إيكالويت (كندا): غادر البابا فرنسيس كندا في ختام رحلة استمرت ستة أيام بدأها باعتذارات غير مسبوقة حول الضرر اللاحق بسكان البلاد الأصليين، معرباً مجدداً أمام شعب الإينويت في القطب الشمالي عن "استنكاره وشعوره بالخزي".

وسمحت "رحلة التوبة" هذه التي قادت الحبر الأعظم من غرب كندا إلى كيبيك وصولاً إلى المنطقة القطبية الشمالية في البلاد، للبابا بلقاء الكثير من سكان البلاد الأصليني الذين كانوا ينتظرون طلب الصفح منذ سنوات طويلة.

ورحب كثيرون منهم بهذه البادرة "المهمة".

وفي المحطة الأخيرة في إيكالويت عاصمة نونافوت في القطب الشمال الكندي، استقبل البابا البالغ 85 عاماً بأناشيد للإينويت وسط المنازل الملونة.

وتطرق البابا فرنسيس في هذه المدينة البالغ عدد سكانها نحو سبعة آلاف نسمة ويمكن الوصول إليها جواً فقط، مجدداً إلى "المعاناة الكبيرة" التي قاساها الأشخاص الذين وضعوا بالقوة في مدارس داخلية من أجل "قتل الهندي في قلب الطفل".

وقال الحبر الأعظم بأسف أمام الحشود المجتمعة بين مدرسة وملعب لكرة السلة على بعد أمتار قليلة من أجراف صخرية والبحر "فككت العائلات واقتيد الأطفال بعيداً عن محيطهم وحل الشتاء على الجميع".

ودعا البابا هذه المنطقة التي تشهد ارتفاعاً في الحرارة اكثر بثلاث مرات مقارنة ببقية العالم، إلى "الاهتمام بالأرض التي هي هشة مثل كل فرد أو شعب".

"معاناتهم الكبيرة"

قبل ذلك تحدث البابا مطولاً إلى مقيمين سابقين في مدارس داخلية للسكان الأصليين تحلوا بـ"الشجاعة" للحديث عن "معاناتهم الكبيرة".

وقالت إيبفي كونوك البالغة 47 عاماً التي ارتدت لباسا أبيض تقليديا "هذه الزيارة مهمة لأن الكثير من الناس هنا ذهبوا إلى مادرس داخلية". وأضافت "ما ان يسمعوا البابا يقول (أنا آسف) سيفتح ذلك أبوابا أمام بعض الأشخاص".

وبين نهاية القرن التاسع عشر وتسعينات القرن العشرين، تم تسجيل حوالى 150 ألف شخص من الإينويت أو الميتي (الخلاسيون) أو الأمم الأولى قسراً في أكثر من 130 من هذه المؤسسات، وعزلهم بذلك عن أسرهم ولغتهم وثقافتهم.

وقد تعرض كثير منهم لاعتداءات جسدية أو جنسية ولم يعد آلاف منهم بعد ذلك، بعدما سقطوا ضحايا أمراض أو سوء تغذية أو إهمال.

طوال رحلة البابا تحدث السكان الأصليون عن "تحرير للعواطف" عند سماعهم كلام رئيس الكنيسة الكاثوليكية الزعيم الوريح لنحو 1,3 مليار شخص.

لكن في كل محطة من محطات زيارته ذكر بعض الناجين أو أفرادا من عائلاتهم أنهم ينتظرون المزيد.

وطالب البعض باعادة قطع فنية للسكان الأصليين محفوظة فيب متاحف الفاتيكان منذ عقود وفتح محفوظات المدارس ادلاخلية.

كذلك طالبوا البابا بإلغاء مراسيم بابوية صادرة في القرن الخامس عشر وتسمح للقوى الأوروبية باستعمار أراضي الشعوب غير المسيحية.

"ليست كاملة"

وقالت كيليكفاك كابلونا رئيسة منظمة "نونافوت تونغافيك" التي تمثل إينويت نونافوت إن "اعتذارات البابا ليست كاملة". إذ لم يتطرق مباشرة "إلى "الاعتداءات الجنسية" التي تعرض لها سكان أصليون.

لكن في إيكالويت، ينتظر كثر أيضاً إجابات محددة من البابا حول الأب جوهان ريفوار الذي أصبح بالنسبة للكثيرين رمزًا لإفلات مرتكبي الاعتداءات الجنسية من العقاب تحت حماية الكنيسة.

هذا الكاهن الفرنسي الذي أمضى ثلاثة عقود في شمال كندا، صدرت في حقه مذكرة توقيف لكن لم يطله أي إجراء حتى الآن. وقد غادر كندا في 1993 ويعيش في فرنسا في ليون.

وتبقى هذه المسائل كلها عالقة قبل تجديد العلاقات بين الكنيسة وشعوب السكان الأصليين كما يرغب البابا الذي غادر عائداً إلى الفتايكان.

وقبل ساعات على مغادرته قال الحبر الأعظم لسكان أصليين إنه يعود إلى الفاتيكان وقد "اثرته لقاءات أثرت" فيه كثيراً وحاملاً معه "قصصاً وأماكن" لن ينساها أبداً.