إيلاف من لندن: بدأ العراق عمليا بتنفيذ مشروع رائد للمرة الأولى مع الصين لبناء ألف مدرسة مقابل الدفع بالنفط لسد حاجة البلاد من الأبنية المدرسية التي تشكل أحد معوقات تطوير التعليم في البلاد حيث أنه يتطلع الى بناء 8 ألاف مدرسة.
فقد أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لدى وضعه الحجر الأساس لمشروع بناء 1000 مدرسة على امتداد العراق أن البدء بهذا المشروع يأتي بعد تذليل كل العقبات والإجراءات لوضع المشروع موضع التنفيذ؛ من أجل دعم البنى التحتية للتعليم، والعمل على النهوض الشامل للعراق. وأشار في كلمة له أن بناء الوطن يحتاج إلى صبر ووقت، مبيناً في كلمة له أمس أن مشروع 1000 مدرسة سينجز ضمن الاتفاقية العراقية - الصينية ووفق توقيتات محددة.
وأضاف أن "هذا المشروع الاستراتيجي مهم لبناء المجتمع، وتطوير أجيالنا نحو بناء قادةٍ لخدمة العراق في المستقبل".
ونوّه بالقول "يجب أن نعتز ونفتخر بتاريخ وإرث أجدادنا، ويجب أن نتنبه إلى أن التعليم والعِلم جزءان أساسيان لرقي أي مجتمع، ولكن للأسف الشديد لم يكن هناك اهتمام بالتعليم منذ العام 2003".. مؤكداً أن "هذا المشروع سينجز ضمن الاتفاقية العراقية- الصينية، التي سبق وأن شكك بها الكثيرون في عدم جدية الحكومة بتنفيذها".
وتابع "اليوم نضع حجر الأساس لتنفيذ هذه الاتفاقية، لكي نبعث رسالة بأن التعليم مهم جداً في حياة مجتمعنا وحاجة أبنائنا"، مشدداً على "ضرورة العمل على الاهتمام بالتعليم، ليس في بناء المدارس فقط، وإنما في تغيير وتطوير المناهج التعليمية، وهذه ليست مسؤولية الحكومة فحسب، وإنما مسؤولية الحكومة ورئيس الوزراء والقطاعات المختصّة والمجتمع والمختصين"كما نقل عنه مكتبه الاعلامي فيبيان تابعته "إيلاف" اليوم.
وأكمل قائلاً "علينا أن نبحث عن هؤلاء المختصين، وندعمهم بالمساهمة في بناء العراق"، مشيرًا الى أن "المشروع يشمل بناء 1000 مدرسة، وسيشمل جميع محافظات العراق، وسنتابع المشروع ونعمل ضمن الجدول الزمني لتنفيذه".
وزاد بالقول "يجب أن نحسم خياراتنا بين بناء الوطن أو التكاسل، البناء يحتاج إلى صبر ووقت، والتهديم سهل ويمكن أن نهدم خلال مدة قصيرة".

النفط مقابل الإعمار
ومن جهتها اوضحت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وضع ثلاثة معايير لتوزيع الأبنية المدرسية وفق الاتفاقية العراقية - الصينية لتوزيع الأبنية المدرسية على المحافظات "الأول هو الكثافة السكانية، والثاني هو عدد المدارس الطينية في كل منطقة، والثالث هو الأخذ بعين الاعتبار المدارس التي تحتوي على دوام مزدوج".
وبين أن "المرحلة الأولى هي 1000 مدرسة من مجموع 8000، وشركتي باور جاينا وسينو تيك باشرتا بالمشروع في كل المحافظات واليوم كان وضع الحجر الأساس داخل بغداد".
ومن المنتظر أن يسهم هذا المشروع الحيوي الاستراتيجي في فك الاختناقات في الابنية المدرسية ويدعم القطاع التربوي وستكون إعداد الصفوف 12 و18 و 24 صفاً في هذه المدارس.
وكان العراق قد وقع في 19 كانون الأول/ديسمبر 2021 عقوداً مع شركتين صينيتين لبناء ألف مدرسة جديدة في العاصمة ومناطق أخرى من البلاد، يعتزم إنشاءها خلال العامين المقبلين علما أن هذه المدارس تسدّ جزءاً بسيطاً من حاجة القطاع التعليمي في العراق.
وقد تم آنذاك توقيع 15 عقداً مع كلّ من شركتي "باور تشاينا" التي ستبني 679 مدرسةً و"سينو تيك" التي ستبني 321 مدرسة.

آلية الدفع

والأموال المخصصة لتغطية تكاليف مشروع المدارس هي من عوائد برنامج النفط مقابل الإعمار، بحسب آلية الاتفاق العراقي – الصيني، إذ نص اتفاق إطار التعاون على إيداع عوائد ثلاثة ملايين برميل نفط شهرياً من بين إجمالي صادرات بغداد إلى بكين، لتودع في حساب الاستثمار الخارجي الممسوك من البنك المركزي العراقي لمصلحة حكومة العراق"، واستناداً إلى ظاهرة ارتفاع أسعار النفط الحالية، فإن مبالغ الصندوق تزداد بواقع 250 مليون دولار شهرياً وبشكل تراكمي، لا سيما خلال الأشهر الخمسة الأخيرة أي تاريخ دخول الاتفاق حيز التفعيل، ليقارب المبلغ مليار دولار نهاية عام 2021.

ورغم أن العراق بلد غنيّ بالنفط، إلا أنه يعاني تراجعاً في بناه التحتية، لا سيّما بعد عقود من الحروب والأزمات، وفي ظلّ الفساد المهيمن على المؤسسات كافة. ويتطلب إنشاء هذه المدارس نحو عامين، وفق المسؤول الذي أوضح أن "المدة التنفيذية الكلية ستكون سنتين"، فيما من المقرر تسلم أولى المنشآت بعد عام، والشروع بأعمال البناء "في القريب العاجل".
وسيدفع العراق بالنفط مقابل هذه المنشآت كما أوضح مسؤول عراقي قائلاً أن"مشروع الإعمار مقابل النفط تجربة جديدة تخوضها الحكومة العراقية للمرة الاولى للمباشرة بإنشاء الألف مدرسة". وقال أن "الخطوة القادمة ستكون المباشرة بإنشاء ثلاثة آلاف مدرسة، والخطوة الأخيرة المباشرة بإنشاء أربعة آلاف مدرسة".
ويقول صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) على موقعه الإلكتروني إن "عقوداً من الصراع وغياب الاستثمارات في العراق دمرت نظامه التعليمي الذي كان يُعدّ في ما مضى أفضل نظامٍ تعليمي في المنطقة". وأعاق ذلك، وفق الوكالة الأممية، "بشدّة وصول الأطفال إلى التعليم الجيد، حيث أنّ هناك اليوم ما يقرب من 3.2 ملايين طفل عراقي في سنّ الدراسة خارج المدرسة".

وكان تقرير للبنك الدولي في تشرين الأول أكتوبر 2021 قد أشار إلى أن "مستويات التعلم في العراق من بين أدنى المستويات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن المرجح أن تنخفض أكثر بسبب تأثير جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) على التعليم". وأضاف أن الوباء أدى "إلى إغلاق المدارس بشكل متقطع في جميع أنحاء العراق، مما أثر على أكثر من 11 مليون طالب عراقي منذ شباط/فبراير 2020" وهو ما يعرِض "مستقبل الأطفال العراقيين خاصة والبلد عامة إلى خطر مؤكد".