تعز: مع بداية العام الدراسي الجديد في اليمن، يفترش عشرات الطلاب في تعز الأرض داخل منزل غير مجهّز أصبح مقرًّا لمدرسة الثلايا، في بلد يجد فيه ملايين الأطفال أنفسهم بلا مقاعد دراسيّة وحتى بدون مدارس في خضم موجة إصابات جديدة بكوفيد-19.

ويتلقّى الطلاب الدروس داخل صفوف مكتظة وغير مجهّزة وسط نقص للخدمات وعدم توفّر بيئة صحيّة ملائمة داخل المدرسة. وبسبب الإكتظاظ، بادرت المدرسة إلى إعطاء بعض الحصص الدراسية في الباحة المحيطة في المنزل وحتى فوق السطح.

وتسبّب النزاع الدائر في اليمن منذ سبع سنوات بين الحكومة المعترف بها دوليًّا والمتمرّدين الحوثيين، بجعل اكثر من 2500 مدرسة في البلاد غير صالحة للإستخدام، بحسب منظّمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف، إذ تمّ تدميرها أو تحويلها لأغراض عسكريّة أو استخدامها كمراكز إيواء للنازحين.

وبحسب الأمم المتحدة، فإنّه قبل جائحة كوفيد-19، أشارت التقديرات إلى وجود مليوني طفل تقريبًا خارج المدارس.

أكثر المدن تأثّرًا

ويروي الطفل ليث كامل سيف الذي يدرس في الصف السابع "ندرس يومًا في الأرض الفارغة ويوم آخر ندرس على السطح وفي أيام ندرس في الشارع. منذ أربع سنوات نرغب في أن ننتقل إلى مدرسة (حقيقية)".

ولا يضع الطلاب الكمامات ولا يوجد أي تباعد إجتماعي في الصفوف.

وتعز في جنوب غرب اليمن، هي إحدى أكثر المدن تأثّرا بالحرب منذ بدأ النزاع في منتصف 2014.

وتخضع المدينة التي تحيط بها الجبال ويقطنها نحو 600 ألف شخص، لسيطرة القوّات الحكومية، لكن المتمرّدين يحاصرونها منذ سنوات، ويقصفونها بشكل متكرّر.

ويدرس 900 طالب في مدرسة الثلايا التي تقع في منطقة صينة جنوب غرب مدينة تعز. ويدفع كل طالب مبلغ 700 ريال يمني (دولار واحد) سنويًّا للمدرسة لتوفير إيجار المبنى الذي تستأجره.

ويعترف المعلّمون بأنّ البيئة المتوفّرة غير مناسبة للتعليم ما يتسبّب بتسرّب وهروب الكثير من الطلاب.

وتقول المعلمة آسيا أمين أحمد إنّ "الإزدحام كثير للغاية هنا لهذا يمرض الأطفال كثيرًا، ولا توجد لدينا خدمات صحية والنوافذ غير مغلقة".

من جهته، يؤكّد مدير المدرسة عبدالغني مهيوب أنّ "هناك تسرّب للطلاب بسبب عدم وجود خدمات أساسيّة مثل دورات المياه أو الكراسي. نعيش في العراء وغالبيّة الطلاب في بعض الفصول يتواجدون خارج المدرسة في ساحة المدرسة".

موجة ثالثة من كوفيد-19

ويستقبل اليمن العام الدراسي الجديد وسط موجة ثالثة من الإصابات بكوفيد-19 تجتاح البلاد.

وكانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا أعلنت في 21 من آب/ أغسطس الماضي أنّها تبحث في خطة صحية لمواجهة "الموجة الثالثة من الوباء، والخطوات المتّخذة لتعزيز قدرات مراكز العزل، وتكثيف الإجراءات الإحترازيّة والوقائيّة، للحد من تفشّي الوباء".

وسُجّل في البلد البالغ عدد سكّانه 30 مليون نسمة، رسميًّا نحو 8000 إصابة.

ولا يعلن المتمرّدون الحوثيّون الذين يسيطرون على غالبية مناطق شمال اليمن عن الإصابات في المناطق الخاضعة لسلطتهم.

وأكّدت يونيسف لفرانس برس أنّ "تفشي جائحة كوفيد-19 أجبر على إنهاء العامَين الدراسيَّين 2019-2020 و2020-2021 بشكل مبكر عن الأعوام السابقة ما أربك تعليم نحو 5,8 مليون طالب في المراحل الإبتدائية والثانوية، بما في ذلك 2,5 مليون فتاة".

النزاع في اليمن
ويدور نزاع في اليمن منذ منتصف 2014 بين المتمرّدين الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وجزء كبير من شمال البلاد وغربها، وحكومة يدعمها تحالف عسكري تقوده السعودية.

وتسبّبت الحرب في مقتل عشرات الآلاف معظمهم من المدنيّين، وأسفرت عمّا وصفته الأمم المتحدة بأنّه أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

ونزح حوالي 3,3 مليون شخص عن ديارهم بينما يحتاج 24,1 مليون يمني أو أكثر من 80 بالمئة من السكان إلى المساعدة، وفقاً للمنظّمة الأممية.

وتقول يونيسف إنّ " ثلثي المعلمين في اليمن - أي أكثر من 170 ألف معلم - لم يتقاضوا رواتبهم بصفة منتظمة منذ أكثر من أربع سنوات بسبب النزاع والإنقسامات الجغرافية والسياسية في البلاد".

ويعرّض هذا الأمر "حوالي أربعة ملايين طفل آخر لخطر تعطّل العملية التعليمية أو الإنقطاع عن الدراسة بسبب توقّف المدرّسين الذين لا يتقاضون رواتبهم عن التدريس بغرض البحث عن طرق أخرى لإعالة أسرهم"، وفقًا للتقرير ذاته.