إيلاف من بيروت: مر نحو عام على الانسحاب الأميركي من أفغانستان. حولت طالبان البلاد إلى ملاذ آمن للإرهابيين الدوليين بعد أن سيطرت على كابول. وللجماعات الإرهابية والحركات الدينية المتطرفة (مثل أنصار الله في طاجيكستان، والحركة الإسلامية في طاجيكستان، وحركة تركستان الشرقية الإسلامية، والجماعات الباكستانية المتشددة، والعرب والشيشان) وجود كبير في أفغانستان، ويعيش قادتها في أكثر المناطق أمانا في العاصمة الأفغانية.

الظواهري هو المثال الوحيد من هذا القبيل. وستكون الجماعات الإرهابية الأخرى التي كانت آلة حرب طالبان على مدى السنوات العشرين الماضية أكثر اهتماما بقتل الظواهري.

ضوضاء بلا فائدة

عندما أعلنت الولايات المتحدة في 30 يوليو الماضي أنها قتلت الظواهري، ثار الكثير من الضجيج حول وجود تنظيم القاعدة وقادته وعلاقة الجماعة غير المنقطعة بطالبان. عاش الظواهري أمام بيت ضيافة وزير داخلية طالبان سراج الدين حقاني. ربما عاش هنا منذ سقوط كابول في أيدي طالبان. على الأرجح، فإن القادة الآخرين للجماعات الإرهابية الأجنبية (أنصار الله طاجيكستان، والحركة الإسلامية في تركستان، وحركة تركستان الشرقية الإسلامية، والجماعات المتطرفة الباكستانية، والشيشان) لديهم أيضا وجود في أفغانستان، وحتى في بعض الحالات يديرون بعض المناطق من وراء الحكومة.

الآن، بعد أن سعى الأميركيون إلى تحقيق العديد من الأهداف التكتيكية والاستراتيجية من خلال استهداف الظواهري، ليس هناك شك في ذلك. قتل الظواهري كان محسوبا وبناء على حسابات سابقة، ولا شيء مخفي عن الأميركيين. هناك عدد قليل من القضايا المهمة جدا التي يجب مناقشتها وتوضيحها.

قضايا للتوضيح

أولًا، من خلال قتل شخصيات مثل الظواهري، سيتم دعم الجماعات الإرهابية الأخرى لتصبح قوية في أفغانستان من أجل زعزعة الأمن الإقليمي حول أفغانستان. فغالبية الجماعات الإرهابية انفصلت عن القاعدة واستقلت بنفسها، وتحاول اعتناق هوية جديدة بعد مقتل أسامة بن لادن. وما زالت جماعات مثل داعش وجبهة النصرة تعتبر نفسها تابعة لبن لادن ولم تتبع الظواهري. العديد من الجماعات وحتى أعضاء في القاعدة لم يقبلوا بأيمن الظواهري زعيمًا عليهم.

ثانيًا، يصب إعادة توجيه هذه الجماعات (أنصار الله في طاجيكستان، والحركة الإسلامية في تركستان الشرقية، والجماعات المتطرفة في باكستان والدول العربية والشيشان) في مصلحة الولايات المتحدة، لتعكير الوضع الأمني وتمهيد الطريق لزرع الفتن في جوار أفغانستان. بناء على ذلك، فإن تنظيم القاعدة لا يعمل ضد المنطقة وشعوبها فحسب، بل يعمل أيضا ضد أمن الولايات المتحدة وحلفائها. لذلك، في مثل هذه الظروف، قتل الظواهري هو في أحسن الأحوال إزالة ما لا لزوم له ولا تأثير على ما يسمى بعملية مكافحة الإرهاب.

ثالثًا، النتيجة الوحيدة لقتل الظواهري في الوقت الحالي هي الاستغلال الدعائي، خاصة في الذكرى السنوية الأولى لانسحاب أميركا الكارثي من أفغانستان. ولأن الأميركيين على وشك إجراء انتخابات ويريد الحزب الديمقراطي تحقيق انفراج انتخابي، فإن قتل الظواهري يمكن أن يكون نجاحاً يؤمن له الفوز.

عصافير عدة بحجر واحد

رابعًا، لدى الأميركيين خيارات جاهزة لتحل محل أشخاص مثل الظواهري من أجل استبدالهم بعد إزالتهم. فالهدف من هذا العمل لا يمكن إلا أن يكون نهجا صحفيا ودعائيا لتحويل الانتباه عن فشل الانسحاب الأميركي وإظهار أن الولايات المتحدة لا تزال في طور مكافحة الإرهاب. شبكة حقاني وعلاقاتها الوثيقة بالجماعات الإرهابية الأخرى قللت من أهمية ووجود شخصيات مثل الظواهري، حيث أن الجماعات الأخرى المذكورة سابقا أكثر نشاطا وقوة وعنفا في أفغانستان، وهذا أمر خطير للغاية على مستقبل أفغانستان والمنطقة والعالم.

سادسًا، بقتل الظواهري، تحاول الولايات المتحدة أن يكون زعيم القاعدة الجديد أصغر سنا وأكثر نشاطا وأكثر جاذبية وقادرا على زيادة القدرة التشغيلية للقاعدة. مهم جدا أن يزيد داعش في أفغانستان من قدرته وأن يصبح تهديدا محتملا إلى جانب الجماعات الإرهابية الأجنبية الأخرى وتنظيم القاعدة الذي يريد أن يتم الاعتراف به مرة أخرى واجهةً للجهادية العالمية.

سابعًا، مقتل الظواهري في أفغانستان، وفي الوقت الذي تحاول فيه إيران إقامة علاقات مع طالبان، يمكن أن يكون تحذيرا مزدوجا إلى طهران وكابول. لم يكن تنظيم القاعدة مرتبطا فقط بطالبان. وفي السنوات السابقة، اتهم بعض المسؤولين الأميركيين إيران بالارتباط بتنظيم القاعدة، مستشهدين بوثائق رفعت عنها السرية.

ثامنًا، طالبان الآن في ورطة سياسية عميقة. ولا تزال علاقتها بالقاعدة والجماعات الجهادية الأخرى قوية جدا. يجب أن تكون هذه المجموعة جاهزة للثأر. بخلاف ذلك، قد يتصرف تنظيم القاعدة بشكل منفصل عن طالبان، بل قد يشكل خطرًا على حكم طالبان، خاصة بعد ظهور شائعات عن كشف طالبان عن مكان وجود الظواهري. إذا لم تتفاعل طالبان وفقا لإرادة تنظيم القاعدة، فإن غالبية أعضاء طالبان المتشددين والساخطين قد ينجذبون إلى شبكة القاعدة ويصطفون ضد طالبان. وهذا من شأنه أن يزيد الضغط على طالبان ويجبر الحركة على التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة وحلفائها وأخذ إمكانية أي شكل من أشكال العصيان من طالبان.

ما النتيجة؟

بقتل الظواهري، حققت الولايات المتحدة أهدافًا استراتيجية عدة:

  • إظهار القدرة العملياتية الأميركية في أفغانستان وإمكانية التأثير على طالبان لإظهار للعالم أن الانسحاب الأميركي واتفاق الدوحة لم يكونا خطأ.
  • إحداث تصدعات في صفوف الجماعات الإرهابية لاستخدام كل منها في المستقبل لغرض محدد.
  • الضغط على طالبان وتهديدها بجماعات إرهابية مثل القاعدة للحفاظ على النفوذ الأميركي على الحركة.
  • شن حرب دعائية لصالح القوة العملياتية والاستخباراتية الأميركية في المنطقة، ما يدل على الهيمنة الاستخباراتية الكامل على أفغانستان.
  • إرسال رسالة واضحة للجماعات الإرهابية الأخرى: قد تواجه نفس المصير إذا لم تطع الولايات المتحدة.
  • إخراج جماعة حقاني من قبضة الاستخبارات الباكستانية.


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "إيران ديبلوماسي" الإيراني