استيقظت كل من تركيا وسوريا، فجرالإثنين، على وقع زلزال مدمر بلغت قوته 7.9 درجة بمقياس ريختر.

ولم تستقر بعد حصيلة ضحايا الزلزال، إلا أن التقديرات الأولية تشير إلى سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى إضافة إلى انهيار عدد كبير من المباني وحصار العشرات تحت الأنقاض.

وتزامن الزلزال مع عاصفة ثلجية، ما زاد من هول الكارثة، إذ واجهت فرق الإنقاذ صعوبات في الوصول إلى الضحايا، لا سيما في الشمال السوري.

كيف بدأ الزلزال؟ ومن أبرز المتضريين؟

وهذه الهزة الأرضية هي الأشد على تركيا منذ زلزال أرزينجان عام 1939، بحسب ما ذكره الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. وقد أودى زلزال أرزينجان وقتها بحياة أكثر من 32 ألف شخص.

ويخشى خبراء أن تكرر تلك الحصيلة في هذه المرة.

https://twitter.com/Arab_Storms/status/1622552262877843456?s=20&t=oqKmMByufslG8v5f2Z6k3w

وضرب الزالزل أولا ولاية كهرمان مرعش التركية وتبعته هزات ارتدادية عنيفة طالت ولاية غازي عنتاب ومعظم مناطق الجنوب التركي، إضافة لعدة محافظات سورية، أبرزها إدلب وحلب وطرطوس واللاذقية وحماة.

كما شعر به سكان قبرص ولبنان والأردن والعراق ومصر.

https://twitter.com/SyriaCivilDefe/status/1622527268785475584?s=20&t=s22TJYyyUZszJCd9tEImsQ

وقد تضررت قلاع تاريخية ومبان أثرية في تركيا وسوريا نتيجة الزلزال المدمر. ومن بينها قلعة غازي عنتاب التاريخية التي تهدمت أجزاء منها، وفق ما ذكرت رويترز .

كما تعرضت منازل عتيقة في مدينتي بيروت وطرابلس للعديد من التصدعات، ما اضطر الناس للاحتماء بالشوراع.

https://twitter.com/salmanonline/status/1622432251593084931?s=20&t=vLvReFTJP7N3NqTdgnw1Rw

ومن لم يشعر بارتدادات تلك الهزة الأرضية لا بد أنه تابعها عبر منصات التواصل الاجتماعي التي ضجت بمقاطع مصورة نقلت آلام وصدمة المتضررين.

https://twitter.com/sabah/status/1622463647762075652?s=20&t=qOxiFWxby1lmVK94rLdGYQ

لحظات مروعة

في مدينة ملاطية التركية، كانت أوزغول كوناكجي أوفر حظا من غيرها. فقد نجت وعائلتها من المبنى المكون من 5 طوابق.

وتقول في حديث مع بي بي سي تركي إن المبنى الخاص بها تعرض لبعض الأضرار ، لكن المباني الخمسة المحيطة به دُمرت بالكامل ولم يتبق منها سوى كومة من الخرسانة.

وكانت أوزغول مستلقية بجانب أختها على الأريكة عندما باغتهما الزلزال وتضيف " نظرنا إلى بعضنا البعض لنرى ما إذا كان أحدنا يقوم بهز الأريكة، ثم نظرت للثريا التي كانت على وشك السقوط وبعدها هرعنا نحو ابن أخي البالغ من العمر 3 سنوات وركضنا خارج المبنى".

رغم أنها عايشت زلزال عام 2020 الذي بلغت قوته 6.8 درجة، إلا أن أوزغول لم تخف صدمتها لهول وقوة الهزة الأخيرة مؤكدة أن "تأثيراتها كبيرة للغاية، وقد يصعب احتواؤها".

وتكمل"لقد سمعنا تصدع المباني ، فجميعها تضررت تقريبا. جهود البحث والإنقاذ مستمرة" وتختم "الجو بارد جدا والثلج يتساقط الآن. الجميع في الشوارع ، والناس مرتبكون بشأن ما يجب القيام به. وحتى الآن لا توجد خيام هنا حيث ننتظر".

أما الناشط السوري هادي العبد الله فشبه تأثيرات الزلزال بـ "يوم القيامة". ويقول في سلسلة تغريدات على توتير" لقد تسبب الزلزال في انهيارات سكنية كبيرة في مناطق إدلب وريفها. ومع كل دقيقة تمضي تتكشف مأسأة جديدة وتظهر لنا أعداد كبيرة من الضحايا".

https://twitter.com/HadiAlabdallah/status/1622412632295723008?s=20&t=LIBb1xs63UAH1t5IsQs4_w

الوضع في الشمال السوري

ويخشى مغردون ونشطاء من تعبات وخيمة للزلزال على سكان الشمال السوري، الذي يعاني أصلا من سوء البنية التحتية وغياب المرافق الصحية اللازمة.

ويعتمد جل سكان تلك المناطق على تدفق الغذاء والدواء والمساعدات الأخرى الضرورية عبر الحدود التركية.

لذا يحذر بعضهم من حدوث موجة نزوح جديدة قد تفاقم الأوضاع و تخلط الملفات السياسة بالملفات الإنسانية.

وتنقل التغريدات والصور المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي معاناة سكان بلدات حدودية في ريف محافظة إدلب.

إذ يقول نشطاء إن الزلزال دمر المباني المتواضعة التي أقيمت في مخيمات النازحين التي تستضيف سوريين فروا من الحرب على مدى سنوات.

فيما يتناقل آخرون مقاطع مصورة لعشرات الأمهات السوريات وهن يكافحن للوصول لفلذات أكبادهن بعد توقف خدمة الانترنت والهاتف .

https://twitter.com/SyriaCivilDefe/status/1622621720648491009?s=20&t=q_Cev9hJCHSIU2n4R0kj2w

كذلك تداول نشطاء سوريون صورا ومقاطع عديدة تظهر حجم الدمار الواسع جراء انهيار عشرات الأبنية في مدن وبلدات محافظتي حلب.

ولعل أبرز تلك المقاطع وأكثرها انتشارا مقطع يوثق لحظة انهيار مبنى مكون من عدة طوابق في حي الكلاسة بحلب وسط صراخ ودعوات المارة.

https://twitter.com/HoseinMortada/status/1622496285910597634?s=20&t=vLvReFTJP7N3NqTdgnw1Rw

كما نشر الدفاع المدني السوري فيديو يوثق لحظة انتشال أب وابنه من تحت الأنقاض في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي.

https://twitter.com/SyriaCivilDefe/status/1622510305853988864?s=20&t=s22TJYyyUZszJCd9tEImsQ

كذلك، نشر حساب مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية خريطة حية مشفرة بالألوان لإيضاح حجم الأضرار التي طالت مناطق في شمال سوريا.

ويشير اللون الأحمر إلى الدرجة القصوى، فيما يرمز اللون الأصفر إلى الدرجة المتوسطة والأخضر للمناطق الآمنة نسبيا.

https://twitter.com/UNOSAT/status/1622555839037841409?s=20&t=ZEO2VOPgM7ZBbzRbZacTrQ

هل يمكن التنبؤ حقا بحدوث الزلازل؟

وكأي حدث جيولوجي كبير، سارع الخبراء والمواطنون العاديون للبحث عن مسببات الزلزال و إيجاد آليات لتجنبه مستقبلا.

وهنا برزت تغريدة مثيرة للجدل لرجل يعرف نفسه على أنه خبير هولندي وباحث في شؤون الزلازل.

ففي 3 فبراير / شباط الحالي، نشر فرانك هوغيربيتس تغريدة كتب فيها " عاجلا أو آجلا سيقع زلزال بقوة 7.5 درجة في منطقة جنوب وسط تركيا والأردن وسوريا ولبنان.

https://twitter.com/hogrbe/status/1621479563720118273?s=20&t=br3xnw3l8-M5TT-C9ST_Tw

وبعد وقوع الزلزال، نشر فرانك تغريدة أعرب فيها عن أسفه وتضامنه مع المتضررين.

وشرح لاحقا أسباب توقعاته بالاستناد على "هندسة كوكبية حساسة"، إذ قال :" على غرار عامي 115 و526، هذه الزلازل عادة ما تسبقها هندسة كوكبية دقيقة، وهذا ما رصدته في 4 و5 فبراير".

https://twitter.com/hogrbe/status/1622473107318398977?s=20&t=br3xnw3l8-M5TT-C9ST_Tw

حظيت تغريدات فرانك باهتمام منقطع النظير وتم تداولها مئات المرات عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي.

ورغم تنبوائته الصائبة، يؤكد معظم المختصين على عدم وجود آلية لتحديد وقت وتاريخ وقوع الزلازل.

وحتى مع توصل إليه العلم من أجهزة متطورة، تعد إمكانية التنبؤ بحدوث هزة أرضية مسألة معقدة للغاية. فخلافا للبراكين التي يمكن التنبؤ بثورانها قبل فترة، لا يوجد أساس علمي للتنبؤ بالزلازل.

وتتحرك المستشعرات الزلزالية في خيوط متعرجة فقط أثناء حدوث الاهتزازات الأرضية. ويتطلب إجراء تنبؤات موثوقة إشارات طليعية - وحتى الآن، لم يعثر العلماء على أي إشارات يبدو أنها تحدث باستمرار قبل الزلازل الكبيرة.

من ناحية، يمكننا حساب احتمالات أن الزلازل الكبيرة ستضرب مناطق جغرافية واسعة على مدار سنوات أو عقود -وهذا ما يسمى بالتنبؤ. من ناحية أخرى ، يمكن لأنظمة الإنذار المبكر أن تنقل أخبار الهزات الأولى للأشخاص على مسافة بعيدة ، مما يمنحهم ثوان لتجهيز أنفسهم. لكن الهدف النهائي المتمثل في التحديد الدقيق لوقت وموقع وحجم الزلزال في المستقبل هو أمر بالغ الصعوبة .

أما ما يتداوله البعض من وقت إلى آخر عن قرب حدوث زلزال، فيتم افتراضه على أساس مقارنات تاريخية لاحتمالية تكرار وقوع هزات أرضية في منطقة زمنية معينة، إلا أن ذلك لايعني حتمية وقوعها.