كييف (أوكرانيا): أعربت أوكرانيا التي تعرضت بنيتها التحتية للقصف وتواجه القوات الروسية في الجنوب والشرق، عن قلقها الخميس من احتمال فتح جبهة جديدة في الشمال من بيلاروسيا، فيما قالت واشنطن إن المساعدات العسكرية المفترضة التي تقدمها طهران إلى موسكو تشمل وجود عناصر إيرانيين في القرم.

يثير تصريح البيت الأبيض مزيداً من الاتهامات ضد إيران التي استهدفها حلفاء أوكرانيا في الغرب بعقوبات الخميس لتسليمها روسيا مسيّرات انتحارية، وهو اتهام ينفيه البلدان.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي "تقديراتنا أن عناصر عسكريين إيرانيين كانوا على الأرض في القرم وساعدوا روسيا في هذه العمليات"، في إشارة إلى هجمات بمسيّرات انتحارية على مدن وبنى تحتية أوكرانية في الأيام الأخيرة.

"ساحة معركة"

في الوقت نفسه، اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمة ألقاها عن بُعد أمام المجلس الأوروبي، روسيا التي تعاني هزائم على الجبهة منذ أيلول/سبتمبر، بتحويل شبكة الكهرباء الأوكرانية "ساحة معركة" عبر استهدافها بضربات جوية لشلّ البلاد مع اقتراب فصل الشتاء.

ودعا زيلينسكي الدول الأوروبية إلى تزويد كييف دفاعات جوية أكثر تطوراً وفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على موسكو.

واتهم الرئيس الأوكراني مساء الخميس الروس بتلغيم سدّ محطة لتوليد الطاقة الكهرمائية في منطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا التي تسيطر عليها قوات موسكو.

وقال زيلينسكي في خطابه اليومي الذي ينشر على شبكات التواصل الاجتماعي "وفقاً لمعلوماتنا، لغّم إرهابيون روس وحدات محطة كاخوفكا للطاقة الكهرومائية وسدّها".

وأضاف الرئيس الأوكراني "في حالة تدمير السدّ... ستختفي قناة شمال القرم" وستكون "كارثة واسعة النطاق".

كما أعرب عسكريون أوكرانيون الخميس عن خشيتهم من أن تفتح موسكو جبهة جديدة في الشمال من بيلاروس، ما قد يهدد طرق نقل الأسلحة الغربية.

الدعم العسكري

وقال أوليكسي غروموف، نائب رئيس الأركان العامة الأوكرانية خلال إحاطة صحافية إن "خطر استئناف الهجوم على الجبهة الشمالية من قبل القوات المسلحة للاتحاد الروسي يتزايد".

وأضاف أن أي هجوم جديد قد يستهدف بشكل أكبر غرب أوكرانيا "لقطع الشرايين اللوجستية الرئيسية لتزويد أوكرانيا بالأسلحة والمعدات العسكرية".

وأكد زيلينسكي في هذا السياق أمام المجلس الأوروبي أن الاقتراح الأوكراني بنشر بعثة مراقبة دولية على الحدود بين أوكرانيا وبيلاروسيا "يزداد أهمية كل يوم".

يأتي ذلك في وقت انتقد الرئيس الأميركي جو بايدن الحزب الجمهوري مساء الخميس، متهمًا إياه بالرغبة في تقليص الدعم المالي الأميركي لأوكرانيا في حال فوز الحزب في الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني/نوفمبر.

وقال الرئيس الأميركي خلال جولة له في ولاية بنسلفانيا التي تعدّ محورية في انتخابات التجديد النصفي "يقولون إنهم إذا فازوا فمن المحتمل ألا يستمروا في تمويل أوكرانيا".

وتابع الزعيم الديموقراطي "هؤلاء الناس لا يفهمون. هذا يتجاوز أوكرانيا. هذه أوروبا الشرقية. هذا الناتو"، مضيفًا أن الجمهوريين "ليس لديهم أي فهم للسياسة الخارجية الأميركية".

عقوبات ضد طهران

في الأثناء، ركز حلفاء أوكرانيا الغربيون جهودهم الخميس على شحنات الأسلحة المفترضة التي قدمتها إيران إلى روسيا، وتبنوا حزمة عقوبات ضد طهران.

وتبنت لندن الإجراءات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي في اليوم نفسه بإعلانها فرض عقوبات جديدة على إيران تستهدف ثلاثة جنرالات وشركة أسلحة "مسؤولين عن تزويد روسيا طائرات مسيرة انتحارية" لقصف أوكرانيا.

وأقرت قبلها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عقوبات على شركة "شاهد لصناعات الطيران" الإيرانية المرتبطة بالحرس الثوري النافذ، والمسؤولين العسكريين الثلاثة بمن فيهم الجنرال محمد حسين باقري قائد أركان القوات المسلحة الإيرانية.

ورحبت كييف بالاستجابة "السريعة" من الاتحاد الأوروبي.

لكن روسيا وصفت مرة أخرى اتهامها باستخدام طائرات إيرانية بدون طيار بأنها "افتراضات خيالية".

وكان زيلينسكي قد أعلن الأربعاء أن جيشه دمر خلال شهر 233 من هذه الطائرات المسيّرة الإيرانية.

كما نفت إيران الخميس معلومات أوردتها صحيفة واشنطن بوست تفيد بأن الجمهورية الإسلامية تخطط لإرسال صواريخ إلى روسيا لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا.

وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان عبر تويتر إن هذه المزاعم "لا أساس لها".

استهلاك الكهرباء

بعد موجات عدة من الضربات الروسية على بنيتها التحتية، حدّت أوكرانيا الخميس من إمداد الكهرباء للسكان والشركات لا سيما في كييف.

وفي العاصمة الأوكرانية، حضّ رئيس البلدية فيتالي كليتشكو الشركات والمتاجر والمقاهي والمطاعم على "التوفير قدر الإمكان" في الإضاءة والإعلانات المضيئة.

وفي مناطق عدة أخرى، دعت السلطات المحلية السكان إلى تقليل استهلاكهم بعد أن دمرت روسيا 30 بالمئة من محطات الطاقة الأوكرانية في أسبوع، وفق الأرقام التي أعلنها زيلينسكي الثلاثاء.

وقالت شركة "تشيرنيفتسيوبلينيرغو" في بيان إنه تم فرض قيود على استهلاك الكهرباء خصوصًا في منطقتي لفيف وتشرنيفتسي.

إجلاء المدنيين

في جنوب أوكرانيا، أكدت الإدارة الروسية لمنطقة خيرسون أن عمليات إجلاء المدنيين قد بدأت وشملت الخميس نقل 15 ألف شخص من المنطقة التي ضمتها موسكو مؤخرًا.

وهي تعتزم نقل "ما بين 50 ألفاً و60 ألفاً" في غضون أيام قليلة إلى الضفة الأخرى لنهر دنيبر.

وقال رئيس السلطات البلدية الموالية لروسيا فلاديمير سالدو إن مدينة خيرسون المحتلة منذ الربيع، سيتم إخلاؤها في ظل تقدم القوات الأوكرانية.

وأقر الجنرال سيرغي سوروفكين الذي تم تعيينه مسؤولاً عن قيادة العمليات الروسية في أوكرانيا، الثلاثاء بأن الوضع هناك "صعب للغاية".

لكن بالنسبة لسكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أوليكسي دانيلوف، فإننا نشهد "تحضيراً لترحيل جماعي للسكان الأوكرانيين" إلى روسيا "من أجل تغيير التركيبة الإتنية في الأراضي المحتلة".

من جانبه، اعتبر المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الأسبوع تطبيق الأحكام العرفية في الأراضي الأوكرانية التي تم ضمها يظهر أن الأوكرانيين لم يرغبوا في الانضمام لروسيا على عكس تأكيدات الكرملين.

وزار بوتين مركز تدريب لجنود تمت تعبئتهم في منطقة ريازان جنوب شرق موسكو الخميس، بحسب مقطع فيديو بثه التلفزيون الروسي.