ايلاف من لندن : أقر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الاثنين بصعوبة مواجهة انتهاكات حقوق الانسان في العراق مشيرا الى انها لا تتم بالنيات الحسنة وحدها مشددا على أهمية الاعتراف بشجاعة بالأخطاء ومعالجة تداعياتها ومحاسبة مرتكبيها.

وقال الكاظمي في تغريدة على حسابه في "تويتر " ان "أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) وصحبه الابرار الميامين، هي أبرز احتجاج إنساني ممتد عبر التأريخ على انتهاكات حقوق الإنسان".

واشار في التغريدة التي تابعتها "ايلاف" الى ان "هذه مناسبة للتأكيد بأن مواجهة مثل هذه الانتهاكات في العراق على امتداد المراحل ليست مهمة سهلة، ولا تتم بالنيات الحسنة فقط".

وشدد الكاظمي على "إن منهج التغيير الحقيقي يجب أن يبدأ من فلسفة التعاطي مع الناس في كل مؤسسات الدولة، وخصوصا الأمنية والعسكرية وإعادة تأهيل بعض المحققين".

وقال "علينا كعراقيين، أن نعترف بكل شجاعة بالأخطاء عندما تحصل، وأن نواجهها ونعالج تداعياتها ونحاسب مرتكبيها، وندخل مادة حقوق الإنسان في كل المناهج الدراسية، لترسيخها في النفوس والعقول وجعلها مَعبرا إلى المستقبل".

تحصين البلاد
واعتبر الكاظمي ان "تحصين الوطن وتكريس المصداقية يتم بالاعتراف وليس التغاضي. شعب العراق زرع قيم العدالة والتسامح والتضحية عبر التأريخ، ولا بد أن يحصد الكرامة، والديمقراطية خيار العراقيين وهم يستحقون مايليق بهم".

وكانت قضية انتهاك فاضحة لحقوق الانسان لما اطلق عليها "المتهم البرئ" قد هزت الشارع العراقي الاسبوع الماضي اثر افتضاح امر جل واجه التعذيب خلال التحقيق لارغامه على الاعتراف بقتل زوجته المختفية لكنها ظهرت بعد ذلك وهي حية ترزق.

وجمع الكاظمي الخميس الماضي بين المواطن البريء علي الجبوري من محافظة بابل جنوب بغداد وبين المحققين الذين استجوبوه وانتزعوا منه اعترافات تحت ضغط التعذيب واستمع منه إلى حيثيات قضيته.

ووجّه الكاظمي بأن يتقدم الجبوري بدعوى قضائية يطالب بها رد اعتباره وحقوقه وأن تشكل لجنة جديدة تتولى مراقبة تطبيق معايير حقوق الإنسان وتراقب عمل المحققين وأن تأخذ تعهدات واضحة بوجوب ملازمة مبادئ حقوق الإنسان لكل مكلف عند إجراء أي تحقيق.

كما أمر بايقاف جميع "الذين سولت لهم أنفسهم الاعتداء على حقوق المواطن والتحقيق معهم عن العمل وإبقائهم قيد التوقيف إلى أن تبتّ السلطات القضائية فيما اقترفوه" كما قال مكتبه الاعلامي في بيان صحافي تابعته "ايلاف".

وخلال اللقاء رفض الكاظمي جلوس المحقق المسؤول عن انتزاع الاعترافات من الجبوري وأمره بالوقوف أمامه.

يشار الى ان قضية انتهاكات حقوق الانسان وشيوع عمليات التعذيب في العراق ليست جديدة لكنها تفاقمت خلال السنوات الاخيرة واخذت منحى خطيرا في ظل وجود مليشيات مسلحة خارجة عن سلطة الدولة اضافة الى تسييس القضاء ووضعه تحت تصرف رغبات قوى سياسية .

دعوة لدعم دولي
وسبق لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) قد اكدت في اخر تقرير لها في آب أغسطس الماضي تحت عنوان "حقوق الإنسان في تطبيق العدالة في العراق: الشروط القانونية والضمانات الإجرائية لمنع التعذيب والمعاملة السيئة" تفاقم هذه الممارسة في السجون في جميع أنحاء العراق.

وغطى التقرير المدة الزمنية من 1 تموز يوليو 2019 إلى 30 نيسان إبريل 2021 واستند إلى مقابلات أجريت مع 235 محتجزا بالإضافة إلى موظفي السجون والقضاة والمحامين وأهالي المعتقلين.

يشار الى ان من أكثر أساليب العنف الجسدي والنفسي المستخدمة في آليات التعذيب في السجون العراقية بحسب التقرير الأممي كان "الضرب المبرح، والصعق بالكهرباء، والوضعيات المجهدة، والخنق" كما ذكر بعض السجناء ممن تمت مقابلتهم، "وقوع أعمال عنف جنسي" وأشار بعض المحتجزين إلى معاملة “لا يستطيعون التحدث عنها”، وقد قال أحد السجناء لموظفي الأمم المتحدة الذين ساعدوا في إعداد التقرير، “لقد عشتُ أسوأ أيام حياتي فما أن وصلتُ إلى السجن حتّى انهالوا عليّ ضربا بأنابيب معدنية وفي الأيام التالية، استخدموا سلكَي كهرباء مكشوفَين وصعقوني بالتيار الكهربائي.

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية" قد قالت في 20 ايلول/سبتمبر عام 2000 انها اعدت "تقارير عن التعذيب في العراق منذ عقود لكنه لا زال مستمرا".. منوهة الى انه "من الواضح أن لا جدوى من مواصلة دعوة الحكومة العراقية لكي تعالج بنفسها الاستخدام المنهجي للتعذيب وظروف السجون اللا انسانية حيث ان هناك حاجة إلى مساعدة خارجية.