إن الرسائل المتضاربة التي توجهها إدارة بايدن حول أهمية المعلومات المستجدة عن التخصيب ستجعل من الصعب تحديد الخطوات التالية.

إيلاف من بيروت: يبدو أن قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم ترتبط في بعض الأحيان ارتباطًا وثيقًا بقدرة واشنطن على إرباك النقاش. فقبل عشرة أيام، تبيّن أن أجهزة الطرد المركزي في طهران كانت تخصّب إلى مستوى يصل إلى 84 في المائة وهو قريب جدًا من مستوى 90 في المائة المقبول عمومًا لصنع قنبلة ذرية.

يقول سايمون هندرسون، وهو "زميل بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن: "لكن يوم الأحد الماضي، صرّح مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز لبرنامج "فيس ذي نيشن" على قناة "سي بي أس نيوز إنه في حين قد تكون إيران على بُعد أسابيع قليلة من الحصول على مثل هذا اليورانيوم العالي التخصيب، إلّا أننا لا نعتقد أن المرشد الأعلى في إيران قد اتخذ بعد قرارًا باستئناف برنامج التسليح الذي نعتقد أن إيران علّقته أو أوقفته في نهاية عام 2003".

12 يومًا

بعد ذلك، قال وكيل وزارة الدفاع الأميركية للشؤون السياسية، كولن كال، للجنة في الكونغرس، في 28 فبراير، إن إيران قد تنتج ما يكفي من المواد الانشطارية (اليورانيوم عالي التخصيب) لصنع قنبلة نووية واحدة في "حوالي 12 يومًا". وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها إدارة بايدن بمثل هذه الصراحة الدقيقة.

يضيف هندرسون: "إذًا، هل يُقال لنا "اجلسوا واهدأوا وتماسكوا" أم لا؟ في ما يبدو أشبه بفيلم إثارة سريع الإيقاع (أو ربما مسرحية هزلية)، عرضت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا في 28 فبراير أحدث تقرير لها عن إيران على الدول الأعضاء في مجلس المحافظين، كما سمحت لمجموعة مختارة من الصحفيين بقراءة التقرير وتدوين الملاحظات، ولكن من دون أخذه معهم. وبالنتيجة، جاهرت العناوين الرئيسية بأن نسبة 84 في المئة كانت صحيحة بشكل أساسي - على الرغم من أنها كانت في الواقع 83.7 في المئة، على وجه الدقة". تم اكتشاف ذلك بعد أن كشفت عملية تفتيش أجهزة الطرد المركزي في منشأة فوردو الإيرانية، المبنية في عمق أحد الجبال، عن تغيير في أعمال الأنابيب. وفي الأيام التي كانت فيها إيران أكثر تعاونًا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كانت معدات المراقبة لتكشف عن ارتفاع مستوى التخصيب. ولكن هذه المرة، كان على المفتشين أخذ عينات ممسوحة وإعادتها إلى فيينا لتحليلها، وهي عملية أبطأ كثيرًا.

لا دليل

أقرّ رئيس بيرنز بأنه على الرغم من عدم وجود دليل على التسلح (النووي)، "إلا أن ارتفاع مستويات المواد المخصَّبة وكمياتها يثير القلق، شأنه شأن التقدم المحرز في برنامج الصواريخ الإيراني، وهو الطريقة المفترضة لإطلاق هذه المواد". من جانبه، أفاد كال أن الكميات تجاوزت كثيرًا تلك المسموح بها بموجب "خطة العمل الشاملة المشتركة" الهامدة، والتي انسحب منها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في عام 2018. وقال كال للجنة الكونغرس إن حل القضية دبلوماسيًا "أفضل من الخيارات الأخرى". ولم يتضح ما إذا كان الخيار العسكري يمكن أن يكون حاسمًا.

يختم هندرسون مقالته بالقول: "غير أن التحدي المباشر للدبلوماسية هو إنكار إيران المتواصل لأي نيةٍ لديها لصنع قنبلة ذرية. وربما نواجه احتمال تكرار التقدم الذي أحرزته الهند وما قامت به في عام 1974، عندما وصفت التفجير في منطقة صحراوية نائية بأنه تفجير نووي سلمي. وهذا الوضوح هو ما تريد واشنطن تجنبه. ولكن كيف؟".