعد أسبوعين على أحداث مشابهة كانت السبب في تفجّر المواجهات بين حركة حماس وإسرائيل.

وتعرض مصور لفرانس برس للضرب من جانب الشرطة.

واندلعت ايضا مواجهات في العديد من احياء القدس الشرقية وعند معبر قلنديا بين القدس والضفة الغربية المحتلة، بحسب الشرطة الاسرائيلية التي اشارت الى تعبئة مئات من الشرطيين وحرس الحدود.

وبعد أن احتفلت حركتا حماس والجهاد الإسلامي الليلة الماضية ب"نصر تاريخي"، تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ع "نجاح استثنائي" للعملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.

في القطاع المحاصر، بدأ آلاف من الفلسطينيين يغادرون المدارس التي لجأوا إليها هربا من القصف، بحسب مسؤول في الأمم المتحدة، بينما يواصل المسعفون وخدمات الإسعاف والدفاع المدني البحث عن ناجين تحت الركام.

وتم انتشال خمس جثث وعشرة ناجين من تحت أنقاض نفق في منطقة خان يونس في غزة.

وقال نائب رئيس الدفاع المدني في قطاع غزة رائد الدهشان لفرانس برس إن "الدفاع المدني يعمل مع وزارة الاشغال العامة والبلديات على رفع الركام ونواصل البحث عن مفقودين تحت الانقاض".

وأضاف أن هناك "صعوبة كبيرة" في العمل "لأننا لا نملك أي معدات ثقيلة للبحث، ولهذا السبب يموت بعض المصابين تحت الأنقاض بالرغم من أنه بالإمكان إنقاذ حياتهم".

في مدينة غزة، قال نظمي الدحدوح (70 عاما) الذي دمر منزله في غارة جوية الإثنين "لا نملك منزلا آخر، أنا سأقيم خيمة فوق ركام المنزل، إلى حين إعادة بنائه، آمل أن يكون قريبا كي لا نبقى مشردين".

وبدأ تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل اليه بوساطة مصرية، الساعة الثانية فجرا (23,00 ت غ الخميس). وبعد دقائق من بدء سريان الهدنة، عمّت الاحتفالات قطاع غزة وأُطلقت أعيرة نارية في الهواء ابتهاجاً، وفق ما أفاد صحافيون في وكالة فرانس برس. كما خرجت حشود في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية المحتلة الى الشوارع لتعبر عن ابتهاجها.

ومن جانبه، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في كلمة متلفزة على "النصر العظيم الذي سجلته المقاومة الباسلة".

وشكر هنية إيران أيضا على دعمها "المقاومة" الفلسطينية بالمال والسلاح، مؤكدا أن طهران "لم تبخل عن مد المقاومة بالمال والسلاح والتقنيات".

بدورها، هنأت إيران الجمعة على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، الفلسطينيين ب"الانتصار التاريخي" في أعقاب وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.

وكتب المتحدث باسم الوزارة سعيد خطيب زاده عبر حسابه على تويتر "تهانينا الى شقيقاتنا وأشقائنا الفلسطينيين على الانتصار التاريخي"، مضيفا "مقاومتكم دفعت المعتدي للتراجع".

اندلع النزاع الأخير بعد إطلاق حماس صواريخ في اتجاه الدولة العبرية في العاشر من أيار/مايو، تضامناً مع الفلسطينيين الذين كانوا يخوضون منذ أيام مواجهات مع الإسرائيليين في القدس الشرقية وباحات المسجد الأقصى، ما تسبّب بإصابة أكثر من 900 منهم بجروح. وجاءت تلك المواجهات على خلفية التهديد بطرد عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح لصالح مستوطنين يهود.

وحصلت مساع دبلوماسية كثيفة لإقرار وقف إطلاق النار الذي رحّب به الرئيس الأميركي جو بايدن.

وقال من البيت الأبيض "أعتقد أن لدينا فرصة حقيقية لإحراز تقدم"، نحو السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، "وأنا ملتزم بالعمل من أجل ذلك"، مشيدا بدور مصر في التوسط في الاتفاق.

وأضاف "أنا مقتنع بأنّ الفلسطينيين والإسرائيليين يستحقّون على حدّ سواء العيش بأمان والتمتّع بنفس المستوى من الحرية والازدهار والديموقراطية".

وسيتوجه وزير الخارجية الاميركي أنتوني بلينكن الى المنطقة "خلال الأيام المقبلة" للقاء مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين وإقليميين و"مناقشة جهود التعافي والعمل معا لبناء مستقبل أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين"، وفق ما أعلنت واشنطن.

وقتل في القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي على قطاع غزة 243 شخصا بينهم 66 طفلا كما أصيب 1910 أشخاص بجروح، وفق حصيلة جديدة لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس. وبين القتلى مقاتلون من حماس وفصائل فلسطينية أخرى.

وتسببت الصواريخ التي أطلقتها حماس والفصائل من قطاع غزة باتجاه الأراضي الإسرائيلية بمقتل 12 شخصاً، بينهم طفلان وجندي، فيما أصيب 355 آخرون بجروح، وفق الشرطة الإسرائيلية.

وأشاد نتانياهو الجمعة بما وصفه بأنه "نجاح استثنائي" للعملية العسكرية الإسرائيلية، مؤكدا لصحافيين في تل أبيب "حققنا أهدافنا في العملية".

وقال "لا يمكن لحماس الاختباء بعد الآن... قمنا بتصفية أكثر من 200 إرهابي بينهم 25 من الكوادر".

لكن القيادي في حركة حماس خليل الحية كان قال في كلمة ألقاها أمام آلاف المتظاهرين في غزة ليل الخميس الجمعة، "أقول لنتانياهو إن المجاهدين يتبخترون الآن في الأنفاق".

وأضاف "هذه نشوة النصر، نتانياهو الذي يقول سيدمر غزة ها هم جنود المقاومة يخرجونه من كل مكان".

وقال الجيش الإسرائيلي إنّ أكثر من 4300 صاروخ أطلقت من قطاع غزة في اتجاه إسرائيل، اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية 90 في المئة منها.

وتتهم إسرائيل حركة حماس بتخزين الأسلحة وإقامة مواقع عسكرية في مناطق مكتظة بالسكان.

وقالت مصادر دبلوماسية لوكالة فرانس برس في القاهرة إن وفدين مصريين سيرسلان الى تل أبيب والأراضي الفلسطينية "لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار والإجراءات للحفاظ على استقرار الظروف بشكل دائم".

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي رحّب أيضا بالاتفاق إن على إسرائيل والفلسطينيين الآن مسؤولية إجراء "حوار جاد لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع".

كما دعا المجتمع الدولي إلى العمل مع الأمم المتحدة على "حزمة قوية من الدعم لإعادة الإعمار والتعافي السريع والمستدام".

ورحبت باريس وبكين وروسيا أيضا بوقف النار، ودعتا الى استئناف العملية السياسية.

ورغم الهدنة، تبقى مخاوف من تجدّد التوترات بين اليهود والعرب في الداخل الإسرائيلي حيث حصلت أعمال عنف هي الأولى بهذا الحجم منذ سنوات، وفي الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية حيث قتل 25 فلسطينيا في مواجهات مع القوات الإسرائيلية.