بيروت: قُتل ثمانية مقاتلين موالين لإيران جراء ضربات جوية "دقيقة" أعلن الجيش الأميركي تنفيذها في شرق سوريا ليل الخميس الجمعة، رداً على هجوم بطائرة مسيّرة أسفر عن مقتل متعاقد أميركي وجرح ستة آخرين.

واستهدف هجوم بطائرة مسيّرة، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، "منشأة صيانة في قاعدة لقوات التحالف قرب الحسكة في شمال شرق سوريا"، ما ادى الى مقتل "متعاقد أميركي، وإصابة خمسة من أفراد الخدمة الأميركية ومقاول أميركي آخَر".

وأعلن البنتاغون أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تعتبر الطائرة بدون طيار "من أصل إيراني". وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إنه بتوجيهات من الرئيس جو بايدن أذن "لقوات القيادة المركزية الأميركية بشن ضربات جوية دقيقة الليلة في شرق سوريا ضد منشآت تستخدمها مجموعات تابعة للحرس الثوري الإيراني".

أهداف الضربات الأميركية
وطالت الضربات الأميركية، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة، مواقع عدّة في شرق سوريا، أبرزها مستودع أسلحة لمجموعات موالية لإيران داخل مدينة دير الزور، ما أدى الى تدميره بالكامل ومقتل ستة من عناصرها. كما استهدف القصف مواقع في بادية مدينة الميادين وريف البوكمال، ما أدى الى مصرع مقاتلين اثنين مواليين لطهران.

ويقدّر المرصد وجود نحو 15 ألف مقاتل من المجموعات العراقية والأفغانية والباكستانية الموالية لإيران في محافظة دير الزور، الغنية بالنفط، وتحديداً في المنطقة الممتدة بين مدينتي البوكمال الحدودية مع العراق ودير الزور مروراً بالميادين.

وتعدّ المنطقة الحدودية طريقاً مهماً للكتائب العراقية ولحزب الله اللبناني كما المجموعات الأخرى الموالية لإيران، لنقل الأسلحة والمقاتلين. كما تستخدم أيضاً لنقل البضائع على أنواعها بين العراق وسوريا. وغالباً ما يتم استهدافها بغارات يتبنى التحالف عدداً منها ويُنسب بعضها إلى اسرائيل.

وجاءت الضربات الأميركية، وفق أوستن، "رداً على هجوم اليوم (أمس) وسلسلة من الهجمات الأخيرة ضد قوات التحالف في سوريا من جانب مجموعات تابعة للحرس الثوري".

وأضاف "كما أوضح الرئيس بايدن، سنتخذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن شعبنا وسنرد دائمًا في الوقت والمكان اللذين نختارهما".

التحالف الدولي
وتم الإعلان الأميركي عن الضربات بينما كان بايدن قد توجه إلى كندا، حيث من المقرر أن يجتمع مع رئيس الوزراء جاستن ترودو ويلقي كلمة أمام البرلمان.

وعولج اثنان من أفراد الخدمة العسكرية الأميركية الخميس في الموقع بينما تم على الفور إجلاء الجنود الثلاثة الآخرين والمقاول الأميركي الآخَر إلى العراق، بحسب البنتاغون.

وتقود واشنطن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وينتشر 900 جندي أميركي ضمن قوات التحالف في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد، ويتواجدون في قواعد عدة في محافظة الحسكة (شمال شرق) والرقة (شمال) ودير الزور (شرق).

وتشكل واشنطن الداعم الرئيسي لقوات سوريا الديموقراطية، وعمودها الفقري الوحدات الكردية، التي قادت معارك على جبهات عدّة ضد تنظيم الدولة الإسلامية وأعلنت في آذار/مارس 2019 دحره من آخر معاقله.

وتتعرّض قواعد للتحالف والقوات الأميركية بشكل دائم لاستهداف عبر طائرات مسيّرة وبصواريخ، تقف خلفها مجموعات موالية لطهران حينا وخلايا تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية حينا آخر.

مجموعات موالية لطهران
وسبق للولايات المتحدة أن استهدفت مواقع تابعة لمجموعات موالية لطهران. ففي آب/أغسطس الماضي، أمر بايدن بشن ضربات انتقامية مماثلة في محافظة دير الزور بعدما استهدفت طائرات مسيّرة عدة موقعًا لقوات التحالف من دون أن تتسبب في أي إصابات.

وجاء الهجوم في اليوم نفسه الذي أعلنت فيه وسائل إعلام رسمية إيرانية مقتل جنرال في الحرس الثوري قبل أيام "خلال مهمة في سوريا بوصفه مستشاراً عسكرياً".

وفي الأعوام الأخيرة، فقد الحرس العديد من كوادره في المعارك ضد "الإرهاب" في سوريا والعراق، حيث أكدت إيران حضورها الميداني بدور "استشاري".

وتعدّ إيران داعماً رئيسياً لدمشق. وقدمت لها منذ بدء النزاع في العام 2011 دعماً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. وقد بادرت في العام 2011 إلى فتح خط ائتماني لتوفير احتياجات سوريا من النفط بشكل خاص، قبل أن ترسل مستشارين عسكريين ومقاتلين لدعم الجيش السوري في معاركه. وقد ساهم هؤلاء في ترجيح الكفة لصالح القوات الحكومية على جبهات عدة.

وتشهد سوريا منذ عام 2011 نزاعاً دامياً متشعب الأطراف، تسبّب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.