لندن: بعد أسبوع على استقالته، صرح رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أنه يغادر المنصب "مرفوع الرأس" بينما بدأ حزبه المحافظ الأربعاء عملية تدريجية لتقليص عدد المرشحين لخلافته من ثمانية إلى اثنين وسط تبادل اتهامات بشأن ممارسات غير نزيهة.

وفي مواجهة النواب في مجلس العموم ، أكد جونسون إنه "فخور" بحصيلة أدائه. وقال بأسف خلال جلسة مساءلة "صحيح تماما أنني سأرحل في وقت لم أقم باختياره ... لكنني أغادر وأنا مرفوع الرأس".

ومثل جونسون أمام مجلس العموم في واحدة من آخر جلسات الاستجواب النيابية بصفته رئيسا للحكومة قبل الإعلان عن خلفه في الخامس من أيلول/سبتمبر بعد إحباط مسعى المعارضة لإطاحته قبل هذا الموعد.

يتسارع السباق على خلافة جونسون ويبدو أن وزيرة الدفاع السابقة بيني موردنت هي المرشحة الأوفر حظًا.

وحسب استطلاع للرأي أجراه مركز يوغوف الأربعاء بين الناخبين المحافظين، تأتي سكرتيرة الدولة للتجارة الدولية التي لا يعرفها البريطانيون كثيرا في المرتبة الأولى في نوايا التصويت.

وسعى حزب العمال الأربعاء إلى فرض تصويت في مجلس العموم لحجب الثقة عن جونسون، معتبرا أن المملكة المتحدة غير قادرة على تحمل تكلفة أسابيع من التنازع الداخلي في حزب المحافظين بسبب الأزمة المعيشية وغيرها من التحديات، على غرار الحرب في أوكرانيا.

لكن الحكومة رفضت إفساح هامش لمناقشة المسعى العمالي، في خطوة وصفها خبراء دستوريون بأنها غير مسبوقة.

أجبر جونسون الأسبوع الماضي على التنحي بعد انتفاضة كبيرة ضده داخل حكومته، شملت خصوصا وزير المالية ريشي سوناك، على خلفية سلسلة فضائح أدت إلى تراجع التأييد الشعبي للمحافظين في الاستطلاعات.

وكان سقوط جونسون مدويا لسياسي حقّق فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية التي أجريت في كانون الأول/ديسمبر 2019 وأخرج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بعد شهر من ذلك، إلى أن وصلت جائحة كوفيد إلى بريطانيا.

ومن المقرر أن يقلص النواب المحافظون عدد المرشحين الثمانية الذين تخطوا التصفية الأولية الثلاثاء، مع توقع صدور النتائج الأربعاء نحو الساعة 16,00 ت غ.

وأي مرشح من الثمانية لا ينال 30 صوتا يتم إقصاؤه. وستجرى عمليات تصويت عدة ستمتد حتى الأسبوع المقبل وصولا إلى حصر السباق بمرشحَين.

ويحسم السباق النهائي بتصويت أعضاء الحزب.

وفي حين قال جونسون إنه لن يدعم أي مرشح، لم يتوان مناصروه الأوفياء عن توجيه الانتقادات إلى سوناك، المرشح الأوفر حظا لخلافته، وعمدوا إلى حشد التأييد لوزيرة الخارجية اليمينية ليز تراس.

ونفى معسكر سوناك التخطيط لتعزيز حظوظ مرشّحين أقل قدرة على المنافسة في مسعى لقطع الطريق على آخرين حظوظهم أكبر على غرار تراس، قبل التصويت النهائي لأعضاء الحزب.

وتصدى وزير النقل غرانت شابس الذي انسحب من السباق دعما لسوناك لاتّهامات وجّهت لمرشحه بأنه كان "مستشارا اشتراكيا" لإشرافه على حزمة دعم كبرى خلال الجائحة.

ومذّاك يشدد سوناك على ضرورة إيجاد توازن في المالية العامة في موقف مناقض لحزمة الإعفاءات الضريبية التي يعد بها منافسوه والتي أثارت مخاوف المصرف المركزي وخبراء اقتصاديين.

والثلاثاء تصدّر سوناك قائمة المرشّحين متقدما على وزيرة الدفاع السابقة بيني موردنت، وتراس ورئيس لجنة الشؤون الخارجية توم توغندهات.

وحلت بعدهم وزيرة الدولة السابقة للمساواة كيمي بادينوك ووزير المالية الجديد ناظم الزهاوي ووزير الصحة السابق جيريمي هانت والنائبة العامة سويلا برافرمان.

وفي خطابها الأول بصفتها مرشحة لخلافة جونسون شدّدت موردنت الأربعاء على القضايا الوطنية في تسجيل فيديو تم حذفه بعد شكاوى تقدّم بها أشخاص ظهروا فيه من دون أخذ موافقتهم.

وقالت عنصر الاحتياطي في البحرية الملكية إن مشاهدتها عندما كانت تبلغ تسع سنوات قوة بحرية تغادر بورتسموث لاستعادة جزر فوكلاند (بحسب التسمية البريطانية ومالوين بحسب التسمية الأرجنتينية) من بوينوس ايرس، شكل إلهاما لها للالتحاق بالسلك.

وقالت موردنت "أعتقد أن حزبنا فقد إحساسه بذاته"، مشبّهة المحافظين بنجم فريق البيتلز بول مكارتني الذي أشعل الحماس في مهرجان غلاستونبوري الموسيقي الشهر الماضي.

وقالت "انخرطنا في كل تلك النغمات الجديدة، لكن ما نريده حقا هو الأمور القديمة الجميلة التي نعرف كلنا كلماتها" في إشارة إلى الضريبة المخفضة، والدولة الصغيرة والمسؤولية الشخصية.

من جهتها نفت برافرمان التي تعد دخيلة على السباق أن تكون الانتقادات السائدة حاليا تلحق الضرر بالمحافظين على المدى الطويل.

ولدى وصول المرشحين للمثول أمام النواب المحافظين قبيل التصويت الأربعاء، قالت برافرمان "سنتّحد خلف من يحقق فوزا نزيها وصريحا أيا يكن".

ويأتي تعيين رئيس الوزراء الجديد وسط أزمة غلاء تخنق الأسر البريطانية بسبب تضخم بلغت نسبته 9,1 بالمئة مع أن إجمالي الناتج المحلي للبلاد ارتفع بنسبة 0,5 بالمئة في أيار/مايو.