"إيلاف" من لندن : اعتبر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الاثنين ان فتوى المرجع السيستاني للجهاد قد أنهت وحشا ارهابيا أرعب العالم مشيرا الى ان احتلال داعش لمساحات واسعة من العراق كان نتيجة لسياسات خاطئة أدت بالبلد الى كوارث مؤكدا العمل حاليا لوضعه على الخط الصحيح بدعم القوات المسلحة وضبط أدائها وفق القواعد العسكرية الوطنية كما أوصت المرجعية محذرة من استغلال الفتوى سياسيا واقتصاديا لصالح مشاريع غير وطنية تفسد تضحيات المتطوعين .

وقال الكاظمي في رسالة الى العراقيين حصلت "ايلاف" على نصها وجهها لمناسبة الذكرى السابعة لصدور فتوى المرجع الشيعي الاعلى في البلاد آية الله السيد علي السيستاني بالجهاد الكفائي التي دعا فيها العراقيين الى التطوع لقتال تنظيم داعش اثر احتلاله مدينة الموصل ومناطق شاسعة من غرب البلاد ان العراق مر في مثل هذه الأيام "بظروف بالغة الصعوبة وضعت العراق أمام تحدٍ وجودي خطير، لولا العناية الإلهية بهذا الوطن المقدس وما صدر من المرجع الأعلى السيد علي السيستاني، من فتوى وتوجيهات أوقفت وحشا إرهابيا كان قد أرعب العالم كله، وقد أدت الفتوى الى القضاء على هذا التنظيم خلال مدة لم يكن يتصورها العالم كله".

وأشار الى ان الفتوى جاءت "من منطلق روح وطني خاطب الهوية العراقية الشاملة، كما هو المنهج المتعارف الدائم في مواقف المرجعية الرشيدة التي أبت أن تخاطب أي عراقي سوى بهويته العراقية، تاركة العناوين الطائفية والعرقية بعيدا تماما عن خطابها السياسي وقد لبّى العراقيون بكافة أصنافهم وأطيافهم الدعوة الشاملة لجميع المتطوعين للالتحاق بالقوات الأمنية الرسمية لمواجهة داعش."

واعتبر الكاظمي ان الفتوى قد ضخت دماً جديداً في جسد العراق والعراقيين، وكان العالم يعيش لحظة صعبة على حدث مفزع تجلّى بضياع كبرى مدن العراق (ام الربيعين) وسقوطها بيد داعش الإرهابي، وما تلا ذلك من سقوط محافظات ومدن متعددة وذبح أهلها واستباحة حرماتها وسبي حرائرها، من قبل العصابات الإرهابية المجرمة، أهلكت الحرث والنسل وارتكبت بحق الأبرياء والعُزَّل أفظع المجازر والإبادة الجماعية بحق أهلنا، وأرادوا طمس تأريخ وهوية بلدنا وشعبنا".

وأوضح ان هذه كلها جاءت نتيجة الإهمال في رعاية المؤسسات الأمنية والجيش العراقي البطل وتراكم من سياسات خاطئة أدت بالبلد الى هذه الكوارث.

تحذير من استغلال سياسي لمشاريع غير وطنية

وبين قائلا "نعمل على تصحيح هذه المسارات ووضع البلد على الخط الصحيح بدعم القوات المسلحة وضبط أدائها وفق القواعد العسكرية الوطنية، كما أوصت بها المرجعية دائما، محذرة من استغلال الفتوى سياسيا واقتصاديا لصالح مشاريع غير وطنية تفسد تضحيات المتطوعين الأبطال".

وتوجه الكاظمي الى العراقيين قائلا "من هنا أخاطب شعبي الكريم، شعب العراق مهد الحضارة الإنسانية وأرض الأنبياء والأوصياء، بأننا نسعى دوما لتوطيد دعائم الأخوة بين أبناء المجتمع كنسيج وطني واحد يتمتعون بجميع حقوقهم دون تمييز، ونتصدى لدعاوى الكراهية والتحريض على العنف".

وأضاف "نستذكر هذا اليوم ليس من أجل إيقاظ جراح الأيتام والأرامل، وإنما لنستفيد من العبر ونصحح الأخطاء.. دعونا ننظر الى المستقبل ونبني عراقا قويا مقتدرا يحترم فيه الإنسان دون تمييز وتفرقة، إن لغة التسامح والعفو يجب أن تسود وتتغلب على لغة الانتقام والعنف".

وزاد قائلا "إن حكومتكم هذه، رغم كل المصاعب والعراقيل واقفة بكل قوة من أجل بناء مستقبل زاهر وواعد، قريبا سوف يكون لكم دور في بناء مستقبلكم من خلال مشاركتكم في الانتخابات لغرض اختيار الأمثل لمن يمثلكم".
وقال "أخذت هذه الحكومة على عاتقها المضي بمنهج معتدل ومدروس في تفكيك الأزمات، والابتعاد عن سياسة ردود الفعل والإثارات التي أخذت بالبلد سابقا نحو الكوارث".

وأضاف "أقدم الشكر لكم أيها الشعب العراقي الصابر والى قواتنا المسلحة بكل صنوفها والى المرجعية العليا الرشيدة، آية الله العظمى السيد علي السيستاني".. و"تحية إجلال وإكرام لشهداء العراق الذين قدموا الأرواح قرابين من أجل حرية بلدهم وتحرير شعبهم والإنسانية من آفة الإرهاب".

وكان الرئيس العراقي برهم صالح قد كتب في تغريدة على توتير امس تابعتها "ايلاف" قائلا "نستذكرُ باعتزاز نداء #الجهاد_الكفائي‬⁩،الذي أطلقه المرجع الأعلى السيّد السيستاني (دام ظله)؛ ونُحيي من لب النداء في لحظة التحدي الأصعب، وقد تحقق تحرير الوطن من دنس الارهاب بتكاتف العراقيين من الجيش والحشد والپيشمرگه. النصر لن يكتمل الا بترسيخ الدولة المقتدرة وسيادة القانون وحكم رشيد".

نص فتوى الجهاد الكفائي وماتعنيها
وفتوى الجهاد الكفائي هي فتوى أصدرها السيستاني لمحاربة تنظيم داعش في 13 حزيران يونيو عام 2014 وأعلنها ممثله في كربلاء ووكيله الشيخ عبد المهدي الكربلائي عبر خطبة صلاة الجمعة ودعت كل من يستطيع حمل السلاح الى المشاركة في القتال إلى جانب الأجهزة الأمنية الحكومية.

وإثر هذه الفتوى التحق الآلاف من المتطوعين إلى الحشد الشعبي الذي حارب بدوره داعش بعد أن كان قد سيطر التنظيم على مساحات شاسعة من الاراضي العراقية وقام بأعمال قتل ودمار واسعة. يشار الى انه يراد بالفتوى كلّ موقف شرعي تجاه القضايا المختلفة.. وأما الواجب الكفائي فهو قسم من أقسام الواجبات الدينية المطلوب فيه القيام بالفعل من أي مكلف كان .. وهنا نص الفتوى:
"إن طبيعة المخاطر المحدقة بالعراق وشعبه في الوقت الحاضر تقتضي الدفاع عن هذا الوطن وأهله وأعراض مواطنيه وهذا الدفاع واجب على المواطنين بالوجوب الكفائي، من هنا فإن على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم عليهم التطوع للانخراط في القوات الأمنية لتحقيق هذا الغرض المقدس".

واثر ذلك تشكلت من المتطوعين الذين استجابوا الى الفتوى قوات الحشد الشعبي والتي نص القانون على انها قوات نظامية وجزء من القوات المسلحة العراقية تأتمر بأمرة القائد العام للقوات المسلحة . وتشكل الحشد في البداية من فصائل مسلحة كانت غالبيتها في البداية من الشيعة ثم انضمت إليها لاحقا العشائر السنية من المناطق التي سيطرت عليها داعش في محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار وكذلك إنخرط في صفوفه مئات من مختلف الأديان والقوميات كالمسيحيين والتركمان والأكراد.

ويضم الحشد الشعبي حاليا حوالي 67 فصيلا مسلحا خرج بعضها على ارادة الدولة العراقية وارتبط بايران تمويلا وتسليحا وفكرا من خلال ايمانه بولاية الفقيه وخضوعه لاجندات الحرس الثوري الايراني حتى اصبحت هذه الفصائل عبئا على الدولة وقواتها المسلحة.

و ارتكبت هذه المليشيات المرتبطة بايران على مدى السنوات السبع الماضية جرائم طائفية وخرجت على قوانين البلاد وتمردت على القائد العام للقوات المسلحة والضوابط العسكرية وقوانين العراق ودستوره فاصبحت عبئا خطيرا على الدولة ما اثار مطالب بضرورة صدور فتوى اخرى من السيستاني بحل الحشد الشعبي وايكال الواجبات الامنية والعسكرية لقوات البلاد النظامية المسلحة التي تضم حاليا اكثر من مليون عنصر.