بعد مطاردة استمرت عقودا، منحت عادة بسيطة متمثلة في الجلوس على الشرفة وكالة الاستخبارات المركزية فرصة لشن "ضربة محددة".

إيلاف من بيروت: كان أحد أقدم الأخطاء في كتيب الهروب هو ما قاد أيمن الظواهري إلى قدره، إذ قتل وفقا للاستخبارات الأميركية في غارة بطائرة من دون طيار صباح يوم الأحد: إنها العادة.

كان المخطط المشارك لهجمات 11/9 على نيويورك وواشنطن في عام 2001 قد اكتسب عادة للجلوس على شرفة منزله الآمن في شيربور، وهو جيب دبلوماسي راق في كابول. أصبح مولعًا بشكل خاص بالخروج إلى الشرفة بعد صلاة الفجر، ليتمكن من مشاهدة شروق الشمس فوق العاصمة الأفغانية.

وفقا لمسؤول أميركي أطلع الصحفيين الاثنين، كان هذا السلوك المنتظم هو الذي سمح لعملاء الاستخبارات المركزية بتجميع ما أسموه "نمط حياة الهدف". وهذا بدوره سمح لهم بشن ما أسماه البيت الأبيض "غارة جوية مخصصة" بصاروخي هيلفاير أطلقا من طائرة من دون طيار من طراز ريبر، فضربا الشرفة وقتلا الظواهري في الساعة 6:18 صباح الأحد 31 يوليو 2022.

مطاردة استمرت طويلًا

كان ذلك تتويجا لمطاردة استمرت عقودا لجراح مصري رصدت لرأسه مكافأة قدرها 25 مليون دولار. وتمت محاسبة الظواهري (71 عاما) ليس فقط عن دوره كنائب لبن لادن في 11/9، حيث بلغ عدد القتلى فيها حوالي 3000 شخص، ولكن أيضا عن العديد من الهجمات الأخرى الأكثر دموية التي شنها تنظيم القاعدة، بما في ذلك التفجير الانتحاري لحاملة الطائرات "يو إس إس كول" في اليمن في أكتوبر 2000، وأسفر عن مقتل 17 بحارا أميركيا.

قال مسؤولون أميركيون إن مهمة ملاحقة زعيم تنظيم القاعدة بدأت في أوائل أبريل عندما التقطت مصادر استخباراتية إشارات تؤكد أن الظواهري وأسرته انتقلوا من مخابئهم الجبلية إلى كابول. وبعد عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان في أغسطس الماضي، بدعم من شبكة حقاني التابعة لطالبان، انتقل الظواهري وزوجته، مع ابنتهما وأحفادهما، إلى شيربور.

في روايتهم للأحداث، بذل المسؤولون الأميركيون قصارى جهدهم للتأكيد أن بموجب تعليمات الرئيس الأميركي جو بايدن تم تنفيذ المهمة بعناية ودقة لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين، وقال مسؤولون أميركيون إنه لم يقتل أو يجرح أي شخص آخر في الهجوم. وأشارت صور على وسائل التواصل الاجتماعي إلى استخدام صاروخ هيلفاير معدل يسمى R9X مزود بست شفرات لإلحاق الضرر بالهدف، تسبب بأضرار طفيفة بشكل مدهش في المكان، ما يشير إلى أنها قد تكون نسخة من الصاروخ يكتنفها السرية وتستخدمها الولايات المتحدة لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين.

بين الشرفتين

تم إبلاغ الرئيس الأميركي أول مرة بمكان وجود الظواهري في أبريل، وعلى مدى الشهرين التاليين تعمقت مجموعة متماسكة من المسؤولين في المعلومات الاستخباراتية ووضعت خطة. وتم بناء نموذج مصغر لمنزل شيربور، يظهر الشرفة التي كان زعيم تنظيم القاعدة يحب الجلوس فيها. ومع تزايد حدة المناقشات حول ضربة محتملة، تم إحضار النموذج إلى غرفة العمليات في البيت الأبيض في 1 يوليو حتى يتمكن بايدن من رؤيته بنفسه. وقال مسؤول كبير في الإدارة للصحفيين: "درس الرئيس عن كثب نموذج منزل الظواهري الذي بناه مجتمع الاستخبارات وجلبه إلى غرفة العمليات في البيت الأبيض لتقديم إحاطات حول هذه القضية". وقدم البيت الأبيض المزيد من الادعاءات لتعزيز حجته بأن الهجوم كان قانونيا ولا تشوبه شائبة واقتصرت الخسائر في الأرواح على الظواهري وحده. وقال مسؤولون إنه تم إحضار مهندسين لتحليل المنزل الآمن وتقييم ما سيحدث له هيكليا في أعقاب غارة بطائرة من دون طيار.

بالمثل، تمت استشارة المحامين حول ما إذا كان الهجوم قانونيا. وأشاروا إلى ذلك، نظرا للدور البارز الذي يلعبه الهدف كزعيم لجماعة إرهابية. وتلقى بايدن إحاطة أخيرة في 25 يوليو وأعطى الضوء الأخضر. كان قرارا يتناقض بشكل صارخ مع النصيحة التي قدمها لباراك أوباما في مايو 2011 بعدم المضي قدما في مهمة القوات الخاصة التي قتلت بن لادن في غارة على منزله الآمن في أبوت أباد، باكستان.

مساء الاثنين، وقف بايدن على شرفته الخاصة - هذه الشرفة في البيت الأبيض مع نصب واشنطن التذكاري ونصب جيفرسون التذكاري كخلفية له - لمخاطبة الأمة. قال: "أذنت بالضربة الدقيقة التي من شأنها أن تخرجه من ساحة المعركة مرة واحدة وإلى الأبد. تم التخطيط لهذا الإجراء بعناية، وبصرامة، لتقليل خطر إلحاق الأذى بالمدنيين الآخرين".

ربما يضع البيت الأبيض في اعتباره الشكوك التي ستدور حول مقتل الظواهري في الأيام المقبلة، إذ قال إن منزل شيربور الآمن الذي وقعت فيه غارة الطائرة من دون طيار بقي تحت المراقبة 36 ساعة بعد الهجوم وقبل أن يتحدث بايدن إلى الأمة. وقال مسؤولون إن أقارب الظواهري شوهدوا يغادرون المنزل تحت حراسة مقاتلي شبكة حقاني في طالبان، مؤكدين أنهم نجوا من الغارة.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن صحيفة "غارديان" البريطانية