إيلاف من لندن: أعلن البرلمان العراقي الجمعة عن قرار عاجل ببحث ارتفاع الاسعار وتأثيره السلبي على الطبقات الفقيرة نتيجة رفع سعر الدولار مقابل الدينار مستدعياً وزير المالية ومحافظ البنك المركزي غداً لمناقشة سعر الدولار مقابل الدينار.
فقد حدّدت رئاسة البرلمان العراقي يوم غد السبت موعداً لاستجواب وزير المالية علي علاوي ومحافظ البنك المركزي مصطفى غالب لمناقشة سعر صرف الدولار وتداعياته التي رفعت الأسعار وأضرّت بالطبقات الفقيرة.
وقال المكتب الإعلامي لنائب رئيس البرلمان حاكم الزاملي في بيان تلقته تابعته "إيلاف" أنّ "هيئة رئاسة مجلس النواب قرّرت استدعاء وزير المالية ومحافظ البنك المركزي تحت قبة مجلس النواب فوراً بحسب توجيهات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر".

أحزاب تتحكم بسعر العملة
وجاءت هذه التطورات اثر اعلان الصدر أمس لستة مقترحات بشأن سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي من بينها استدعاء المسؤولين الماليين الكبيرين للبحث في "إيقاف تهريب العملة بقوة والنظر في أمر بعض البنوك مثل (الشرق الأوسط، القابض، والأنصاري) العائدة لبعض الأشخاص المتحكّمين بالعملة وغيرها من المصارف الأهلية الأخرى والتعامل بحزم مع البنوك العائدة لبعض الأحزاب المتحكمة في البلاد والعباد".
كما دعا الصدر إلى "تنظيم سوق العملة العراقية بصورة مركزية وبأسلوب صحيح عبر سن بعض القوانين التي تزيد من قيمة سعر صرف الدينار وإيقاف تهريب العملة وكذلك الفواتير المزوّرة "بقوة وحزم".


وزير المالية العراقي علي علاوي أمام البرلمان غداً السبت لبحث ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة العملة الوطنية مقابل الدينار (تويتر)

وطالب الصدر أيضاً باستدعاء كل من مدير البنك المركزي ووزير المالية العراقي الى البرلمان "فوراً".
وشدد على ضرورة العمل من خلال الأمن الاقتصادي لمعاقبة كل من يسعى لذلك من التجار وما شاكل ذلك ووفق القانون خصوصاً وأن الشعب مقبل على شهر رمضان الذي سيصادف مطلع نيسان/أبريل المقبل.
وكانت الحكومة العراقية قد قررت في كانون الأول/ ديسمبر عام 2020 رفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي في إطار مساعيها لمعالجة العجز المالي الذي يواجه البلد ما أثّر بشكل كبير على حركة السوق والأسعار بشكل انعكس بشكل سلبي على الواقع المعيشي للشعب وخصوصاً شريحة الدخل المحدود.

تعويض تراجع الإيرادات النفطية
وأوضح البنك المركزي العراقي أنه قرر رفع سعر بيع الدولار للبنوك وشركات الصرافة إلى 1460 ديناراً، من 1182 ديناراً للدولار الواحد بهدف تعويض تراجع الإيرادات النفطية الناجم عن تدهور أسعار النفط.
وأشار البنك إلى أن السبب الرئيسي وراء تخفيض قيمة الدينار هو سد فجوة التضخم في ميزانية عام 2021 بعد انهيار أسعار النفط العالمية وهو مصدر رئيسي للموارد المالية العراقية. وأضاف أنّ "الأزمة المالية التي تعرّض لها العراق بسبب جائحة كورونا أدت إلى حدوث عجز كبير في الموازنة العامة".
وأكّد أنّ قرار خفض قيمة العملة المحلية جاء كخطوة استباقية "حرصاً من البنك على تفادي استنزاف احتياطياته الأجنبية" ولمساعدة الحكومة على تأمين رواتب الموظفين في القطاع العام.
وكانت آخر مرة خفضت فيها قيمة الدينار العراقي في كانون الأول/ديسمبر عام 2015 عندما رفع سعر بيع الدولار إلى 1182 ديناراً مقابل 1166 ديناراً في السابق.
وقد أدّى خفض قيمة الدينار بمعدل كبير وهو الأعلى منذ عام 2003 على الفور إلى رفع أسعار السلع ما أضر بمستويات المعيشة بالنسبة للعراقيين وخاصة الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.

قدرة المواطنين الشرائية
ويقول الدكتور قحطان حسين الأكاديمي العراقي والخبير الإقتصادي إن رفع قيمة الدولار مقابل الدينار العراقي جاء كإجراء وقائي لمنع انهيار الاقتصاد العراقي ولتعظيم واردات الدولة بعد تعرّض الاقتصاد العراقي إلى صدمة انخفاض أسعار النفط وزيادة غير مدروسة لنفقات الدولة على القطاعات الاستهلاكية وشيوع الفساد في تحديد أوجه الإنفاق الحكومي العام.
ويشير إلى أنه إذا كان قرار رفع قيمة الدولار مقابل الدينار العراقي قد حصن الاقتصاد العراقي من الإنهيار لكن في المقابل فأنه كان ذا أثر سلبي جدًّا على الوضع المعيشي للمواطن عموماً والفقير بوجه خاص لأن هذا القرار أفرز نتائج سلبية على القدرة الشرائية للمواطن بسبب ارتفاع أسعار المواد وخصوصاً المستوردة كما إنه قد أربك سوق العمل وأثر سلباً على أصحاب المهن الحرة الذين يعتاشون من واردات أعمالهم اليومية البسيطة التي بدأت تعاني من تقلبات السوق.
وحذّر من أنّ استمرار ارتفاع الأسعار الناتجة عن رفع قيمة الدولار مقابل انخفاض واردات الطبقة الفقيرة سيزيد من معاناتها ومن حجم الفوارق في المدخولات بين طبقة غنية وأخرى فقيرة وهذا من شأنه إحداث خلل اجتماعي واضح ربما سيضع مجمل الأوضاع في العراق على حافة الخطر الكبير الذي قد يهدد الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي لذلك يتوجّب على الحكومة معالجة التداعيات السلبية لرفع قيمة الدولار على الوضع المعاشي.

وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قد شدد الاربعاء الماضي خلال ترؤسه لاجتماع المجلس الوزاري للامن الوطني على تنفيذ توجيهاته بخصوص مراقبة أسعار السلع الغذائية وضبط المتلاعبين بها وبقوت الشعب وتقديمهم الى العدالة وفق القانون.