يفكر الكرملين في ما إذا كان سيستخدم أسلحة نووية منخفضة الطاقة في أوكرانيا. ما هي هذه الأسلحة؟ ما هي المخاطر التي يجب أن يوازنها بوتين بين الهزيمة العسكرية والتصعيد والعزلة الدولية؟

إيلاف من بيروت: في الأسابيع الأخيرة، سمعنا الكثير عن احتمال استخدام الجيش الروسي أسلحة نووية تكتيكية، قيل أنها تصعيد محتمل للصراع يدفع الكرملين إلى الزاوية. لكن لنفهم هنا ما هو السلاح النووي التكتيكي. بادئ ذي بدء، لا تعريف عالمياً له، حتى في عام 2018 أعلن وزير الدفاع الأميركي آنذاك جيمس ماتيس أن "أي سلاح نووي هو عامل استراتيجي لتغيير قواعد اللعبة"، وبالتالي لم يميز بين التكتيكيات والاستراتيجيات. كان ماتيس يشير في الغالب إلى العواقب السياسية لاستخدام الأسلحة النووية،

تم تصميم الأسلحة النووية بشكل عام منذ الثمانينيات لاستخدامها في ساحة المعركة، وبالتالي فإن الخصائص الرئيسية مقارنة بالأسلحة الاستراتيجية هي المدى الأقصر، والقدرة التفجيرية الأقل (العائد)، والتداعيات المنخفضة، أي تداعيات المواد المشعة بعد التفجير.

قوة تفجيرية عالية

بالنسبة للقوة التفجيرية، الأسلحة الذرية الوحيدة التي استخدمت كانت تلك التي ألقتها الولايات المتحدة على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، بقنبلتين من 15 و20 كيلوطنًا على التوالي. ما يعني أن القوة التي تم إطلاقها أثناء التفجيرات كانت تعادل 15 و20 ألف طن من الديناميت، القوة التي قتلت فورًا نحو 70 ألف نسمة.

القوة التفجيرية للأسلحة التكتيكية الموجودة في الترسانتين الروسية والأميركية متنوعة للغاية: تتراوح بين أعشار كيلوطن وحوالي 50 كيلوطن. بالمقارنة، تتراوح الأسلحة النووية الاستراتيجية من 100 كيلوطن إلى أكثر من ميغا طن، أي مليون طن من مادة تي إن تي.

كانت الأنظمة المتوسطة والطويلة المدى موضوع المعاهدات بين الأطراف التي حدت من إنتاجها، ما أدى في بعض الأحيان إلى الإزالة المادية للأنظمة نفسها، بهدف كبح دوامة الدمار التي ستتبع الصدام بين القوى النووية. من ناحية أخرى، لم تتعرض الأسلحة النووية التكتيكية للقيود بين الدول، بسبب وضعها كسلاح "ثانوي".

تمتلك واشنطن قرابة 200 قنبلة تزن بين 0.3 و 170 كيلوطن، يقع نصفها على الأراضي الأوروبية في إيطاليا وألمانيا وتركيا وبلجيكا وهولندا. لموسكو حوالي 2000 قنبلة، من قوة أقل قليلا، تصل إلى 100 كيلوطن. يمكن إطلاق هذه القنابل من طائرة أو سفينة من الأرض، وما يزيد من تعقيد الموضوع حقيقة أن معظم هذه الصواريخ يمكن أيضًا تسليحها برؤوس حربية تقليدية، كما فعلت روسيا في الحرب.

سياسة واستراتيجيا وتداعيات

فلنطبق هذه العناصر على الوضع في ميدان أوكرانيا. تدور الاعتبارات التي يجب على الكرملين أن يتخذها أساسًا حول ثلاثة أنواع من العواقب: السياسية، والاستراتيجيا، والتداعيات. تمامًا كما هو الحال بالنسبة للأسلحة النووية الاستراتيجية، حتى الأسلحة التكتيكية تطلق مواد شديدة الإشعاع أثناء الانفجار، والتي ستلوث البيئة المحيطة، مدفوعة بالانفجار نفسه وبالرياح. يصعب التنبؤ بالظاهرة بدقة لأنها تعتمد على الظروف البيئية التي يمكن أن تكون شديدة التغير. هل ستكون موسكو مستعدة لجعل جزء من الأرض غير صالح للسكن، مهما كانت "صغيرة" تدعي أنها تريد تحريرها؟ هل تستطيع القوات الروسية بعد ذلك المرور عبر تلك المنطقة؟ هل يمكن السكان الموالون لروسيا العيش في تلك المنطقة؟ هل سيكون الحليف البيلاروسي سعيدًا بحدوث انفجار نووي على بعد مائتي كيلومتر من حدوده؟ يرتبط الخطاب الاستراتيجي بهذا العنصر. هل سيكون استخدام سلاح يدمر كل شيء برصاصة واحدة مفيدًا من وجهة نظر تشغيلية؟

العنصر السياسي حساس بشكل خاص. حتى الآن، لم يطلق أحد أسلحة نووية تكتيكية في ساحة المعركة، ويُخشى أن يؤدي استخدامها إلى سهولة استخدام هذا النوع من الصواريخ. من الواضح أن القلق الآخر يتعلق بالتصعيد المحتمل إذا خاطرت قررت موسكو باللجوء إلى هذه الأداة الحربية.

لم تنكسر الجبهة الغربية في وجه الهجوم الروسي، وتواصل الصين والهند عدم عرقلة موسكو، لكن في منتدى سمرقند اشتكيا من سير الأمور. مؤكد أن تركيا، التي تعرض التوسط في الجدل حول محطة الطاقة النووية في زابوريجيا، لن تنظر بشكل إيجابي إلى استخدام روسيا سلاحًا نوويًا. باختصار، إذا كان صحيحًا أن مصير فلاديمير بوتين مرتبط الآن ارتباطًا وثيقًا بتقدم هذه الحرب، فمن الصحيح أيضًا أن النظام لا يمكنه تحمل مزيد من العزلة عن المجتمع الدولي.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "فورميكي" الإيطالي