كريمنتشوك (أوكرانيا): أعلن حلف شمال الأطلسي الثلاثاء التوصل لاتفاق بشأن انضمام فنلندا والسويد إلى التحالف بعدما عادت تركيا عن معارضتها للخطوة، في حين استبعدت روسيا إنهاء هجومها على أوكرانيا ما لم تستسلم كييف.

وبعد محادثات استمرت ساعات طويلة على هامش قمة للتحالف، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن تركيا لم تعد تعارض ترشيح فنلندا والسويد لعضوية التكتل.

وقال ستولتنبرغ "وافقت تركيا على انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي"، واصفا التقدم الذي تم إحرازه على هذا الصعيد بأنه "جوهري" في حين "يواجه العالم أخطر أزمة أمنية منذ عقود".

وتركيا العضو في الحلف منذ العام 1952 كانت تعارض انضمام السويد وفنلندا إلى التحالف إذ كانت تتهمهما بإيواء مسلحين من حزب العمال الكردستاني، وهي منظمة تعتبرها أنقرة "إرهابية"، وكانت تدين استضافة البلدين أنصاراً للداعية التركي فتح الله غولن الذي تتّهمه بتدبير محاولة انقلاب في تمّوز/يوليو 2016.

إردوغان

لكن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن في نهاية المطاف أن أنقرة انتزعت "تعاونا كاملا" من فنلندا والسويد ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني وحلفائهم.

وقالت الرئاسة التركية في بيان إنّ "تركيا حصلت على ما تريده".

والاتفاق الذي وقّعه مساء الثلاثاء أمام الكاميرات وزراء خارجية الدول الثلاث سيتيح لقادة الدول الأعضاء في التحالف في قمتهم في مدريد، إظهار وحدة الصف في مواجهة روسيا التي أكدت أنها تريد استسلام أوكرانيا.

بيسكوف

وعلى صعيد النزاع في أوكرانيا، اشترطت موسكو استسلام كييف لوقف الحرب.

وصرّح الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أمام الصحافيين "يمكن الجانب الأوكراني إنهاء (النزاع) في غضون يوم واحد. يجب إصدار أوامر للوحدات القومية بإلقاء السلاح، ويجب إصدار أوامر للجنود الأوكرانيين بإلقاء أسلحتهم، ويجب تنفيذ كل الشروط التي وضعتها روسيا. حينها سينتهي كل شيء خلال يوم واحد".

وطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الثلاثاء بتصنيف روسيا "دولة راعية للإرهاب".

وفي مداخلة عبر الفيديو خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي الثلاثاء دعا زيلينسكي الأمم المتحدة إلى إرسال لجنة تحقيق إلى موقع الضربة الصاروخية الروسية التي استهدفت مركزا تجاريا في مدينة كريمنتشوك.

روسيا تنفي

من جهتها، نفت السلطات الروسية استهداف مركز تجاري، مؤكدة أنها دمرت بصواريخ "عالية الدقة" مستودعات أسلحة سلمها الغرب لكييف. ومنذ بدء غزو أوكرانيا، نفت موسكو كل الاتهامات بتنفيذها ضربات تستهدف مدنيين.

لكن الرواية الروسية نافضتها شهادات ميدانية جمعها صحافيو وكالة فرانس برس. وقالت بولينا بوشينتسيفا المقيمة في كريمنتشوك "لقد سمعنا هذه (الرواية) إنها سخيفة"، متسائلة "كيف يمكن لمن يعيش هنا أن يصدق أمورا كهذه؟".

ودان قادة دول مجموعة السبع بشدة الهجوم. وقد اختُتمت الثلاثاء القمة التي عقدوها في ألمانيا والتي تعهّد خلالها الغربيون تشديد الخناق على موسكو باستهداف الصناعات الدفاعية الروسية وبتحديد سقف لسعر النفط الروسي على المستوى العالمي.

شولتس

وقال المستشار الألماني أولاف شولتس إن الهدف عالميا هو "زيادة" تكلفة الحرب على روسيا. وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن واشنطن باشرت الثلاثاء تطبيق هذه العقوبات وخصوصا حظر استيراد الذهب الروسي.

من جانبه، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء "لا يمكن ولا ينبغي أن تنتصر روسيا وبالتالي فإن دعمنا لأوكرانيا وعقوباتنا ضد روسيا ستستمر طالما استلزم الأمر وبالشدة اللازمة خلال الأسابيع والأشهر المقبلة".

ودعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي الدول الأعضاء في الحلف إلى مواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا، معتبرا أن هذه الأخيرة تواجه "وحشية" لم تشهدها أوروبا "منذ الحرب العالمية الثانية" جراء الغزو الروسي.

وقال مستشار للرئيس الأميركي جو بايدن إن قمة حلف شمال الأطلسي ستكون مناسبة تعلن خلالها واشنطن عن "التزامات عسكرية جديدة" ومفصلية بالنسبة لمستقبل التحالف.

وتابع مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان "في نهاية هذه القمة، ستكون هناك آلية أكثر قوة وفعالية وموثوقية (...) لمواجهة تهديد روسي أكثر خطورة".

ورغم حجم العقوبات التي تثقل كاهل الاقتصاد الروسي، أكد الكرملين الثلاثاء أنه "لا أساس" للحديث عن تخلف روسيا عن سداد ديونها.

لكنّ السلطات الروسية أقرّت بأنه بسبب العقوبات لم يحصل الدائنون على دفعتين بحلول الموعد النهائي الأحد. وهذا يشكل في الواقع "تخلّفا" عن السداد، وفق وكالة التصنيف موديز الثلاثاء.

دونباس

وبعد ساعات قليلة من إعلان قصف كريمنتشوك، أعلنت السلطات الأوكرانية هجوما روسيا آخر على مدنيين في ليسيتشانسك، وهو جيب استراتيجي للمقاومة الأوكرانية في حوض دونباس (شرق).

وفي بلدة سيفيرودونيتسك التي استولى عليها الروس أخيرا، قتل ثمانية مدنيين أوكرانيين على الأقل وأصيب أكثر من 20 آخرين من بينهم طفلان، أثناء "تعبئة مياه من صهريج" بحسب حاكم منطقة لوغانسك سيرغي غايداي.

وتشكل مدينة ليسيتشانسك الهدف المقبل للقوات الروسية بعد بسط سيطرتهم التامة على سيفيرودونيتسك، إثر معارك استمرّت أسابيع عدة ودمّرت المدينتين وأسفرت عن مقتل عشرات المدنيين.

وتطرّق حاكم منطقة دنيبروبتروفسك (وسط) في صفحته على فيسبوك إلى هجوم بستة صواريخ من دون الإشارة إلى سقوط ضحايا. وقال إن الدفاعات الجوية الأوكرانية أسقطت ثلاثة من الصواريخ.

وتسعى روسيا للسيطرة على حوض دونباس الخاضع جزئيا لانفصاليين موالين لموسكو منذ العام 2014، بعدما سحبت قواتها من محيط كييف في أواخر آذار/مارس.

وفي نيويورك، قال الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في مؤتمره الصحافي اليومي إن الضربة الروسية على المركز التجاري "مؤسفة جدا".