بوغوتا: أبرمت الحكومة الكولومبية اتفاقاً لوقف إطلاق النار لمدة ستة أشهر مع الجماعات المسلحة الخمس الرئيسية وعصابات الإتجار بالمخدرات الناشطة في البلاد، وفق ما أعلن الرئيس غوستافو بيترو ليلة رأس السنة.

وكانت الهدنة المتفق عليها من الطرفين الهدف الرئيسي للحكومة في إطار مبادرة "السلام الكامل" مع هذه الجماعات المختلفة لإنهاء الصراع المستمر على الرغم من اتفاق السلام في 2016 بين الحكومة والمسلحين الماركسيين التابعين للقوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك)، التي أصبحت حزباً سياسياً.

وكتب بيترو في تغريدة على تويتر "اتفقنا على وقف ثنائي لإطلاق النار مع جيش التحرير الوطني وسيغوندا ماركيتاليا والأركان المركزية وقوات الدفاع الذاتي غايتانيستا في كولومبيا وقوات الدفاع الذاتي في سييرا نيفادا من 1 كانون الثاني/يناير إلى 30 حزيران/يونيو 2023، وسيعتمد تمديده على التقدم المحرز في المفاوضات".

وأضاف الرئيس أنه سيتعين على التنظيمات المسلحة والدولة احترام الهدنة و"ستكون هناك آلية تحقق وطنية ودولية"، واصفاً الاتفاق بـ "الجريء".

وتولت أول حكومة يسارية في كولومبيا مهامها في 7 آب/أغسطس واستَأنفت محادثات السلام في تشرين الثاني/نوفمبر في محاولة لوضع حد لآخر صراع داخلي مسلح في القارة عبر المحادثات التي علقتها حكومة إيفان دوكي السابقة (2018-2022).

"محادثات استكشافية"

وتجري مفاوضات حالياً مع "جيش التحرير الوطني"، آخر الجماعات المسلحة التي ما زالت تنشط في كولومبيا. وأسّس نقابيون وطلاب متعاطفون مع إرنستو "تشي" غيفارا والثورة الكوبية، جيش التحرير الوطني في 1964 ويضم نحو 2500 مقاتل وشبكة واسعة من المتعاونين وفقًا لتقديرات مستقلة.

توازياً، تجري "محادثات استكشافية" منفصلة بين ممثلين للرئيس بيترو وجماعتَي سيغوندا ماركيتاليا والأركان المركزية المنشقتين عن "فارك".

ويُعد "أه جي سي" الجناح العسكري لعصابة المخدرات الكولومبية الرئيسية "كلان ديل غولفو" التي كان يقودها تاجر المخدرات دايرو أنطونيو أوسوغا، المعروف باسم "أوتونييل" والمحتجز حالياً في الولايات المتحدة بعد تسليمه.

وعلى غرار قوات الدفاع الذاتي في سييرا نيفادا، يتكون "أه جي سي" من مجموعات شبه عسكرية يمينية متطرفة تم تسريحها بين عامي 2003 و2006 خلال عهد الرئيس ألفارو أوريبي (2002-2010).

وتشهد كولومبيا أكبر منتج للكوكايين في العالم حرباً داخلية معقدة منذ نحو ستين عامًا، أدّت إلى مقتل وفقدان وتشريد أكثر من تسعة ملايين شخص من العصابات اليسارية والقوات شبه العسكرية اليمينية وتجار المخدرات وقوات الأمن.

وفي مطلع كانون الأول/ديسمبر، قدّرت الحكومة أنّ نحو عشر من الجماعات المسلحة كانت "في حالة وقف إطلاق نار ثنائي"، في حين تنشط نحو 90 مجموعة سياسية و/أو إجرامية حالياً في كولومبيا، تضم في المجموع نحو 10 آلاف عضو، وفقًا لمنظمة "إينديباز" غير الحكومية.

"السلام الكامل"

وأعلن جيش التحرير الوطني في 19 كانون الأول/ديسمبر "وقف إطلاق النار من جانب واحد" خلال موسم أعياد نهاية العام وحتى 2 كانون الثاني/يناير. وعقب الإعلان، دعت الحكومة الجماعات المسلحة الأخرى للانضمام إلى الهدنة.

وصادق الكونغرس على سياسة الرئيس بشأن "السلام الكامل" في تشرين الثاني/نوفمبر.

وأوضح السناتور الموالي للحكومة والذي يفاوض المتمردين إيفان سيبيدا، لوكالة فرانس برس ، أن الحكومة تعرض "معاملة متساهلة من وجهة النظر القضائية" على أعضاء الجماعات المسلحة مقابل تفكيكها.

ووصف الحزب المعارض التابع للرئيس اليميني السابق أوريبي اقتراح "السلام الكامل" بأنه "تبرير للجريمة وإفلات من العقاب".

وعلى الرغم من المحادثات الجارية فشلت الحكومة في وقف دوامة العنف في البلاد. وفي 2022، أحصت منظمة "إنديباز" نحو مئة مجزرة.