إيلاف من دبي: تبنت جماعة "داعش خراسان" سلسلة من الهجمات المميتة في السنوات الأخيرة مثل هجوم 2019 على قاعة زفاف في كابل، ويوم أمس تبنت نفس المجموعة سلسلة من الهجمات الدموية على مطار كابول، والذي راح ضحيتها العشرات ومن بينهم جنود أميركيون ومدنيون أفغان.

فعندما تأسس تنظيم داعش وأعلن خلافته ونصب التنظيم، رئيسه أبوبكر البغدادي خليفة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها دون أن يأخذ رأيهم في ذلك، أعلن التنظيم عن "ولاية خراسان" كجزء من المناطق التي يرنو إلى بسط حكمه عليها، وفقًا لـ "العربية.نت".

وأنشأ داعش لهذه الغاية فرعا تابعا له يتخذ من أرض باكستان وأفغانستان معقلا له ومكانا لممارسة نشاطه، وأعلن تنظيم داعش عن تشكل هذا الفرع في يناير 2015 وعين حافظ سعيد خان أميراً له، وبالرغم من أن معظم أراضي خراسان التاريخية تقع شرق إيران إلا أن الجزء الإيراني لم يشهد أي تحرك ضد السلطات الإيرانية من قبل داعش.

خراسان الكبرى، منطقة جغرافية مترامية الأطراف، ومن الناحية التاريخية تشمل إقليم "خراسان" الخاضع للخلافة الأموية ثم بشكل أوسع للخلافة العباسية.

ويبدأ الإقليم من شرق إيران ويضم 3 محافظات ويمتد إلى شمال غربي أفغانستان عبر هرات وأجزاء من جنوب جمهورية تركمانستان، بالإضافة إلى جمهورية طاجيكستان وولايتي سمرقند وبخارا في جمهورية أوزبكستان.

الجماعة غير الولاية

للتوضيح هناك جماعة تابعة للقاعدة تعرف باسم "جماعة خراسان" وهي تتألف من كبار أعضاء تنظيم القاعدة الذين ينشطون في الوقت الراهن في سوريا وهي تتألف من عدد صغير من المقاتلين الذين يقدر عددهم بالعشرات وثمة تنسيق مستمر بين الجماعة وجبهة النصرة التابعة لها، وهو تنظيم القاعدة في سوريا.

ويبدو أن "جماعة خراسان" تختلف عن "داعش خراسان"، خلافا لبعض التقارير الاستخباراتية.

إن جماعة "ولاية خراسان" في الواقع تتبع "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وهي فرع محلي لتنظيم داعش يعمل في أفغانستان وباكستان.

وتعتبر هذه المجموعة من أكثر الجماعات تطرفا وعنفا بين المسلحين الموجودين في أفغانستان.

وتشكلت الجماعة في يناير 2015، عندما كان داعش في أوج سطوته في العراق وسوريا، وكان يحلم بالسيطرة على جغرافيا المناطق التي ذكرها في خارطته المزعومة، وذلك قبل الإطاحة بالتنظيم من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، وفقًا لـ "العربية.نت".

ويتم تجنيد عناصر في "داعش خراسان"، من بين المتشددين الأفغان والباكستانيين، وخاصة من بين أعضاء طالبان السابقين الذين لا يعتبرون تنظيمهم متطرفا بما فيه الكفاية.

استهداف مدارس الفتيات والمستشفيات

يذكر فرانك غاردنر في مقال كتبه لـ"بي بي سي"، أنه تم إلقاء اللوم على جماعة "ولاية خراسان" في بعض أسوأ الجرائم في السنوات الأخيرة في أفغانستان، من قبيل استهداف مدارس الفتيات والمستشفيات، وحتى مهاجمة جناح الولادة وقتل النساء الحوامل والممرضات.

وعلى عكس طالبان التي تقتصر أهدافها على أفغانستان، فإن الجماعة المذكورة تعتبر نفسها امتدادا لشبكة داعش العالمية، التي تسعى إلى مهاجمة أهداف غربية ودولية وإنسانية محلية، كلما سمحت الظروف بذلك.

وفي أفغانستان يتمركز أعضاء المجموعة في إقليم ننكرهار بشرق أفغانستان، بمحاذاة طرق تهريب المخدرات والبشر من وإلى باكستان.

ويؤكد غاردنر على أنه كان لدى الجماعة حوالي 3000 عضو في أوج قوتها، لكنها تعرضت لخسائر كبيرة إثر اشتباكات مع الجيش الأمبركي وقوات الأمن الأفغانية، وكذلك مع قوات طالبان أيضا.

قبل قراءة الرد على هذا السؤال من الضرورة بمكان الإشارة إلى أن جماعة طالبان تتكون من مجموعات مختلفة والأمر الذي كان يوحدها مواجهتها للقوات الغربية والأميركية في أفغانستان وإحدى هذه المجموعات المكونة لطالبان، والتي تعد أكثر تطرفا ومتهمة بتنفيذ معظم العمليات الإرهابية في أفغانستان هي "شبكة حقاني" التي على علاقة بـ"داعش خراسان" وعليه يمكن القول بأنها مرتبطة بطالبان عبر حلقة الوصل وهي "شبكة حقاني"، وفقًا لـ "العربية.نت".

ولهذا يرى الباحثون في الشأن الأفغاني أن "جماعة خراسان" لها علاقات قوية بشبكة حقاني، وبالتالي لها علاقات وثيقة مع طالبان أيضا، خاصة أن الشخص المسؤول عن الأمن في كابل هو خليل حقاني، والذي سبق وأن حددت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لرأسه.

شبكة حقاني: صلة وصل بين الإخوة الأعداء

لا يوجد خلاف جوهري من الناحية العقائدية بين أعضاء طالبان وداعش والقاعدة، ومعظم الخلافات تدور حول التكيتيكات للوصول إلى الأهداف، لذا ليس بعيدا لو أطلقنا عليهم "الإخوة الأعداء".

وإلى ذلك فإن علاقة شبكة حقاني الطالبانية مع داعش لا تثير استغراب المتابعين للشأن الأفغاني.

وعندما اجتمع كبار قادة طالبان في كابل السبت 21 أغسطس 2021 لمناقشة تشكيل حكومة أفغانية جديدة، حضر ممثل لشبكة حقاني، التي كانت قد تأسست بواسطة جلال الدين حقاني، الذي ساهم في الحرب ضد الجيش الأحمر في ثمانينيات القرن الماضي في أفغانستان، وحظي وقتها بدعم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أيه) وباكستان ضمن خطة مد "المجاهدين" بالأسلحة والأموال.

وبعد انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان، أقام جلال الدين حقاني علاقات مع جهاديين عرب من بينهم أسامة بن لادن وتحالف فيما بعد مع طالبان خلال سيطرتها على أفغانستان في 1996 وشغل منصب وزير حتى الإطاحة بحركة طالبان خلال الغزو الأميركي في 2001، وتوفى جلال الدين حقاني في 2018، ثم تولى نجله سراج الدين الزعامة، وأصبح الأخير نائب رئيس طالبان في 2015، وفقًا لـ "العربية.نت".

والشقيق الأصغر لسراج الدين، أنس حقاني، أمضى عقوبة سجن وحكمت عليه الحكومة الأفغانية السابقة بالإعدام، وأجرى مؤخرا بعد سقوط كابل، محادثات مع الرئيس السابق حامد كرزاي ونائب الرئيس السابق عبدالله عبدالله.

هذه الشبكة تأخذ قراراتها بشكل مستقل عن حركة طالبان، نظرا لاستقلالها المالي وتمتعها بمقاتلين شرسين مدربين بشكل جيد، ومعقل الجماعة في شرق أفغانستان الجبلية الوعرة على طول الحدود في شمال غربي باكستان.

داعش خراسان: طالبان تخلت عن الجهاد

لو استطاعت حركة طالبان التحول من مجموعة مسلحة إلى دولة تخضع للظروف والقواعد السياسية الإقليمية والدولية، مما لا شك فيه سوف تتعمق الهوة بينها وبين الجماعات التي خارطتها لا تختزل في أفغانستان وعلى رأسها تنظيم داعش.

ويقول الدكتور سيجان غوهيل، عضو مؤسسة آسيا والمحيط الهادئ، الذي يراقب الجماعات المسلحة في أفغانستان منذ عدة سنوات، إنه "تم تنفيذ عدة هجمات كبيرة بين عامي 2019 و 2021 بالتعاون مع جماعة خراسان وشبكة حقاني وطالبان وجماعات إرهابية أخرى متمركزة في باكستان".

وعندما استولت طالبان على كابل في 15 أغسطس، فتحت أبواب سجن "بُل تشرخي" وأطلقت سراح عدد كبير من المدانين، بمن فيهم أولئك الذين يُزعم أنهم ينتمون إلى داعش والقاعدة، وهؤلاء الناس يتجولون الآن بحرية كاملة في أفغانستان، وفقًا لـ "العربية.نت".

ويضيف: "لكن جماعة خراسان لديها أيضا خلافات كبيرة مع طالبان، حيث تتهمها بالتخلي عن الجهاد، وتقول إن حركة طالبان فضلت السلام في الدوحة والجلوس إلى طاولة المفاوضات في "الفنادق الفخمة".

وإلى ذلك تشكل القوات المسلحة لداعش في الوقت الراهن تحديا كبيرا لحكومة طالبان المستقبلية، من كافة النواحي وخاصة من الناحية التنظيمية الداخلية لطالبان بسبب وجود "شبكة حقاني" في الحركة وعلاقاتها بـ"داعش خراسان".

والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل تتعاون طالبان مع المجتمع الدولي وخاصة الاستخبارات الغربية ضد جماعة "تنظيم خراسان" دون أن تتخوف من شرخ داخل صفوفها؟