إيلاف من الرباط: زار طلاب يهود من مدينة مونتريال الكندية "بيت الذاكرة" بالصويرة، في إطار العودة إلى الجذور. وتميزت زيارة الوفد المكون من 50 طالبا، من أصول مغربية، بحضور أندري أزولاي مستشار الملك محمد السادس والرئيس المؤسس لـ"جمعية الصويرة موغادور"، الذي ألقى كلمة ترحيبية في الحضور، ركز فيها على ما تمثله الصويرة، متوقفا عند حاضرها المشع وتحولاتها الإيجابية، على مستوى الاحتفاء بالآخر والانتصار لقيم المشترك الذي لطالما كان أبرز عناصر الغنى التاريخي والحضاري للمغرب، المتميز بغنى مقومات هويته الوطنية التي أكد عليها دستور 2011، الذي يقول في تصديره إن "المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية - الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية".

جانب من زيارة الوفد الطلابي ل"بيت الذاكرة" بالصويرة


وعبر أعضاء الوفد عن شعور بالانتماء للمغرب وافتخارهم باحتضان المغاربة لهم، مشيدين بحرارة اللقاء وأهمية الزيارة التي مكنتهم من التعرف على تراثهم الأصيل. كما شددوا على أمل العودة في مجموعات أخرى، لمزيد من تعريف طلاب من ديانة يهودية وأصول مغربية على تراث أجدادهم، تأكيدا لاختيار العودة إلى الجذور.
يشار إلى أن "بيت الذاكرة"، الذي يقع بالمدينة العتيقة للصويرة، هو فضاء تاريخي، ثقافي وروحي لحفظ الذاكرة اليهودية المغربية وتثمينها، وفريد من نوعه بجنوب البحر الأبيض المتوسط وفي العالم الإسلامي.
ويحتضن هذا الصرح الروحي والتراثي، بعد أشغال ترميمه، كنيس "صلاة عطية" ودار الذاكرة والتاريخ "بيت الذاكرة"، و"المركز الدولي للبحث حاييم وسيليا الزعفراني" حول تاريخ العلاقات بين اليهودية والإسلام.
و"بيت الذاكرة"، كما يقول أندري أزولاي، هو "بيت للذاكرة والتاريخ"، كما يعد "بمثابة تلك البوصلة المغربية، التي يحتاجها العالم اليوم، عالم يبحث عن مرجعيات، عالم يدير ظهره لكل القيم، التي هي في الأصل قيم بلدنا، بقيادة أمير المؤمنين".
ويعد "بيت الذاكرة"، الذي يجعل من كنيس "صلاة عطية" مركز جاذبيته، مكانا للذاكرة يروي بواسطة المعروضات والنصوص، والصورة والشريط، تلك الملحمة الفريدة للديانة اليهودية بمدينة الصويرة وموروثاتها، انطلاقا من طقوس تقديم الشاي، مرورا بفن الشعر اليهودي، ثم صياغة الذهب والفضة، والطرز، وخياطة القفطان، فالفنون الثقافية، والأدب، والعادات الصويرية بالكنيس، وصولا إلى المحلات التجارية الكبرى التي شكلت إشعاع موغادور في القرنين 18 و19.
كما أن "بيت الذاكرة"، الذي يقدم ويشرح جميع مراحل حياة اليهود بالصويرة، منذ الميلاد إلى الوفاة، ومنذ بلوغ الشاب اليهودي سن الـ13 (بار ميتزفاه) إلى بلوغ سن الزواج، يعتبر أيضا فضاء بيداغوجيا ( تربويا) بفضل "المركز الدولي للبحث حاييم وسيليا الزعفراني" حول تاريخ العلاقات بين اليهودية والإسلام، والذي يشكل فضاء للتبادل بين الباحثين من مختلف الآفاق، وفضاء للتشارك ومقاومة فقدان الذاكرة.