باريس: شهدت عدة جامعات في مختلف أنحاء إيران احتجاجات على مقتل مهسا أميني السبت في الوقت الذي دعا فيه قائد الحرس الثوري إلى تجنب النزول إلى الشوارع خلال تشييع ضحايا هجوم شيراز.

خلال الليل، استهدفت قوات الأمن الإيرانية مستشفى وسكناً للطلاب، وفق ما أفادت مجموعة حقوقية السبت، تزامناً مع دخول الحركة الاحتجاجية أسبوعها السابع.

توفيت أميني في 16 أيلول/سبتمبر عن 22 عاماً، بعد توقيفها في طهران لاتهامها بخرق قواعد اللباس الصارمة المفروضة على النساء في الجمهورية الإسلامية.

وحاولت القوى الأمنية جاهدة السيطرة على الاحتجاجات التي قادتها النساء وتحوّلت إلى حملة أوسع لإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية التي تأسست عام 1979.

احتجاجات طلابية

وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على الإنترنت طلابًا يحتجون السبت، وهو بداية أسبوع العمل في إيران، في جامعات في طهران وفي كرمان في جنوب إيران، ومدينة كرمانشاه في الغرب بشكل خاص.

وهتف الطلاب "بلا حياء، بلا حياء" أثناء صدامات مع رجال الأمن في إحدى جامعات الأهواز، في جنوب غرب إيران، كما ظهر في مقطع فيديو نشره موقع "1500تصوير".

احتج الطلاب على الرغم من توجه قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي إلى المتظاهرين بقوله "اليوم هو (يوم) نهاية أعمال الشغب، لا تنزلوا الى الشوارع بعد"، في كلمة أدلى بها أمام المشاركين في مراسم تشييع ضحايا الهجوم الذي استهدف مرقدًا دينيًا في شيراز الأربعاء.

وقعت مذبحة مرقد شاه جراغ في اليوم الذي شارك فيه الآلاف بذكرى أربعين وفاة أميني في أنحاء مختلفة من إيران.

وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي اعتبر الخميس أن "الشغب" يمهّد الطريق أمام "الأعمال الإرهابية"، موضحاً خلال كلمة متلفزة أن "نيّة العدو هي إعاقة تقدم البلاد ومن ثم أعمال الشغب هذه تمهّد الطريق أمام أعمال إرهابية" مثل الهجوم على مرقد شاه جراغ بشيراز.

كما أحيت جموع ذكرى متظاهرين قتلوا خلال ما وصفته منظمة العفو الدولية بانه "قمع وحشي لا يلين". فخلال مراسم أقيمت لمناسبة مرور 40 يوماً السبت على مقتل متظاهر في مدينة ديواندره (غرب إيران)، هتف المحتجون "الموت للديكتاتور"، وهو شعار يستهدف المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

تفيد مجموعات حقوقية أن شرطة مكافحة الشغب قتلت محسن محمدي (28 عاماً) بإطلاق النار عليه خلال تظاهرات في ديواندره في 19 أيلول/سبتمبر، وتوفي في اليوم التالي في مستشفى كوثر في مدينة سنندج.

مستشفى وسكن طلاب

وأفادت منظمة "هنكاو" الحقوقية بأن قوات الأمن أطلقت النار باتّجاه عشرات الأشخاص الذين تجمّعوا خارج المستشفى نفسه في وقت متأخر الجمعة من أجل حماية متظاهر آخر أصيب بجروح.

وقالت المنظمة التي تتخذ من النروج مقراً "أطلقت قوى القمع النار على أشخاص تجمّعوا أمام مستشفى كوثر في سنندج للدفاع عن أشكان مروتي".

وأضافت أن "هذه القوات أرادت إلقاء القبض على أشكان مروتي بينما كان مصابا"، قبل أن تنشر على تويتر صورة قالت إنها له وهو على نقالة وبجانبه أحد المسعفين.

وبعد وقت قصير، ذكرت "هنكاو" أن قوات الأمن "أطلقت النار على سكن قريب لطلاب" جامعة كردستان للعلوم الطبية.

وفي تسجيل مصوّر تحققت فرانس برس من صحته، شوهدت قوات الأمن لدى وصولها على متن عشر دراجات نارية قبل إطلاق النار باتّجاه مبنى السكن الطلابي.

وفي تسجيل آخر تم التحقق منه أيضاً، يظهر عناصر الأمن وهم يطلقون الغاز المسيل في وقت متأخر الجمعة داخل مجمع سكني في حي شيتغار في طهران حيث نُظّمت تظاهرة حاشدة في الليلة السابقة.

وقالت "هنكاو" إن طالبات كن يهتفن في أحد شوارع كارمانشاه خلال الصباح تعرّضن لإطلاق نار من قوات الأمن، ما أدى إلى إصابة عدد منهن بجروح، مشيرة إلى أن اثنتين منهن جروحهما خطيرة.

وتواصلت الاحتجاجات رغم الحملة الأمنية التي ذكرت منظمة حقوق الإنسان في إيران (مقرها أوسلو) الجمعة أنها أسفرت عن مقتل 160 متظاهراً على الأقل، بينهم أكثر من 20 طفلاً.

زاهدان

ولقي 93 شخصاً على الأقل حتفهم في تظاهرات منفصلة اندلعت في 30 أيلول/سبتمبر في مدينة زاهدان في جنوب شرق البلاد على خلفية تقارير أفادت عن تعرّض فتاة للاغتصاب من قبل مسؤول في الشرطة، بحسب المنظمة الحقوقية.

وذكرت "وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان" (هرانا) التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرّا أنه تم إطلاق النار من بنادق رشاشة على مصلين في زاهدان لدى انتهائهم من أداء صلاة الجمعة.

وقتل 20 عنصر أمن خلال التظاهرات المرتبطة بوفاة أميني بينما قتل ثمانية غيرهم على الأقل في زاهدان، بحسب حصيلة أعدتها فرانس برس بناء على تقارير رسمية.

على الرغم من القمع، لا مؤشرات إلى احتمال تراجع حدة الاحتجاجات التي أججها الغضب الشعبي حيال الحملة الأمنية التي أودت بالعديد من الشابات والفتيات بعد مقتل أميني.

سعت إيران إلى تصوير الحركة على أنها مؤامرة دبرتها الولايات المتحدة، عدوتها اللدود.

والجمعة، اتّهمت وزارة المخابرات والحرس الثوري في بيان مشترك وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وبريطانيا وإسرائيل والسعودية بـ"التآمر" ضد الجمهورية الإسلامية عبر "إثارة أعمال شغب" في إيران وبناء شبكات من "المتواطئين" من بين أعمال أخرى.