باريس: أشعلت جنازات إيرانيين، بينهم فتى، تقول عائلاتهم إنهم قتلوا في الحملة الأمنية التي تنفّذها السلطات ضد المتظاهرين، موجة احتجاجات جديدة مناهضة للنظام في إيران.

وتواجه السلطة في إيران بقيادة آية الله علي خامنئي أكبر تحدٍّ منذ الثورة الإسلامية في العام 1979، يتمثّل في الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد منذ شهرين، على أثر وفاة الشابة مهسا أميني.

وردّت السلطات على هذه الاحتجاجات بحملة قمع أدّت إلى مقتل 342 شخصاً، وفقاً لمنظمة حقوقية، بينما حُكم على عدد من الأشخاص بالإعدام، واعتُقل الآلاف.

وقُتل عشرة عناصر من القوى الأمنية الإيرانية بين شرطة وجنود وباسيج وحرس ثوري، منذ الثلاثاء، وفق ما أفادت وكالات أنباء إيرانية قالت إنهم قتلوا طعناً أو بإطلاق الرصاص.

وتأتي الاضطرابات وسط اهتمام شديد بكيفية تصرّف المنتخب الإيراني في مونديال قطر لكرة القدم، حيث من المقرّر أن يخوض مباراته الأولى أمام إنكلترا الاثنين.

بيرفالاك

ونزل مئات الأشخاص إلى شوارع مدينة إيذة في جنوب غرب إيران خلال جنازة كيان بيرفالاك البالغ تسع سنوات، وفق صور نشرتها وكالة أنباء "إيسنا".

وقالت والدته خلال مراسم الجنازة إن كيان أصيب الأربعاء برصاص قوات الأمن علماً بأنّ مسؤولين إيرانيين شدّدوا على أنه قتل في هجوم "إرهابي" نفذته جماعة إرهابية.

وتُسمع والدته وهي تقول خلال المراسم "اسمعوا مني كيف حصل إطلاق النار، كي لا يسعهم القول إنه قتل على يد إرهابيين لأنهم يكذبون"، بحسب التسجيل الذي نشره المرصد 1500تصوير.

وأضافت "ربما اعتقدوا أننا نريد إطلاق النار أو شيئاً كهذا، وأمطروا السيارة بالرصاص ... قوات بلباس مدني أطلقت النار على طفلي. هذا ما حصل".

وفي انتقاد للرواية الرسمية للأحداث هتف متظاهرون "الباسيج، سباه ... أنتم داعشنا"، على ما يُسمع في تسجيل نشرته المنظمة الحقوقية.

والباسيج قوات تابعة للحرس الثوري، فيما سباه تسمية أخرى للحرس الثوري القوي.

وفي تسجيل آخر نشره المرصد "1500تصوير" يُسمع متظاهرون وهم يهتفون "الموت لخامنئي"، في إشارة إلى المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي.

وقالت مواقع إعلامية معارضة خارج إيران إن قاصراً آخر هو سبهر مقصودي (14 عاما) قتل بالرصاص في ظروف مماثلة في إيذة الأربعاء. وكثيراً ما تحوّلت جنازات إلى تظاهرات في حركة الاحتجاج.

وذكر التلفزيون الرسمي الإيراني إن سبعة أشخاص دُفنوا، بينهم فتى عمره تسعة أعوام، مضيفاً أنهم قتلوا على أيدي "إرهابيين" كانوا على متن دراجات نارية.

وقال هادي قائمي مدير "مركز حقوق الإنسان في إيران" ومقره نيويورك "كيان بيرفالاك، تسع سنوات، وسبهر مقصودي 14 سنة، هما من بين 56 طفلاً على الأقل قتلتهم القوات الأمنية الساعية لسحق ثورة 2022 في إيران".

وقالت "منظمة حقوق الإنسان في إيران" ومقرها في أوسلو إن شعارات منددة بالنظام أُطلقت في مدينة تبريز (شمال) خلال جنازة أيلار حقي، طالب الطب الذي يقول نشطاء إنه قتل إثر سقوطه من مبنى، محمّلين قوات الأمن مسؤولية ذلك.

في هذه الأثناء، قالت جماعة "هنكاو" الحقوقية ومقرّها في النروج، إنّ أعداداً كبيرة شاركت في جنازة آزاد حسنبور في مدينة مهاباد ذات الغالبية الكردية في شمال غرب البلاد، مشيرة إلى أنّه قُتل على أيدي قوات الأمن الخميس.

وأضافت الجماعة أنّ المشيّعون ساروا في المدينة وهم يردّدون شعارات مناهضة للنظام.

نار

كذلك، أضرم متظاهرون النار في منزل أجداد مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني في مدينة خمين الواقعة غرب البلاد، وفقاً لصور انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وتحقّقت وكالة فرانس برس من صحتها.

ولكن وكالة أنباء "تسنيم" نفت لاحقاً إضرام النيران في المنزل، مشيرة إلى أنّ "باب المنزل التاريخي مفتوح للزوار".

ويُعتقد بأنّ الخميني ولد في هذا المنزل مطلع القرن الماضي. وتمّ تحويل المنزل لاحقاً إلى متحف لاستذكار الخميني.

اندلعت الاحتجاجات في إيران منذ نحو شهرين، على أثر وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني عن عمر 22 عاماً، في 16 أيلول/سبتمبر، بعد ثلاثة أيام على توقيفها من قبل شرطة الأخلاق التي اتهمتها بانتهاك قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

ووفقاً لمنظمة حقوق الإنسان في إيران، فقد قُتل 342 شخصاً على الأقل، من بينهم 43 طفلاً و26 امرأة على أيدي القوات الأمنية خلال حملة قمع الاحتجاجات.

وتشمل هذه الأرقام 123 شخصاً قُتلوا في محافظة سيستان بلوشستان، حيث اندلعت الاحتجاجات لأسباب مختلفة ولكنّها غذّت الغضب على الصعيد الوطني.

وتعدّ سيستان بلوشستان من أفقر المناطق الإيرانية حيث يشعر سكانها الذين ينتمون إلى أقلية البلوش بالتمييز من قبل النخبة الحاكمة في طهران.

واندلعت احتجاجات جديدة في مدينة زاهدان الرئيسية التي قتل فيها العشرات على أيدي قوات الأمن في 30 أيلول/سبتمبر، وفقاً لمنظمات حقوقية. وقام الناس بنزع أعلام الجمهورية الإسلامية عن المباني، حسبما أفادت منظمة حقوق الإنسان في إيران.

وأضافت أنّ الناس في مدينة تشابهار الساحلية مزّقوا أيضاً لوحة للخميني.

وأظهرت صور نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، قوات الأمن وهي تُطلق النار، على ما يبدو، على المتظاهرين في بلدة إيرانشهر في المحافظة.

في غضون ذلك، شدّد قائد المنتخب الإيراني علي رضا جهانبخش في الدوحة، على أنّ الفريق يركّز على كرة القدم، رافضاً الخوض في كيفية الاحتفال بالأهداف.

وقال "موضوع الاحتفال قرار شخصي خاص بكل لاعب... أنتم تسألون عن النشيد الوطني وهذا أمر يجب أن يتمّ اتخاذ القرار بشأنه في الفريق، وهو ما تحدّثنا عنه بالفعل".