بيروت: اعتبر وزير البيئة ناصر ياسين في تصريحات لوكالة فرانس برس أنّ الانهيار الاقتصادي في لبنان، رغم تداعياته الكارثية، يشكل "فرصة" من أجل إدارة أفضل لملف النفايات الصلبة وتحسين السياسات البيئية في البلاد.
ويشهد لبنان انهياراً اقتصادياً غير مسبوق منذ عامين أرخى بتداعياته على حياة السكان وعلى القطاعات والمرافق الخاصة والعامة التي باتت بغالبيتها غير قادرة على توفير الخدمات الرئيسية خصوصاً مع انهيار العملة المحلية التي خسرت أكثر من تسعين بالمئة من قيمتها.
ويعاني لبنان منذ العام 2015 من أزمة نفايات لم تجد الحكومات المتعاقبة حلاً مستداماً لها. وفاقم انفجار مرفأ بيروت المروع صيف 2020 الأزمة مع تدميره معملي فرز رئيسيين.
وقال ياسين من مقر الوزارة في وسط بيروت "صحيح أن الأزمة الاقتصادية والمالية تظهر صعوبة إدارة موضوع النفايات الصلبة، لكنها فرصة".
وأضاف "فرصة إذا تمكنّا من أن ندير القطاع ونعيده إلى المكان السليم، وهو الإدارات المحلية التي لا تبغى الربح وتريد فقط أن تفيد الصالح العام والصحة العامة، وهذا ما نحاول فعلياً القيام به".
نفايات المدن الكبرى
بخلاف المناطق النائية حيث تضطلع البلديات بالمهمة، تعمل شركات خاصة ومتعهدون على جمع النفايات من المدن الكبرى ونقلها إلى مطامر أو مكبّات لا تستوفي المعايير البيئية. إلّا أنّ وتيرة العمل تراجعت على وقع الانهيار مع تراجع المداخيل باعتبار أنّ عقود التلزيم موقعة بالليرة. وعادت النفايات للتكوم بين الحين والآخر في الشوارع خصوصاً في بيروت وضواحيها.
ومع "تعثّر مالية الدولة"، ورفع الدعم عن الوقود الضروري لتشغيل الآليات والمعامل، تتراجع تدريجياً قدرة البلديات والمتعهّدين على إدارة ملف النفايات الصلبة، ما يحتّم وفق ياسين التوصّل على المدى المتوسّط إلى "آلية عمل مستدامة".
وأوضح ياسين، وهو أستاذ جامعي وخبير في السياسات العامة، أنّ التوصّل إلى الخطة يتطلّب وقتاً، وهو أشبه "بأحجية" يتم تركيبها قطعة قطعة، عبر العمل في كل منطقة أو قطاع على حدى.
ومن بين مبادرات تعمل الوزارة عليها حالياً تعاون قيد الإنشاء مع نقابة الصناعات الورقية لفرز الورق وشرائه مقابل سعر محدد لإعادة تدويره.
كما يتم العمل مع بلديتي بيروت والغبيري في الضاحية الجنوبية، للنظر في كيفية الإستفادة من نحو عشرين طناً من بقايا الفواكه والخضار تُرمى مع النفايات عبر معالجتها وتحويلها إلى سماد زراعي.
انخفاض نسبة النفايات
صيف العام 2019، وقبل بدء الانهيار الاقتصادي، خضعت ثمانية بالمئة فقط من نفايات لبنان للتدوير، في بلد ينتج يومياً خمسة آلاف طن من النفايات ويفتقد عموماً إلى ثقافة الفرز من المصدر.
لكن على وقع أزمة اقتصادية صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، وقيود الإغلاق العام التي رافقت تفشي وباء كوفيد-19، "انخفضت النفايات بنسبة ثلاثين إلى أربعين بالمئة على مستوى كل لبنان"، وفق ياسين، مع تراجع الاستهلاك وإقفال مؤسسات كبرى لأبوابها.
في المقابل، لامس عدد المكبات العشوائية المنتشرة في أنحاء البلاد عتبة الـ800، وباتت بلديات عدّة تلجأ إلى خيار الحرق، مع توقف معامل رئيسية عن العمل جراء نقص التمويل.
التعليقات