إيلاف من بيروت: زعم دبلوماسي سابق يعمل لنظام دمشق أن هناك بعض المشكلات بين الأسد وروسيا، وأن هذه الأخيرة ترسم خطة جديدة لسوريا من دون الأسد.

إذا كانت المزاعم صحيحة، وإذا كان بشار الأسد الذي يلجأ إلى إيران لأن مصالح روسيا وأهدافها في المنطقة تتعارض مع مصالح دمشق وطهران، لا يستطيع حل مشكلاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فمن المحتمل ألا يستمر طويلًا في السلطة، بحسب ما يقول الكاتب السياسي التركي بولنت أوراك أوغلو، في صحيفة "يني شفق" التركية.

وبحسب الدبلوماسي صقر الملحم، تم الاتفاق بين الدول المعنية بالأزمة في سوريا على "سوريا من دون الأسد". وكخطوة أولى نحو الحل، سيتم تشكيل مجلس سياسي إلى جانب المجلس العسكري للنظام، وتأليف حكومة مؤقتة تضم مسؤولين سوريين من المعارضة. أما بشار الأسد الذي سيتحول لاجئاً سياسياً، فمن الممكن أن يذهب إلى إيران أو كوبا أو فنزويلا.

أضاف الملحم، بحسب "يني شفق"، أن الأشهر المقبلة ستكون مليئة بالمفاجآت، وأن تطبيق العقوبات ضد الدول أو المؤسسات التي نسجت علاقات وثيقة مع نظام بشار الأسد، وفق مبادئ قانون قيصر، سيصبح أكثر تواترًا. بحسب "قانون قيصر للحماية المدنية في سوريا" الذي وقعه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، والذي استلهم اسمه من الاسم الرمزي لعنصر في الشرطة العسكرية السورية سرب في 2014 للصحافة العالمية 55 ألف صورة لـ 11 ألف معتقل تعرضوا للتعذيب حتى الموت في سجون الأسد، فإن الذين يتعاملون ماليًا مع أشخاص أو شركات مقاولات تعمل نيابة عن روسيا وإيران ستعرضون للعقوبات.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على 39 شخصًا مرتبطين بالحكومة السورية، بمن فيهم بشار الأسد وزوجته، وفق قانون قيصر. وذكر مسؤولون أميركيون أن هذه العقوبات ستستمر ما دامت الحرب الوحشية التي يشنها النظام ضد شعبه مستمرة.

وفقًا للخبراء، وعلى الرغم من وقوف روسيا وإيران في الخندق نفسه لنصرة نظام الأسد بوجه الانتفاضة التي بدأت في عام 2011، فالبلدان مختلفان في السياسة الخارجية. ويذكر أن المشكلات الرئيسية الثلاث بين موسكو ودمشق وطهران هي العملية السياسية المتعلقة بإعداد الدستور الجديد، كما تقول "يني شفق".

وبحسب روسيا، هناك امتدادان لإيران: الأول في آسيا والآخر في الشرق الأوسط. وفي هذا تعتبر إيران في آسيا مهمة جدا بالنسبة لروسيا من حيث إنها عضو مراقب في منظمة شنغهاي للتعاون، وكونها جزءا في المناورات العسكرية المشتركة في بحر قزوين، والعلاقات التجارية بين بكين وموسكو. مع ذلك، وعلى الرغم من أن القاسم المشترك بين إيران وروسيا في سوريا هي محاربة الإرهاب، فإن أساليبهما مختلفة. فروسيا ـريد أن تظل إيران قوة إقليمية في آسيا، ولا تريدها أن تنفتح على المتوسط.

تشن إسرائيل من جانبها بشكل متكرر هجمات على مناطق معينة داخل سوريا فتضرب أهدافًا عسكرية إيرانية. وعلى الرغم من أن لروسيا أنظمة دفاع جوي متطورة في سوريا وعلاقات جيدة مع إسرائيل، فإن فشلها في منع هذه الهجمات يسبب عدم ارتياح في دمشق وطهرانفتسامح روسيا مع هذه الهجمات هو أحد المشكلات المهمة.

أضافت الصحيفة التركية أنه بينما تتراجع النزاعات في سوريا، تتزايد الخلافات في الرأي على خط موسكو - طهران - دمشق. وقد أدت انتقادات وجهتها موسكو لدمشق إلى مزاعم بأن بوتين لم يعد يريد الأسد. لكن، هناك نهجان مختلفان في موسكو في ما يتعلق بسوريا: بحسب النهج الأول الذي يدافع عنه الرأي العسكري في الغالب، لا حرب أهلية في سوريا. تحاول حكومة دمشق استعادة أراضيها من الإرهابيين الدوليين المدعومين من الخارج. في هذه الحالة، الطريقة الوحيدة لإنهاء الصراع هي تدمير الإرهابيين. من الواضح أن القيادة السورية تؤيد في هذا النهج؛ وبحسب النهج الثاني الذي ينادي به الدبلوماسيون الروس، فإن القضية في سوريا لا تقتصر على الإرهابيين. وبحسب هذا الرأي، هناك أيضًا معارضون للأسد. إذًا إنها حرب أهلية، وإنهاؤها يستدعي بدء حوار سياسي والذهاب إلى جنيف والتوصل إلى اتفاق وإصلاح الدستور وإجراء انتخابات تحت رعاية أممية.

يضيف أوراك أوغلو في "يني شفق" أن تركيا كانت من الدول التي وصفت الانتخابات الرئاسية السورية الأخيرة في 26 مايو 2021 بأنها عرض وهمي ومسرحية نظمها نظام الأسد قاتل الأطفال من جانب واحد في المناطق الواقعة تحت سيطرته. وجاء في بيان مشترك لوزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإنكلترا والولايات المتحدة أن "الانتخابات الرئاسية في سوريا في 26 مايو ليست حرة ولا هي نزيهة. ونحن نرفض قرار نظام الأسد إجراء هذه الانتخابات خارج إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254".

واشار الكاتب إلى أنه نتيجة الحصار المكثف والهجمات العنيفة، أصيب 78 مدنياً في مدينة دوما بالغازات السامة، وقتلوا جراء هجوم كيماوي نفذه نظام الأسد الذي استولى على دوما في 7 أبريل 2018، وكان اختيار بشار الأسد وزوجته لقضاء الدوما في العاصمة دمشق للتصويت استفزازًا واضحًا لمشاعر ملايين السوريين وتحديًا صريحًا للمجتمع الدولي الذي أعلن عدم اعترافه بهذه الانتخابات.

لكن، من أين يحصل الأسد على الشجاعة لتحدي العالم؟ لا شك في أنه يحصل عليها من بوتين. ويختم بولنت أوراك أوغلو بالقول: "لهذا السبب، أعتقد أنه لو كان بوتين يريد فعليًا سوريا من دون الأسد، لما كان هذا القاتل ليمضي قدمًا في هذا التحدي".

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "يني شفق".